2024-09-29

البنك الأوروبي لإعادة التعمير والتنمية: 1٫2 نسبة النمو في تونس لسنة 2024.. و1٫8 % سنة 2025

«ستظل نسبة النمو الاقتصادي في تونس متواضعة، في مستوى 1,2 % سنة 2024 على أن تبلغ 1,8 %سنة 2025 مدعومة بانخفاض التضخم وتضييق عجز الحساب الجاري واستمرار جهود الإصلاحات» هذا ما أكده تقرير الآفاق الاقتصادية الإقليمية الذي أصدره البنك الأوروبي لإعادة التعمير والتنمية بحر الأسبوع الجاري.

وأشار التقرير الى ان تحسن مردودية قطاع السياحة والخدمات المالية وبعض القطاعات الصناعية (الميكانيكية والكهربائية) عوضت ضعف موارد قطاع الفلاحة والتعدين موضحا ان تفاقم الديون الخارجية وضعف الاقتصاد في مواجهة الصدمات الخارجية والمناخية تعد من أهم المخاطر السلبية المهددة لنمو الاقتصاد.

صدر هذا التقرير بعد أيام قليلة من صدور تقرير البنك المركزي التونسي الذي نشر بيانات اقتصادية تؤكد استمرار الاتجاه التصاعدي للنمو الاقتصادي والذي سيكون مدعوما بانتعاش الطلب الخارجي والتحسن التدريجي للطلب الداخلي.

وأكدت بيانات البنك المركزي «ان النمو الاقتصادي المسجل في الفترة السابقة (1 %) كان إيجابيا لكنه كان بطيئا بما يعكس الأداء الضعيف للعديد من القطاعات الرئيسية، وخاصة البناء والمناجم والطاقة متوقعا ان ترتفع نسبة نموا في حدود 2٫1 % موفى السنة الجارية. وهي نسبة تقارب توقعات البنك الدولي الذي أكد في تقريره المعنون «الطاقة المتجددة للاقتصاد» بان  تونس ستحقق معدلات مقدرة بـ2.4 % موفى هذه السنة، و2.3 % سنتي 2025-2026 وهي أيضا نسب تقارب توقعات البنك الافريقي للتنمية الذي اوضح ان نمو اقتصاد تونس سيرتفع الى نسبة 2.1% سنة 2024 والى 3.2% خلال 2025 .

وأشادت كل هذه المؤسسات المالية بتحسن الميزان الخارجي وتراجع العجز التجاري بفضل الأسعار العالمية المواتية مشيرة الى حاجة الاقتصاد الى التمويل الخارجي وضرورة معالجة العوامل المعطلة للنمو بما في ذلك العجز في الطاقة، خدمة الديون وضعف مستوى الاستثمارات الخارجيّة.

وفي حقيقة الأمر تبدو هذه التوقعات مشجعة ومطمئنة، إلا ان المتابع للوضع الاقتصادي يدرك ان تحقيق نسبة النمو المرجوة صعب لاسيما في ظل ضعف مردودية القطاعات الحساسة المحركة للاقتصاد الوطني على غرار قطاع الفسفاط والمحروقات والتصدير. هذه القطاعات التي بدأت مؤخرا تشهد انتعاشة ملحوظة إلاّ أنّها دون المأمول ومؤشراتها التي تجاوزت الدائرة الحمراء غير قادرة لوحدها على الترفيع في النمو من نسبة لم تتجاوز 1% (سنة 2023) الى نسبة تفوق 2% (سنة 2024).

وفي ظل وجود مؤشرات اقتصادية مجسمة لبداية الانتعاشة الاقتصادية مثل تحسن نسق الصادرات التونسية وارتفاع مردودية قطاع السياحة فان تحسن نسبة النمو «ممكن» لكن من الصعب ان تكون في مستوى التوقعات المذكورة . الأمر الذي يجعل من توقعات شركة «بي.إم.آي» للأبحاث التابعة لفيتش سوليوشنز «الأقرب للتحقيق» حيث توقعت هذه الأخيرة ارتفاع نسبة نمو الاقتصاد التونسي إلى حدود 1.6% في 2024، ويجعل من نسب النمو المسجلة في السنوات الأخيرة «ضعيفة ودون المأمول» لانه اقتصاديا لا يمكن لنسبة لم تتجاوز بعد 1% ان تحل المشاكل الاجتماعية على غرار الفقر والبطالة وان تضع حدا للدين العام المتراكم المقدر بـ140 مليار دينار تونسي أي قرابة 79.8 % من الناتج المحلي الإجمالي.

وعموما سواء ارتفعت نسبة النمو الى أكثر من 2  % وفق تقديرات البنك المركزي وغيره من المؤسسات المالية الأخرى أو الى 1% كما تتوقع مؤسسة «فيتش سوليوشنز» فان هذه المعدلات تبقى دون الإمكانيات الحقيقية للاقتصاد الوطني والفرص المتاحة لقطاعاته الحيوية التي لو استرجعت نشاطها الكلي كما كان الوضع قبل 2010 لحققت نتائج ايجابية وتحسنت مردوديتها الاقتصادية وارتفعت بذلك نسبة النمو لأكثر من 6 % كما توقع أساتذة الاقتصاد سابقا معتمدين على فرضية ان 10 سنوات كافية للنهوض بالاقتصاد والقيام بالإصلاحات المرجوة وعودة حلقة الانتاج الى سالف نشاطها .

غير ان توقعات هؤلاء الخبراء لم تتحقق وظلت مجرد أرقام بسبب تتالي الأزمات السياسية والاجتماعية التي عاشتها تونس طيلة العشرية الأخيرة وزادت كل من جائحة كورونا وتوسع رقعة الحروب في تعميق الأزمة الاقتصادية.

ولان تونس قطعت شوطا كبيرا في الإصلاحات الهيكلية الداعمة للاقتصاد الوطني وتعمل جاهدة على مواصلة هذه الإصلاحات بات من الضروري بذل جهود أكثر تكون استثنائية وقادرة على إحداث صدمة إيجابية ترفع من نسب النمو الى معدلات «طيبة وملموسة» .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

أستاذ الاقتصاد كريم الطرابلسي: لا بد من قانون مالية تكميلي لسد ثغرات القانون الأصلي

بموجب الفصل 40 من القانون الأساسي للميزانية عدد 15 بتاريخ 13 فيفري 2019 يتم كل سنة إعداد م…