ملف استرداد الأموال المنهوبة: ضرورة إدراج الملف في استراتيجيات التعاون مع الاتحاد الأوروبي
مايزال ملف استرجاع الأموال المنهوبة محل جدل مجتمعي وسياسي منذ سنة 2011 لما ارتبط بهذا الملف من تعثرات في علاقة بالمسائل الإجرائية والآجال المضبوطة في التعامل مع الأرصدة المجمدة احترازيا إلى حين استكمال الإجراءات والمعمول بها دوليا والتي غالبا ما تتبعها مكاتب محاماة دولية.
وفي هذا السياق دعا وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد علي النفطي لدى لقائه مع إغناسيوكاسيس، وزير خارجية سويسرا الثلاثاء الفارط بنيويورك على أهمية تسريع عملية استرجاع الأموال المنهوبة الموجودة بسويسرا وتكثيف المساعدة القانونية المتبادلة خاصّة في ظلّ الأوضاع الراهنة وما تفرضه من تحدّيات اقتصادية. وأشار الوزير في هذا السياق إلى ما توليه تونس من أهمية لدفع مسار تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتنفيذ مضامين مُخرجات قمّة المستقبل التي انعقدت مؤخّرا بنيويورك تحت راية الأمم المتّحدة مع التطرق إلى التعاون التونسي السويسري، في مجال الهجرة المنظمة والمقاربة الشاملة التي تأخذ بعين الاعتبار مبادئ التنمية المتضامنة بين البلدين خاصّة في ما يخصّ تكوين حاملي الشهائد الجامعية وتأهيلهم للحياة المهنية.
و في تصريح لـ«الصحافة اليوم» أكد الخبير الاقتصادي كريم الطرابلسي أن ملف الأموال المنهوبة شهد إخفاقات في تعاطي الحكومات المتعاقبة مع هذا الملف حيث لم يكن من الأولويات التي وضعتها الطبقة السياسية التي حكمت تونس منذ سنة 2011 حتى أننا إلى اليوم نجهل الحجم الحقيقي لهذه الأموال.
وأكد الطرابلسي أن الاتحاد الأوروبي في فترة ما كان أكثر حرصا على متابعة الملف من الحكومات حيث لم تول الملف الأهمية المطلوبة إضافة إلى أنه لم يتم إسناد الأمر إلى الهياكل الدولية المختصة في هذه المسائل على غرار مكاتب المحاماة المشهود لها بالكفاءة الدولية في تقصي الأرصدة والأموال ورفع التجميد الاحتياطي عنها وتحويلها إلى تونس.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى ضرورة توفير إرادة سياسية لاستدراك هذه التعثرات السابقة والتسريع في الإجراءات المطلوبة لاسترجاع أكبر قدر ممكن من هذه الأموال وذلك من خلال تنشيط السياسة الديبلوماسية مع دول الاتحاد الأوروبي من خلال إدراج هذا الملف صلب استراتيجيات التعاون المشترك على غرار ملف الهجرة وحماية الحدود مؤكدا على أهمية هذه الأموال بالنسبة إلى تونس خاصة في هذه الظرفية الاقتصادية التي تمر بها.
كما يعتبر خبراء قانون أن ملف استرداد الأموال المنهوبة يُعد أحد أبرز الملفات المهمة المطروحة على الساحة، وتبذل العديد من أجهزة ومؤسسات الدولة جهوداً حثيثة لإحراز تقدم في هذا الملف، لا سيما في ظل وجود بعض التعقيدات في تحديد مكان الأموال المنهوبة موضحين أن الدول التي توجد بها الأموال التونسية المهربة لا يمكنها أن تُعيدها دون ضمانات قانونية، وبالتالي تعمل أجهزة الدولة التونسية حالياً على توفير هذه الضمانات، مع التأكيد على ضرورة تكثيف الجهود الدبلوماسية والمباحثات مع مختلف الدول التي توجد بها الأموال المهرّبة.
كما يرى متابعون أن التحركات التونسية في ملف الأموال المنهوبة ينبغي أن تسير جنباً إلى جنب مع إصلاح القطاعات العامة، وخاصة المرتبطة بحق الحياة الكريمة، مثل الصحة، والتعليم، والنقل، والغذاء، إضافة إلى قطاعات الاقتصاد، مثل الطاقة، والصناعة، والفلاحة خاصة و أن استرداد الأموال المنهوبة مصدر مهم لتعبئة موارد الدولة التونسية، والتخفيف من حدة العجز في موازنة 2024، وتجاوز تداعيات الأزمة الاقتصادية.
ومن جهة أخرى كشف تقرير أصدره المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية استنادا على دراسات جامعية دولية أن حجم الأموال المهربة في فترة نظام بن علي والممتدة بين 1987 و2010 ناهزت حوالي 39 مليار دولار مثلت 88.1 بالمائة من الناتج المحلي الخام سنة 2010 وحسب التقرير فان تهريب الأموال يتم بصفة قانونية وغير قانونية باعتبار أنه الى جانب التحويلات المتنوعة والقانونية هناك أيضا تهريب متنام وغير قانوني للأموال.
وتتم عملية التهريب خاصة عبر المؤسسات غير المقيمة والتي بلغ عددها حوالي 29 ألف مؤسسة سنة 2018 مقابل 6100 مؤسسة خلال سنة 2002 وهو ما يؤكد تضاعف عدد هذه الشركات حوالي 6 مرات خلال الفترة المذكورة.
ورغم قرارات تمديد عملية التجميد من قبل الاتحاد الأوروبي ودول أخرى بطلب من السلطات التونسية طيلة عقد كامل من الزمن الا أن الحكومات المتعاقبة فشلت في استرجاع الأموال المنهوبة وقد دخلت مؤخرا قرارات رفع التجميد حيث أعلن الاتحاد الأوروبي موفى شهر جانفي 2024 عن قرار مجلسه رفع التجميد عن أموال وأملاك عدد من أفراد عائلة الرئيس الراحل زين العابدين بن علي حيث تم حذف أسماء عدد من الأسماء من قائمة الأشخاص التونسيين المشمولين باجراءات تقييدية كان المجلس قد أعلن عنها في قراره عدد 72 2011 والمؤرخ بتاريخ 31 جانفي 2011.
رئيس الجمهورية يتلقى التقرير المالي لهيئة الانتخابات … ويتعهّد بمنح صفة الجماعة المحلية للمجالس المحلية
تلقى أمس رئيس الجمهورية قيس سعيّد لدى استقباله فاروق بوعسكر رئيس الهيئة العليا المستقلة لل…