2024-09-28

في جلسة عامة استثنائية  لتنقيح بعض أحكام القانون الانتخابي : البرلمان يصوّت من أجل تفادي «تنازع الشرعيات»

جلسة عامة في دورة استثنائية عقدها مجلس نواب الشعب أمس الجمعة، للنظر في مقترح قانون أساسي يتعلّق بتنقيح بعض أحكام القانون الأساسي عدد 16 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامها.

وقد شهدت آراء النواب انقساما خلال هذه الجلسة،بين من يعتبر أن هذا التعديل يهدف الى التصدي للخطر الداهم والتحذير من حصول فراغ بعد الانتخابات الرئاسية اثر الطعن في نتائجها من القضاء الاداري، ومن يعتبر أن الزج بمجلس النواب في المسار الانتخابي عبر تنقيح القانون لا يخدم مصلحة البلاد ولا مصداقية الانتخابات…

وقد أثار هذا المقترح جدلا واسعا خصوصا حول الفصل الثالث منه الذي يقضي بتحويل كل القضايا الجارية في الطعون الانتخابية الى المحاكم العدلية بدلا من المحكمة الإدارية.

والتنقيحات التي ستدخل على هذا القانون ستطبق حالا على الانتخابات الرئاسية لسنة 2024 بمجرد صدوره في الرائد الرسمي، كما نص على ذلك الفصل الثالث منه، وسيتم تحويل كل القضايا الجارية في الطعون الإنتخابية إلى المحاكم العدلية المختصة إذا تمّ التصويت على هذا القانون.

وفي كلمته الافتتاحية لهذه الجلسة التي حضرها 140 نائب، قال رئيس المجلس ابراهيم بودربالة انه تم اتباع جميع الاجراءات المستوجبة لهذه المبادرة التشريعية والتوصل برأي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حولها وتم تضمينه بتقرير لجنة التشريع العام، مضيفا ان رأي المجلس الاعلى المؤقت للقضاء قد ورد على البرلمان في ساعة متأخرة من يوم أول أمس الخميس وتم تسليمه الى اللجنة بكل شفافية وكيفما يقتضيه القانون واللجنة هي التي ستقدم مضمونه للجلسة العامة.

وأضاف رئيس المجلس انه سيتم التصويت على هذا القانون الأساسي بالأغلبية المطلقة أي 81 نائبا وفق ما نص عليه النظام الداخلي للمجلس في فصله 116.

وتضمن مشروع القانون 3 فصول لتنقيح 21 فصلا لتعديل اجراءات الطعن في قرارات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المتعلقة بالترشحات للانتخابات الرئاسية وبالاعلان عن قائمة المترشحين المقبولين وبتمويل الحملة ورقابتها وبالمخالفات المالية والانتخابية وبنزاعات النتائج وبالجرائم الانتخابية.

وألغت المبادرة التشريعية هذه الاختصاصات الموكولة للمحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات وأسندتها الى كل من محكمة الاستئناف ومحكمة التعقيب.

وخلال الجلسة، أعلن مقرر لجنة التشريع العام بالبرلمان ظافر الصغيري أن المجلس الأعلى المؤقت للقضاء عبّرعن رفضه لتنقيح القانون الانتخابي خلال الفترة الانتخابية، وذلك في ردّ المجلس عند طلب إبداء رأيه في هذه الخطوة.

وأضاف أن المجلس اعتبر أن سريان أحكام الفصل الثالث من مقترح القانون من سريان احكامه على النزاعات الانتخابية التي تم البت فيها يتعارض مع مبدإ حجية الأحكام الصادرة عن المحكمة الادارية بخصوص النزاعات التي تم البت فيها بالنسبة لانتخابات 2024 واتصال القضاء بشأنها وهو ما يقوّض الثقة المشروعة في القضاء ونزاهة اعماله.

تصدّ للخطر الداهم

وبيّن عدد من النواب في مداخلاتهم،أنهم اقترحوا مشروع القانون لأنهم يعتقدون أن المحكمة الإدارية «لم تعد محايدةً، وتتجه لإلغاء نتيجة الانتخابات، مما قد يغرق البلاد في الفوضى والفراغ الدستوري».

ويفيد مساعد رئيس البرلمان والمكلف بالتشريع العام حسام محجوب في تصريح لـ«الصحافة اليوم»، بأن النواب استشعروا بخطر قد يؤدي الى افراز شرعيتين بين هيئة الانتخابات والمحكمة الإدارية.مبرزا ان التعديل يهدف الى إضفاء اكثر نجاعة على جهاز الرقابة القضائية وذلك من خلال توحيد المسار القضائي..

وقال حسام محجوب بأن مشروع التعديل يتضمن 5 فصول منها فصلان يهمان الاحكام الختامية وبقية الفصول تتعلق بإحالة اختصاص المحكمة الإدارية الى محكمة الاستئناف وذلك من أجل توحيد الفصول القانونية التي من أجلها يتم إصدار الأحكام وأيضا توحيد الجهة القضائية…مشيرا إلى أن التنقيحات لا تمس من العملية الانتخابية وانما الجانب الرقابي لفض النزاعات القضائية والرقابة المالية التي كانت مقسمة، حسب تعبيره.

وقد أوضح من جانبه النائب عن كتلة امانة وعمل صابر الوسلاتي بان التنازع الحاصل اليوم بين هيئة الانتخابات والمحكمة الإدارية حول الشرعية، جعل البرلمان يتحرك ويتقدم بمبادرة من اجل حماية مسار الانتخابات الرئاسية المرتقبة والانتخابات اللاحقة ولتحقيق السلم الاهلية، على اثر دعوات وبيانات تدعو الى تقسيم التونسيين والبرلمان حول هذا الجدل.

وفي نفس السياق ذكر النائب ورئيس كتلة الخطّ الوطني السّيادي يوسف طرشون في تصريح لـ«الصحافة اليوم»، أن 90 نائبا وقّعوا على المبادرة المتعلقة بتنقيح بعض أحكام القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء. مبيّنا أن شبهة عدم الحياد تشوب بعض أعضاء المحكمة الإدارية موضحا أن الهدف من المبادرة هو تحييد المحكمة والدفاع عن استقلاليتها.

ويعتمد النواب الموافقون على التنقيح على رأي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي أفادت بأن المبادرة التشريعية لا تتعارض مع القانون الانتخابي ولا تخل برزنامة الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها يوم 6 اكتوبر المقبل.وذكر طرشون بأنه تم تعديل القانون الانتخابي في 5 مناسبات سابقا بدءا بسنة 2011 و2014 و2017 و2019 خلال السنة الانتخابية..

كما اكد يوسف طرشون ان البرلمان تحرك عندما لاحظ حصول ازمة في مؤسسات الدولة وخاصة الحديث عن الفراغ الذي يترتب نتيجة الطعن في نتائج الانتخابات…مشيرا الى ان البرلمان غير مستعد لمثل هذه المغامرات.

وأفاد بأن رفض المجلس الأعلى للقضاء يعود حسب تقديره الى ان رئيس المحكمة الإدارية هو أيضا رئيس المجلس الأعلى للقضاء.

ضرب للمسار الانتخابي

ويبرّر نواب آخرون رفضهم لتعديل القانون الانتخابي أياما قليلة قبل موعد الاقتراع، بأن هذا التعديل مخالف لتقاليد العمل السياسي وتاريخ الانتخابات وللايتيقا السياسية.

واعتبر عبد الرزاق عويدات أن «عددا من النواب قاموا بالتجريح في بعض القضاة ، وهذا مقبول وانما التجريح في محكمة كاملة يعد ضربا لمؤسسة دستورية وهي المحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات، مشيرا الى ان كل هذه التغييرات تعد ضربا لمؤسسات الدولة والحال انها الحامي لاي انزلاق.

ويرى النائب ثابت العابد عن الكتلة الوطنية المستقلة ان الانقسام والجدل ظاهرة صحية وفي نفس الوقت يفند مقولة ان البرلمان مجرد مكتب ضبط، وانما يحمل خلافات في وجهات النظر، ليبقى الفرق في حسن إدارة الاختلاف…

واعتبر ثابت العابد في تصريحه لـ«الصحافة اليوم» أن «البرلمان أمام الامتحان الصعب، ولذلك يجب ان نقبل برأي الأغلبية».

وبخصوص محتوى التعديل، افاد العابد، انه لا ضرورة لهذا التعديل مشيرا الى ان التعديل يعد مساسا بالمسار الانتخابي وبمبدإ تكافؤ الفرص، اذ ان التقاضي هو جزء من صدقية الانتخابات وسلامتها.

وقال النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي محمد علي ان هذه الجلسة العامة للبرلمان، حملت تشنجا بين النواب الذين وضعوا امام الامر الواقع، بتمرير تعديل للقانون الانتخابي أياما قليلة قبل موعد التصويت، وانه تم الزج بالبرلمان في معركة قانونية ستسيئ للعملية الانتخابية.

وأوضح ان هذا التشنج انعكس على تقديم مبررات من قبل النواب المساندين للتعديل حول الخطر الداهم والمسالة الوطنية ومساسا من مصداقية القضاء ومؤسسة رئاسة الجمهورية التي كانت ترفض التعديل منذ شهر مارس الفارط، واعتبر النائب محمد علي في ذات الصدد ان الخلاف سيشمل عملية قبول تعديل القانون الانتخابي بعد اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مهمة هيئة الانتخابات: تقديرات نفقات انتخابية محتملة سنة 2025 تتجاوز 74 مليون دينار : نواب يطالبون بتطوير أداء الهيئة لتحسين نسب المشاركة الانتخابية

ناقش أعضاء الغرفتين النيابيتين بقصر باردو أمس مشروع ميزانية الهيئة العليا المستقلة للانتخا…