2024-09-27

أستاذ الاقتصاد كريم الطرابلسي: لا بد من قانون مالية تكميلي لسد ثغرات القانون الأصلي

بموجب الفصل 40 من القانون الأساسي للميزانية عدد 15 بتاريخ 13 فيفري 2019 يتم كل سنة إعداد مشروع قانون المالية  وفقًا لرزنامة مفصّلة تؤكد على ضرورة تقديم مشروع قانون المالية إلى مجلس نواب الشعب بحلول 15 أكتوبر من كل سنة على أقصى تقدير ليتم فحصه وتعديله إذا لزم الأمر ويتم التصويت عليه بشكل نهائي بحلول 10 ديسمبر على أبعد تقدير. وفي مرحلة لاحقة يتم إصداره ونشره بالرائد الرسمي في أجل أقصاه نهاية شهر ديسمبر على ان يدخل حيز التنفيذ في الأول من شهر جانفي من سنة التنفيذ. ووفقا الى هذه الرزنامة، تعكف السلط المعنية تحت قبة البرلمان في هذه الفترة على دراسة مشروع قانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2025، الصادر مؤخرا عن وزارة المالية بهدف فحصه وتعديله والتصويت عليه في الآجال المحددة. وفي خضم مناقشات جدوى قانون المالية من عدمه يثير أهل الاقتصاد خارج هذه المؤسسة جدلا واسعا حول قانون مالية تكميلي لسنة 2024.  شق يرى ان الوضع يتطلب المرور الى قانون تكميلي قبل النظر في قانون 2025 بتعلة ان الوضع الاقتصادي يتطلب ذلك وشق آخر يفنّد هذه التصريحات مؤكدا انه لا ضرورة لهذا القانون حاليا.

كريم الطرابلسي أستاذ باحث في علوم الاقتصاد صرح، في ندوة حوارية نظمها المرصد التونسي للاقتصاد على منصة الفايسبوك تحت عنوان  «مشروع قانون المالية 2025: تحديات ورهانات تحقيق شفافية ومصداقية الميزانية على ضوء الإطار الدستوري والقانوني الجديد»، قائلا: «في السنة الحالية سنضطر إلى المرور بقانون تكميلي رغم التصريحات الرسمية المخالفة لذلك» موضحا ان متابعة مرحلة تنفيذ الميزانية تعد من أهم المراحل، ولا بد من متابعتها وعدم الاقتصار على متابعة إعدادها والمصادقة عليها لان الإخلال في التنفيذ يجبر المعنيين بالأمر على اللجوء الى القانون التكميلي لسد ثغرات القانون الأصلي.

واضاف الطرابلسي:«بسبب قصور تنفيذ الميزانية أصبح مشروع قانون المالية التكميلي قاعدة بعد أن كان استثناء» مشيرا الى ان اغلب الحكومات المتعاقبة على الحكم بعد 2011 اعتمدت هذا القانون عكس الوضع قبل 2011 حيث كان اعتماده «استثنائيا» سنة 2002 بسبب أحداث جربة وما تكبده الاقتصاد التونسي من خسائر أضرت بالتوازنات المالية لخزينة الدولة.

الخبير الاقتصادي ياسين العنابي من جهته أكد في تصريح إذاعي إمكانية لجوء تونس الى قانون مالية تكميلي لسنة 2024 قائلا: «تشهد ميزانية الدولة هذه الفترة الكثير من الضغوطات مثل نفقات كتلتي الدعم والأجور والنفقات العمومية إضافة الى تسديد أقساط هامة من القروض الخارجية الأمر الذي سيخل بتوازناتها المالية ويجبر على المرور الى قانون مالية تكميلي لسنة 2024»  موضحا ان السلط المعنية أعدت قانون المالية وفق فرضيات غير ثابتة لذلك من الصعب تحقيق الاهداف المرجوة ولاسيما الفرضيات المتعلقة بأسعار النفط ونسب النمو ونسب التداول الخارجي والداخلي».

ويرى العنابي ان الظروف الاقتصادية العالمية لعبت دورا في إخلالات التوازنات المالية لان الاقتصاد التونسي مرتبط بالمستجدات العالمية (الحروب الدائرة في مناطق الجوار) وأسعار المواد الأولية والمحروقات وصرف العملات الأجنبية خاصة الاورو والدولار. 

التحليل نفسه تبناه أستاذ الاقتصاد أرام بالحاج الذي نشر تدوبنة على وسائل التواصل الاجتماعي مفادها « تبقى إمكانية اللجوء إلى قانون مالية تعديلي قائمة قبل موفى هاته السنة!» مطالبا رواد الشق الأخر الرافضين لقانون مالية تكميلي أو تعديلي بضرورة تقييم نتائج قانون المالية 2024 قبل الافتخار بغياب قانون مالية تكميلي والنظر في إذا تم بالفعل تطبيق كل الأحكام التي تم الإعلان عنها في قانون المالية الأصلي وهل تمت تعبئة الموارد المبرمجة في قانون المالية الأصلي (سواء الجبائية أو غير الجبائية أو تلك المتعلقة بالاقتراض) وأيضا هل تم بالفعل تنفيذ النفقات المبرمجة صلب قانون المالية الأصلي (سواء الخاصة بالتصرف أو الاستثمار أو بالخزينة)؟ وخاصة النظر في مدى نجاح قانون المالية الأصلي من تحقيق نسب النمو المعلنة صلبه.

خلافا لقراءة أساتذة الاقتصاد المذكورين، يساند المحلل المالي بسّام النيفر تصريح السلط السياسية المفندة لاعتماد قانون مالية تكميلي، قائلا في تصريح إذاعي :«تونس نجحت نوعا ما في عدم اللجوء إلى ميزانية تعديلية خلال السنة الحالية بفضل حسن التصرف في المصاريف وسياسة الأولويات التي وضعتها الدولة للإنفاق في حدود إمكانياتها في ظل التزاماتها الخارجية وسداد الديون ومواصلة سياسة الدعم» مؤكدا ان تونس تواصل تنفيذ سياسات ميزانية 2024 دون إشكاليات كبرى إلى موفى السنة الحالية.

وبالعودة الى قانون المالية 2024 الذي بني بالأساس على فرضية تسجيل نسبة نمو اقتصادي في حدود 2.1 بالمائة والتي عجزت تونس عن تحقيقها يمكن القول أن تحقيق بقية الأهداف المرجوة مع نهاية هذه السنة يبقى صعبا للارتباط الوثيق بين نسبة النمو وتحسن بقية المؤشرات.  الأمر الذي أكده بعض النواب خلال الجلسة التي انعقدت مؤخرا بمجلس نواب الشعب وخصصت للنظر في تقرير تنفيذ ميزانية الدولة إلى موفى السداسي الأول لسنة 2024 حيث أكدوا عدم دقة وواقعية الفرضيات المعتمدة في هذا القانون مطالبين بضرورة اعتماد فرضيات واقعية تترجم الإمكانيات الحقيقية ونسب النمو الممكن تحقيقها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بهدف تعبئة 720 مليون دينار : انطلاق  الاكتتاب في القسط الرابع من القرض الرقاعي الوطني لسنة 2024

انطلقت أمس الأربعاء عملية الاكتتاب في القسط الرابع من القرض الرقاعي الوطني لسنة 2024، الذي…