2024-09-25

مع استمرار ازمة المياه في تونس : وضعية السدود ماتزال صعبة

رغم الامطار الغزيرة التي شهدتها عدة مناطق في البلاد في الأيام الأخيرة إلا أن منسوب السدود ما يزال يشكو نقصا ملحوظا في المياه  إذ لم تتجاوز نسبة إمتلائها 23.1 بالمائة  ما تزال مشكلة الشح المائي تراوح مكانها وهي كما هو معلوم معضلة لها تداعياتها السلبية على عدة قطاعات وعلى رأسها القطاع الفلاحي الذي تضرر من نقص المياه وأصبح من الضروري البحث عن حلول بديلة. فقد تسبب الجفاف الذي تعاني منه تونس منذ سنوات  في خسائر كبيرة للقطاع الفلاحي، وخاصة الزراعات الكبرى، التي كانت الأكثر تضررًا في ظل التراجع اللافت في الانتاج. إذ  تشير الأرقام أن إنّ إنتاج تونس من الحبوب سجّل خلال الموسم الماضي  2023 تراجعًا بنسبة 60% مقارنةً بالنتائج المُسجلة في 2022 فيما سجلت تحسنا طفيفا خلال الموسم الأخير 2023 /2024  ، حيث بلغت أكثر من 6 مليون قنطار مقابل ما يناهز 3 مليون قنطار في الموسم قبل الأخير.

وفي كل الحالات لا يغطي حجم الإنتاج الوطني من الحبوب الإكتفاء الذاتي من هذه المادة الأساسية بالنسبة للنظام الغذائي للتونسيين وهو  ما يدفع البلاد إلى مضاعفة وارداتها من الحبوب التي شهدت أسعارها ارتفاعا في السوق العالمية نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية وهو ما يزيد في إثقال كاهل الحكومة بمصاريف دعم إضافية لمنتجات الحبوب. وتفيد  تقارير فلاحية للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري  أن هناك نسبة قياسية لضياع مياه الري والتي تناهز 50 بالمائة و قد ساهم ذلك إلى جانب التراجع الكبير في القدرات التخزينية للسدود نتيجة الترسبات ونقص الصيانة في إهدار الموارد المائية الوطنية وهو ما أثر سلبا على الفلاحة التونسية  التي وصفها الإتحاد التونسي للفلاحة ببلوغها مرحلة حرجة بسبب تواصل سنوات الجفاف وغياب حلول بديلة وناجعة تضمن الحد من تأثيرات المناخ على منظومات الانتاج وتفتح المجال أمام الفلاحة للوصول إلى مصادر المياه المتاحة. ويفرض هذا الوضع الصعب ضرورة مراجعة السياسات المائية التي لم تعد تتلاءم مع الوضع الجديد وما يشهده من شح كبير في الموارد المائية ذلك أن عديد المنتوجات الفلاحية الموجهة للتصدير على غرار الطماطم و غيرها تستهلك كميات كبيرة من المياه ومهما تكون العائدات المالية من صادرات هذه المواد فلن تكون المعادلة سليمة ولصالح الفلاحة التونسية.

وقد دعا خبراء المياه و المناخ والمختصون في المجال الفلاحي إلى أن تعمل الإستراتيجية المستقبلية لقطاع المياه على القيام بإصلاحات عميقة، تعطي الأولوية المطلقة للماء الصالح للشرب وضرورة إعادة النظر في أولويات المنتوجات الفلاحية عبر  مراجعة توجــهات الخــارطة الفلاحـية باعتبار الموارد المائية المتاحة وتركيز استراتيجية وطنية متكاملة بين كل القطاعات، من أجل حوكمة استغلال الموارد المائية التقليدية وغير التقليدية بتطوير استعمالات المياه المعالجة وتحلية المياه بالضغط على تكلفة الطاقة والإعتماد على الطاقات المتجددة ومراجعة التشريعات لتخزين مياه الأمطار بالمناطق الحضرية والريفية ورصد التشجيعات الضرورية لمزيد تركيز المواجل الفردية والخزانات الجماعية والانطلاق في إصلاح الإطار المؤسساتي لقطاع المياه واصلاح منظومة المجامع المائية. كما تتوجه المقترحات على المدى المتوسط للحد من أزمة المياه في تونس نحو  تنفيذ خطة عملية للحد من ضياع مياه الشرب الى نسبة 15% والري الى 20%قبل سنة 2030. والقيام بدراسة وتنفيذ مشاريع استغلال المياه المعالجة بالمناطق التي تشكو من نقص في مواردها المائية إلى جانب تنفيذ خطة عملية لحماية الأحواض المائية للسدود المهددة بالترسبات بما في ذلك جهر البحيرات الجبلية والسدود التلية للتقليص من الترسبات المتجهة نحو السدود الكبرى ودراسة إمكانية جهر بعض السدود متوسطة الحجم على غرار سدود الوطن القبلي  واستنباط أصناف زراعية تستهلك أقل كميات من مياه الري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بداية من النصف الثاني من سنة 2025 وبداية 2026  : دخول جملة من البرامج حيز الاستغلال للحد من العجز الطاقي

تتأكد يوما بعد يوم ضرورة التسريع بإنجاز مشاريع إنتاج الطاقة البديلة أو ما يسمى بالطاقة الن…