تنفيذ ميزانية الدولة لسنة 2024 : نحو إعطاء الأولوية المطلقة للمشاريع المعطلة بالجهات
قررت لجنة المالية والميزانية بالبرلمان لدى عقدها لجلسة يوم الأربعاء الماضي خصّصتها للنظر في تقرير تنفيذ ميزانية الدولة إلى موفى السداسي الأول لسنة 2024 والفرضيات والتوجهات الكبرى لمشروع ميزانية الدولة لسنة 2025، مزيد التداول حول هذه الفرضيات مع جهة المبادرة بالاستماع إلى وزيرة المالية وبذلك من المؤمل عقد لقاء مع وزيرة المالية للاجابة عن مختلف إستفسارات النواب وتقديم أبرز المؤشرات على المستوى الاقتصادي والمالي والإجراءات الهادفة الى احتواء الضغوطات المسلطة على المالية العمومية وتحسين الوضعية الاقتصادية. وقد طلب عديد النواب خلال الجلسة المنقضية توضيحات حول المعطيات الواردة بالتقرير والمتعلقة بتنفيذ ميزانية الدولة الى موفى السداسي الأول من العام الجاري،وبخصوص ماورد في قانون المالية لسنة 2025. وابرزوا ان هذه الوثائق لا تشخّص بدقّة الوضع الاقتصادي الراهن خاصة في ظلّ غياب الإستثمار العمومي والخاص الذي أدّى إلى تدنّي نسب النمو المحققّة.وأكّدوا من جهة أخرى ضرورة اعتماد فرضيات تترجم الإمكانيات الحقيقية ونسب النمو الممكن تحقيقها. كما دعوا الى وضع استراتيجيات وسياسات واضحة للتمكّن من التقليص من نسب العجز ولضمان تعافي المالية العمومية.
كما ذكّر النواب بمطالبة لجنة المالية في عديد المناسبات بتسريع عرض مجلة الصرف باعتبار أن قانون الصرف الحالي لا يستجيب للمعايير الدولية ويساهم في تكبيل وتعطيل النمو الاقتصادي، كما هو الحال بالنسبة لقانون الاستثمار والقانون الجبائي لتخفيف الإجراءات وتحقيق العدالة الجبائية بهدف دفع النمو الاقتصادي وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وتعرّض النواب إلى معضلة القطاع الموازي وارتفاع نسبته من الناتج المحلّي الإجمالي.وأوصوا في هذا الإطار بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لتنظيمه وإدماجه في الدورة الاقتصادية.وأثاروا من جهة أخرى مسألة الإدماج المالي ودوره في النّهوض بالمؤسّسات الصغرى والمتوسطة وكذلك صغار المستثمرين في الجهات الداخلية، وأكّدوا ضرورة إحداث البنك البريدي لضمان إدماج مالي عادل.
وفي تقييم أولي للتوجهات الكبرى لقانون المالية لسنة 2025 قال أستاذ الإقتصاد رضا الشكندالي في تدوينة له أنه لا جديد يذكر في توجهات قانون المالية لسنة 2025، فهو كغيره من قوانين المالية السابقة يؤكد على ضرورة التحكم في كتلة الأجور كهدف رئيسي عبر تجميد الانتدابات في الوظيفة العمومية.اضافة الى التحكم في نفقات التسيير والإبقاء على مستوياتها الحالية فضلا عن التعويل على الذات للحفاظ على توازنات المالية العمومية عبر تحسين الموارد الذاتية للدولة بدعم مجهود الاستخلاص والتصدي للتهرب الضريبي.وبحسب الشكندالي فقد تضمن مشروع قانون المالية للسنة القادمة تعزيز الدور الاجتماعي للدولة عبر تدعيم نفقات التدخلات في الميدان الاجتماعي الى جانب مواصلة حوكمة نفقات الدعم مع المحافظة على القدرة الشرائية للمواطن وإعطاء الاولوية المطلقة للمشاريع المرسمة وخاصة منها المعطلة بالجهات وكذلك مشاريع البنية التحتية والبحث عن تنويع آليات ومصادر التمويل لانجاز المشاريع العمومية الكبرى.لكنه يعتقد في المقابل أن هذه التوجهات هي مزيج من الإصلاحات التي عادة ما يطلبها صندوق النقد الدولي من الدول التي يتفاوض معها والتي تطلب منه قروضا لتمويل الميزانية، لكن بدون توضيح خاصة فيما يخص الدعم،فلا يوجد موقف واضح في هذه التوجهات وفق تعبيره يؤكّد الرفع التدريجي من عدمه للدعم على الأقل بالنسبة للمحروقات.من جهة ثانية يعتبر الخبير ان هذه التوجهات تظهر أن تونس ستعول على ذاتها السنة القادمة، وليس على المؤسسات الدولية أي أنها لن تلجأ الى الإقتراض من صندوق النقد الدولي بل ستعتمد على مواردها الذاتية.ولكن هذه الموارد في الحقيقة غير كافية لتأمين الدور المناط بعهدة الدولة وهو الدور الإجتماعي وفق رأيه. من جهة أخرى تساءل الخبير انه مع ندرة الموارد الخارجية وسياسة الاعتماد على الذات، هل ستلجأ الدولة مرة أخرى الى الإقتراض المباشر من البنك المركزي لفك المعادلة الصعبة التي وضعتها، معتبرا ذلك غير واضح ايضا سيما مع سياسة الاعتماد على الذات ولعب الدور الاجتماعي للدولة الذي يتطلب تحسين معدلات النمو للسنة القادمة والتخلي عن سياسة التقشف في توريد المواد الأولية ونصف المصنعة الضرورية لعملية الإنتاج.ولفت الشكندالي الى أن الدولة بحكم ندرة الموارد الخارجية والإعتماد أساسا على الموارد الذاتية قد تجبر كما حدث في السنوات الماضية الى التخفيض من حجم الإستثمارات العمومية وهو ما قد يدفع إلى مزيد من الركود الاقتصادي وبالتالي الى تراجع الموارد الجبائية.
من أجل تحقيق الأمن الغذائي..
لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …