مرة أخرى يولي رئيس الجمهورية قيس سعيد اهتمامه بالقطاع الفلاحي وذلك لدى استقباله لرئيس الحكومة كمال المدوري بقصر قرطاج حيث تمّ تخصيص حيز مهم من هذا اللقاء للحديث بشأن المسألة الزراعية وتحديدا الأعلاف ودور المؤسسة التي تم إحداثها لهذا الغرض وكان الهدف من بعثها هو محاربة الاحتكار. وقد أبدى رئيس الجمهورية تبرّمه منها مؤكدا انها لم تقم حتى الان بالدور الموكول لها على الوجه الأكمل ولم تنهض بالمهمة المنوطة بعهدتها كما يجب.
وشدد الرئيس قيس سعيد في هذا الخصوص على ضرورة ان يقوم كل مسؤول في أي قطاع بمهامه على أكمل وجه وان يتفانى في عمله حتى يحقق النتائج المرجوة ولا يكتفي فقط بالحد الأدنى من العمل.
وفي السياق ذاته تم التباحث في هذا اللقاء بشأن المشاكل المطروحة على الفلاحين وتعرض رئيس الجمهورية الى مجموعة من الحلول المقترحة من اجل دعم المزارعين وتشجيعهم ومن بينها تمكين صغار الفلاحين على وجه الخصوص من امتيازات جبائية وقروضا ميسرة لاقتناء الأبقار التي تراجع عددها وانعكس سلبا لا على المربين فقط وانما على انتاج الحليب واللحوم على حد سواء.
ومعلوم ان قطيع الأبقار قد تراجع بفعل اضطرار صغار المربين الى التفريط فيه بالبيع مع عجزهم عن تأمين الأعلاف وهو ما مسّ بشكل مباشر منظومة الألبان واللحوم. وهذا ما قاد بشكل مباشر الى ارتفاع الأسعار وخلق حالة من الندرة في الأسواق وهو ما نلمسه مثلا بالنسبة الى الحليب في الآونة الأخيرة على وجه الخصوص.
ولهذه الأسباب تنامت ظاهرة التذمر سواء لدى المستهلك التونسي جراء حالة الشح وتدهور المقدرة الشرائية أو في صفوف مربّي الأبقار الذين تردت اوضاعهم بشكل كبير.
ولعل تدخل أعلى هرم السلطة هنا لحل هذه الإشكاليات وتحميل المسؤوليات لأصحابهامن شأنه ان يحلحل الاوضاع في هذا القطاع الحيوي الذي تراهن عليه الدولة من أجل تأمين الحاجيات الأساسية والبحث عن إمكانات لتحقيق الاكتفاء الذاتي من مختلف المنتوجات الفلاحية سواء الألبان او اللحوم البيضاء او الحمراء او القمح الصلب وهي المرتكزات الأساسية لتأمين الأمن الغذائي باعتباره ركنا أساسيا من اركان السيادة الوطنية.
وباعتبار ان بلادنا رفعت في السنوات الأخيرة شعار التعويل على الذات وعدم الركض وراء المانحين حفاظا على استقلالية القرار الوطني فإن الرهان على الاقتصاد الأخضر و تحقيق الاكتفاء الذاتي أصبح أمرا حتميا لا محيد عنه. وعلى كل مؤسسات الدولة ان تشتغل في انسجام من اجل تحقيق هذا الهدف الكبير ورفع التحدي الأكبر.
وفي هذا الاطار وتماهيا مع ما يدعو اليه رئيس الجمهورية أعلن البنك المركزي التونسي عن مراجعة مقاييس تمويل البنوك لزراعة الحبوب عبر القروض وذلك بتفصيل المنتوجات المدرجة ضمن قائمة الحبوب لتشمل القمح اللين والصلب والشعير الى جانب كل من الاعلاف والبقول.
وصدر هذا القرار المهم في منشور بالرائد الرسمي يوم 20 سبتمبر الجاري ليتنزل في اطار السياسة العامة للبلاد ورهاناتها الكبرى.
وفي هذا الصدد من المنتظر ان تمنح البنوك القروض للفلاحين وفق ثلاثة أصناف انتاج وهي القمح اللين والصلب والبقول لتشمل منطقتين وتختلف عملية الإقراض وفق المناطق وأيضا نمط الزراعة مع العلم بأن حلول آجال التسديد تكون يوم الحادي والثلاثين من شهر اوت .
هذا ويتمتع أيضا مزارعو الأعلاف بهذا التمويل وهو الجديد باعتبار أن هذا الامر لم يكن موجودا في المنشور السابق وتم تحديد اجل التسديد بالنسبة الى الاعلاف الشتوية البعلية يوم الحادي والثلاثين من اوت أما الاعلاف الصيفية السقوية فاجل التسديد فيها يكون في 30 سبتمبر.
التشغيل في تونس : «أم المعارك» التي لا بدّ من خوضها
لا شك ان احد الرهانات المطروحة على تونس اليوم هو التشغيل بكل ما يعنيه هذا الملف من تعقيد …