لا مناص من الرهان على  الطاقات النظيفة كخيار استراتيجي من شأنه أن يخفف من العجز الطاقي ويحدث نقلة نوعية في مجال الطاقة عموما.

والواضح أن بلادنا اليوم تمضي قدما على هذه الطريق وفي هذا الإطار يتنزل انطلاق بناء محطتين لإنتاج  الكهرباء من الطاقة الشمسية بكل من سيدي بوزيد وتوزر.

فالتحديات المطروحة في المجال الطاقي فرضت على بلادنا أن تتجه إلى المراهنة على الطاقات النظيفة باعتبارها  السبيل نحو التوجه نحو المستقبل وذلك في سياق الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة لضمان حق الأجيال القادمة في الموارد الطاقية.

كما أن النهوض بالاقتصاد الوطني وتحقيق الإقلاع المنشود لا يمكن أن يتم في ظل تواصل التزود بالطاقة من الخارج . خاصة إذا أخذنا في الاعتبار  مسألة التعويل على الذات التي هي  رهان السلطة اليوم ونقطة الارتكاز في  التوجهات العامة لبلادنا في هذه المرحلة.

والحقيقة أنه في الآونة الأخيرة لاحظنا اهتماما غير  مسبوق بالمسألة الاقتصادية ولعل التحوير الحكومي الأخير عنوان دال على ما نحن بصدده فهناك ديناميكية واضحة اليوم من أجل تحريك المشاريع الكبرى حتى تكون قاطرة تقود الاستثمار داخليا وخارجيا. كما أن الرهان على الإصلاحات الكبرى في المؤسسات المهمة من شأنه أن يكون منطلقا لهذا الحراك الاقتصادي المنشود.

وفي هذا الإطار يمكن أن يكون انطلاق المشاريع المتصلة بالطاقات البديلة التي هي خيار عالمي اليوم وتونس تسعى إلى تدارك ما فاتها في هذا الخصوص.

ولهذا نلاحظ تناميا في عدد محطات الطاقة الشمسية ولعل انطلاق عمل محطتي سيدي بوزيد وتوزر يأتي بمثابة تدعيم لعديد المحطات الموجودة.

وربما يكون من المفيد هنا تقديم حوافز للمستثمرين سواء التونسيين أو الأجانب من اجل خلق حراك في هذا المجال الذي يمكن أن يكون رافدا داعما للميزانية العامة للدولة كتعويض عن نقص الموارد الطاقية باللجوء إلى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

ويبدو أن هناك توجّها اليوم لدعم الاستثمار في مجال الطاقات البديلة سواء بالنسبة إلى المستثمرين المحليين أو الأجانب ويمكن المراهنة على التعاون البيني مع البلدان الشقيقة والصديقة لدعم هذا المسار الذي قطعا ستكون له آثار ايجابية على الاقتصاد  التونسي وعلى التنمية في الجهات تبعا لذلك.    

ويجدر التذكير بأن تونس كانت من أول البلدان في محيطنا الإقليمي التي راهنت على الطاقات النظيفة وأعدّت الخطط الضرورية لمشاريع تكون منطلقا لها وذلك منذ أواسط الألفية الجديدة لكن عديد الظروف حالت عمليا دون تنفيذها.

ومعلوم أن التحولات العميقة التي عصفت ببلادنا على إثر أحداث 14 جانفي 2011 قد تركت آثارها على المجال السياسي والاجتماعي تماما مثل المجال الاقتصادي. ومع التغييرات المتواترة للحكومات بشكل مستمر وربما غير مسبوق في تاريخ تونس المعاصرة ، كان من الطبيعي أن تتغير استراتيجيات عمل هذه الحكومات بل اللافت أن هذه الفرق الحكومية لم تكن تعمل وفق خطط في المجال الاقتصادي الذي تم إهماله بشكل نهائي وسقط سهوا من حسابات الفاعلين السياسيين في تلك المرحلة، وهو ما قاد إلى أزمات مختلفة وأوجها قطعا الأزمة الاقتصادية الخانقة التي كانت لها تداعياتها على الوضع الاجتماعي  عموما وعلى المعيش اليومي للتونسيين.

ولهذا تفاقمت مشكلات الطاقة في تونس لاسيما مع تنامي الأزمات وارتفاع الأسعار عالميا خاصة مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية المتواصلة وتوسع تداعياتها على كل البلدان لاسيما تلك التي لا تتوفر على احتياطي من النفط والغاز وغيرها من الموارد الطاقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

المجلس الأعلى للتربية يرى النور : نحو إصلاح جذري عميق للمنظومة التربوية

أخيرا تحددت ملامح المجلس الأعلى للتربية بعد صدور مرسوم في الرائد الرسمي في هذا الخصوص والأ…