يتجدّد بالتزامن مع بداية السنة الدراسية : العنف بالوسط المدرسي هاجس يؤرّق الدولة و المجتمع..!
سيناريو العنف بالوسط المدرسي يتجدّد هذه السنة الدراسية مع بداياتها ولم يمهل الجميع فترة فرحة تداول صور أبنائهم في الفضاء الأزرق تعبيرا عن الفرحة بالعودة المدرسية ليهتز هذا الفضاء على خبر وفاة تلميذ بمحيط معهد في مقرين وتنقلب الفرحة إلى حزن.. حدث جلل يهزّ الوجدان حزنا وتقشعرّ لوقعه و تفاصيله الأبدان.. يضاف إلى رصيد كبير من حالات العنف المسجلة على مرّ السنوات ..حادثة تؤشّر لظاهرة خطيرة مازالت متواصلة.
بالتوازي مع هذه الحادثة المؤلمة تم القبض على مروج مخدرات بالمحيط المدرسي بجهة بن عروس ، حيث تسرب هذا الخطر للمحيط المدرسي منذ سنوات وبات يهدّد الناشئة و أصبح ترويج المخدّرات خطرا حقيقيا قد يعصف بأبنائنا إن لم يقع التصدي له بكل الآليات والإمكانيات ومن الضروري تكثيف عمليات الرقابة ومضاعفتها من أجل كنس المنحرفين من المحيط المدرسي …
كلّها مؤشرات خطيرة تستدعي دق نواقيس الخطر … والعمل منذ انطلاق السنة الدراسية على مواصلة عمليات تأمين محيط المدارس والمعاهد والتصدي بحزم لظاهرة ترويج المخدرات،باعتبار أن بعض الجهات مازالت تستهدف أمن الدولة وتروج المخدرات في صفوف الناشئة وتستهدف أمن المجتمع زائد العمل على وضع حد للعنف بمختلف أشكاله حيث لا يغيب عن عين متبصّر حجم العنف المسجل بالمحيط المدرسي منذ سنوات وحجم التهديدات الخارجية التي استبيحت من خلالها قلاع المعرفة و ما رافق ذلك من انزلاقات خطيرة باتت تشكّل تهديدا على التلاميذ في مختلف المؤسسات التربوية …فلا تكاد تخلو سنة دراسية من سيناريوهات لأحداث عنف مفزعة تقشعرّ لها الأبدان.. ولا أصعب على العائلات من أن تعيش تحت طائلة الخوف والرعب اليومي خوفا على منظوريها من العنف بمختلف أشكاله وخوفا من انسياقهم وراء آفة المخدرات …
حيث صرح الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية ببن عروس محمد الصادق الجويني في ما يخص وقائع جريمة القتل التي جدّت الاثنين 16 سبتمبر 2021 بمحيط معهد في مقرين حيث لقي تلميذ حتفه على يد شابين بأنّ المتهمين وهما شابان في العشرينات من عمرهما قاما بالاعتداء بالعنف على الضحية الذي توفي على عين المكان متأثّرا بإصاباته.
وبخصوص تفاصيل الجريمة أوضح أنّ الضحية كان موجودا في محيط المعهد وتزامن ذلك مع مرور الشابين المشتبه بهما بالمكان وقد كانا على متن دراجة. في الأثناء جدّ «نقاش» بين فتاة تدرس بالمعهد والشابين، تدخّل على إثره معتز ليعتديا عليه بالعنف مما أدى إلى وفاته على عين المكان، وفق ما صرّح به الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية ببن عروس محمد الصادق الجويني.
وتمّ إعلام النيابة العمومية التي تحوّلت على عين المكان، وتولّت تعهيد فرقة مقاومة الإجرام بتونس بمواصلة البحث فيها.وتمكّنت الوحدات الأمنية في وقت وجيز من إلقاء القبض على الشابين المشتبه بهما، وقد كانا على متن حافلة متجهة نحو زغوان.وأضاف الجويني أنّ الشابين المشتبه بهما في العشرينات من عمرهما، أحدهما من أصحاب السوابق العدلية، وآخر تلميذ يزاول تعليمه بمعهد خاص.وأثبتت التحقيقات أنّ خالة احد الشابين سلمتهما أموالا لمساعدتهما على الهروب، وستمثل أمام قاضي التحقيق بحالة تقديم.
من جهة اخرى ومع بداية السنة الدراسية وفي يومها الاول تمكنت الوحدات الأمنية التابعة لفرقة الشرطة العدلية ببن عروس رفقة دورية أمنية من القبض على مروج مواد مخدرة بمحيط إحدى المدارس التربوية بالجهة وبحوزته حقيبة تحتوي على 8 قطع من مخدر القنب الهندي معدة للبيع ومبلغ مالي قدره حوالي 1000 دينار، متأتية من عائدات الترويج تم حجزها جميعا على ذمة الأبحاث.وبمراجعة النيابة العمومية ببن عروس، أذنت بالاحتفاظ به من أجل «مسك واستهلاك وترويج مادة مخدرة مدرجة بالجدول ب» ومواصلة الأبحاث، وفق الإدارة العامة للأمن الوطني.
حوادث تستدعي طرح سيل من الأسئلة الحارقة، هل أصبحت المؤسسات التربوية غير آمنة ؟ هل بات محيطها حاضنا لجملة من المخاطر التي تتربص بالتلاميذ ؟، نقول هذا وقد بتنا نتحدث عن أحداث للعنف ترتقي لمستوى الجريمة في اغلب الحالات. ناهيك عن تفشي ظاهرة ترويج المخدرات ؟… فهل فشلت المقاربة الأمنية في وضع حد لهذه الظاهرة ؟ وهل استحكمت المعضلة حتى باتت تؤرق كل المتدخلين في المنظومة التربوية ؟ وهل عجزت وزارة التربوية عن حماية منظوريها ؟ أي الآليات قد تمكن من تحصين مؤسساتنا التربوية من مختلف المخاطر؟
معلوم أن وزارة الداخلية كانت قد أطلقت السنة الفارطة حملات واسعة النطاق للحد من مخاطر الإدمان في صفوف التلاميذ ولحماية مؤسساتنا التربوية لكن يبدو أن مؤسساتنا التربوية لم تعد آمنة فحجم الخراب الذي طالها وجرائم العنف الصادمة المسجلة – سيناريوهات متكررة في أماكن مختلفة -تكفي وحدها لتؤشر إلى حجم خطورة الوضع وقد بلغت مراحل متقدمة خاصة وان مشكلة المخدرات لم تعد من الظواهر الدخيلة على مجتمعنا بعد أن استفحلت وباتت من الاهتمامات اليومية والأحداث المعتادة التي يتم تناولها والتداول فيها ناهيك عن التعايش معها واعتبارها من الظواهر التي تستوجب الدراسة والتمحيص بعمق في مختلف جوانبها.
بداية السنة الدراسية بحوادث العنف لها دلالاتها الدافعة لتكثيف الرقابة والعمل بجدية على ايلاء هذا الملف الأولوية القصوى إذ تعد ظاهرة العنف في المحيط المدرسي، من أخطر الظواهر التي أخذت تنتشر وتتفاقم سنويا، وتأخذ أشكالا عدة، لفظية وجسدية … والتي تنجم عنها سلوكات مرضية لدى المتمدرس تنعكس بدورها على كل جوانب حياته، المعرفية، النفسية والاجتماعية.
ووفق علماء الاجتماع فإن العنف المدرسي ظاهرة لم تنشأ من العدم، بل تقف خلفها جملة من الميكانيزمات والعوامل الاجتماعية المرضية، التي مثّلت الحاضنة التي تفاقمت فيها أعراض هذا الداء، وتتجلى أبرزها في طرق و أساليب التنشئة الاجتماعية، بالإضافة إلى وسائل الإعلام وما تحمله من مضامين مشجعة على ممارسة العنف، إلى جانب تأثير المخدرات … إذن الأمر يستدعي تضافر الجهود، من أجل ضمان تنشئة أسرية ومجتمعية سليمة، وتدخل سلطة الإشراف لوضع عقوبات صارمة مناسبة للسلوكيات العدوانية الممارسة داخل الوسط المدرسي، بهدف مكافحة هذه الظاهرة من خلال الحد من انتشارها، والوقاية منها.
معلوم أن تواتر العنف – الاعتداءات العنيفة داخل المؤسسات التربوية التي يكون التلاميذ هم من يرتكبونها سواء ضد الإطار التربوي أو ضد أقرانهم- خلال السنوات الأخيرة ، دفع بوزارة التربية إلى إعلان خطّة لمجابهة ظاهرة العنف المدرسي في مسعى من أجل تطويقها وتنصّ في أحد بنودها على استثمار كل مادة تربوية تعليمية معرفية قيمية توظف التعليم والتعلم في مجابهة العنف وتجذير المتعلّم بقيم الانتماء إلى الوطن والمؤسسة التربوية.وكلّفت الوزارة بمقتضى هذه الخطّة، كل مندوبية جهوية للتربية بإعداد مخطط مرحلي جهوي لتنفيذ مشاريعها التربوية في مجابهة العنف المدرسي. ويبين هذا المخطط طبيعة المهام وأهدافها ومضاميها والأطراف المتدخلة مع مرونة التنفيذ.وتتضمن الخطة دعوة الوزارات التي لها علاقة بالشأن التربوي إلى الانخراط في التمشي الذي انتهجته وزارة التربية من أجل إرساء برنامج وطني لمجابهة العنف في الوسط المدرسي.ناهيك عن إعادة النظر في مفاهيم مفصلية تخص تسيير المرفق التربوي العمومي وهي طبيعة الحياة المدرسية ونوعية الخدمات المدرسية والأنشطة الثقافية والرياضية والاجتماعية داخل المؤسسة التربوية إلى جانب استثمار الطاقات الإبداعية والتفكيرية والبدنية لدى جميع الفاعلين التربويين وفي مقدمتهم الناشئة.كما نصّت على تشجيع منابر الحوار والإنتاج التلمذي الحر بتأطير من المربين وبحضور المختصين النفسانيين الراجعين بالنظر إلى المندوبيات الجهوية للتربية متى اقتضى الأمر لمرافقة بعض التلاميذ من ذوي الجنوح والسلوك العنيف.
العقوبات التأديبية بالمؤسسات التربوية : مراجعتها ودراسة جدواها من الضروريات…
تمثل العقوبات التأديبية بأنواعها الموجهة للتلاميذ من قبل المربي ملفا من الملفات الحار…