أي دور ستلعبه الجمعيات في السياق الانتخابي الحالي ونحن في خضم الحملة الانتخابية؟ وهل يمكن أن تؤثر بشكل ما على الاستحقاق الانتخابي المرتقب يوم 6 أكتوبر المقبل؟ وماذا عن التمويل وتحديدا الأجنبي منه للجمعيات ؟ وهل يتم توظيف هذا التمويل من أجل التدخل السافر في الشأن التونسي الداخلي؟
أسئلة كثيرة مطروحة الآن بشدة على المشهد التونسي في ظل بعض التحركات لعدد من الجمعيات بغية التأثير في الشأن العام لاسيما والبلاد تعيش على إيقاع محطة انتخابية مهمة يتطلع اليها التونسيون من اجل انتخاب رئيس للبلاد والمضي قدما في اتجاه الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي بعد ما يزيد عن العقد من الزمن من الارتباك الذي كان ملمحا أساسيا من ملامح مرحلة الانتقال.
غير ان الإجابة على هذه الأسئلة في مجملها معلومة فبقدر ما شكّل النسيج الجمعياتي إضافة حقيقية للمشهد التونسي بقدر ما لعبت بعض الجمعيات أدوارا خطيرة خاصة في مرحلة ما بعد 14 جانفي 2011 وفي كل المحطات السياسية الكبرى وتحديدا الانتخابات التي تلت التاريخ المذكور. فقد تم توظيف البعض منها توظيفا سياسيا تحت غطاء العمل الخيري او العمل الدعوي. كما أن بعضها ثبت ارتباطه بالقرائن والأدلة بأطراف أجنبية تتولى ضخ الأموال لفائدتها من أجل التأثير المباشر في الشأن الداخلي التونسي في الكثير من القضايا السياسية وحتى الاجتماعية والثقافية.
وعلى هذا الأساس كان ملف الجمعيات مثار اهتمام كبير سواء من قبل الفاعل السياسي او من عموم التونسيين او رجال القانون وذلك لوجود خيط رفيع نعجز أحيانا على تمييزه بين حرية عمل هذه الجمعيات في اطار القانون ودورها الاجتماعي والخيري والتوعوي والإنساني وبين أن تكون جسرا للتدخل الأجنبي في الشأن الداخلي والتأثير المباشر في قضايا سوسيوثقافية أو سياسية.
ومن هذا المنطلق اكتسى حديث رئيس الجمهورية قيس سعيد مع محافظ البنك المركزي فتحي زهير النوري أهمية بالغة.
فقد تم طرح ملف الجمعيات في هذا اللقاء الذي جمعهما بقصر قرطاج حيث تولى محافظ البنك المركزي تسليم رئيس الدولة التقرير السنوي للجنة التونسية للتحاليل المالية.
وكانت مناسبة شدد خلالها الرئيس قيس سعيد على ضرورة ان تقوم لجنة التحاليل المالية بدورها كاملا خاصة وان عديد الجمعيات تتلقى مبالغ خيالية من الخارج وتتولى تمويل عدد من الجهات التي تضخ بدورها هذه الأموال لأغراض سياسية مفضوحة في خرق تام للقانون وفي تدخل سافر في الشؤون الداخلية لتونس وفق ما جاء في بلاغ رئاسة الجمهورية.
وحريّ بنا هنا التأكيد على ان هناك جمعيات ثبت تلقيها أموالا طائلة من اطراف اجنبية لغايات مشبوهة وذلك بالأدلة والبراهين والمؤيدات التي لا تقبل الدحض والواضح ان شبهات التدخل الأجنبي واضحة في هذا التمويل ولا لبس فيها.
وبالنظر الى خطورة هذا الأمر فإن لجنة التحاليل المالية مدعوة الى القيام بدورها على الوجه الأكمل في هذه الظرفية الدقيقة وان تتثبت بشكل جيد ودقيق في مصادر تمويل الجمعيات وان تضعها تحت المجهر حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود وحتى نميّز بين من يعمل في كنف القانون وله الشفافية والمصداقية المطلوبة وبين من يشتغل لدى مراكز نفوذ اجنبية تقوم بتوظيفه لخدمة اجنداتها على حساب مصلحة تونس والتونسيين. والأكيد انه عندما تحوم شبهات حول جمعية ما وبعد التثبت من الحتمي ان تقوم لجنة التحاليل المالية بإحالة ملفها الى القضاء ليأخذ القانون مجراه الطبيعي.
وتونس تخوض غمار مشروعها الجديد مقتضيات السياق الحالي أو لزوم ما يلزم
هل نجانب الصواب اذا قلنا ان تونس تخوض مشروعها الجديد بمنتهى الثبات والجدية ؟ وهل نختلف حول…