2024-09-18

صدور الأمر الرئاسي  المنظم للمجلس الأعلى للتربية : من مطلب مجتمعي إلى مؤسسة مرجعية لتطوير السياسات التعليمية..

يمثل المجلس الأعلى للتربية والتعليم مطلبا لعديد الهياكل المتداخلة في الشأن التربوي التي تسعى إلى إعادة الدور المحوري للتعليم في تونس والذي ساهم منذ سنوات الاستقلال الأولى في بناء اللبنات الأولى للدولة الحديثة  وقد راهنت تونس على التعليم كمصعد اجتماعي و عامل  نمو وتطور ضمن مشروع مجتمعي متكامل.

وقد تناول اجتماع مجلس الوزراء الأخير المنعقد أول أمس الاثنين بإشراف رئيس الجمهورية قيس سعيد مشروع مرسوم يتعلق بتنظيم المجلس الأعلى للتربية والتعليم، وأكد رئيس الجمهورية على أهمية هذه المؤسسة الدستورية وعلى أن لا مستقبل لتونس إلّا في ظلّ تعليم وطني متاح للجميع على قدم المساواة ويحصّن الفكر من كلّ الانحرافات ويمثل سدَّا منيعا ضد كل من يريدون اغتيال الفكر الحرّ.

ويعتبر المجلس مؤسسة استشارية ومرجعية جامعة لعدد من الوزارات (التربية، الأسرة والمرأة والطفولة، الشباب والرياضة، الثقافة، الشؤون الدينية) والمجتمع المدني، المنظمات الوطنية المعنية على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل والمنظمة التونسية للتربية والأسرة والاتحاد الوطني للمرأة التونسية بالخصوص وممثلين عن وسائل الإعلام والاتصال.

ويؤكّد خبراء التعليم على ضرورة أن يشمل الهيكل التربوي الجديد جملة من الآليات والشروط، عبر وضع تصوّر متكامل للقطاع والاهتمام بالتعليم العمومي، فضلا عن حوكمة المنظومة التعليمية وإرساء قواعد علوية القانون.

يعتبر التعليم من بين القطاعات الحيوية داخل كل دولة بل ويصنف كعنصر بناء حضاري لما يكتسيه من أهمية في تموين الدولة بالطاقات البشرية الحيوية التي تساهم في إدارة البلاد وتحريك الحياة الاقتصادية. كما أن جودة التعليم قد أصبحت معيارا تصنف على أساسه البلدان إلى نامية ومتقدمة. إضافة إلى ذلك يمثل توفير تعليم ذي جودة أحد أهداف التنمية المستدامة (الهدف الرابع).

كانت تونس واعية بهذا الدور المحوري للتعليم منذ فجر الاستقلال حيث أولى بناة الدولة الحديثة أهمية كبرى للتعليم من خلال إقرار إجباريته ومجانيته وتخصيص جزء هام من الميزانية لتمويل المشاريع في القطاع التعليمي إذ بلغ نصيب وزارة التعليم في عهد الرئيس السابق الحبيب بورقيبة نسبة 36 بالمائة من ميزانية الدولة لسنة 1976.

ومن شأن المجلس الأعلى للتّربية والتّعليم إبداء الرّأي في الخطط الوطنيّة الكبرى في مجال التّربية والتّعليم والبحث العلميّ والتّكوين المهنيّ وآفاق التّشغيل، ويضبط القانون تركيبة هذا المجلس واختصاصاته وطرق تسييره كما أن رسالة المجلس تختصّ بالرؤية والاختيارات وتتمثل في وضع السياسة التربوية والتعليمية للبلاد في طريق يتقاطع مع المنوال التنموي المعتمد، بمعنى أن المجلس الأعلى للتربية والتعليم ليس دوره الإشراف على البنية التحتية ولا على السير البيداغوجي.

ويؤكد عدد من المختصين على أهمية المجلس الأعلى للتربية والتعليم في كونه يسمح بتنسيق السياسات العمومية في مجال التعليم وتوحيد رؤى كل الأطراف المتدخلة في القطاع بالإضافة الى وضع الخطط الوطنية في المجال التربوي والإشراف على تنفيذها وتقييمها وبالتالي النأي بالمؤسسات التربوية عن التجاذبات السياسية وحمايتها من أي توظيف.

ولدى إشرافه على المجلس الوزاري أكد رئيس الجمهورية على أن وضع هذا المرسوم المتعلق بالمجلس الأعلى للتربية يوم العودة المدرسية وبعد وضع التقرير النهائي للاستشارة الوطنية المتعلقة بإصلاح نظام التربية والتعليم له رمزية خاصة مؤكدا على أن تونس اليوم بعد 25 جويلية تشق طريقها إلى المستقبل بثورة تشريعية لا يمكن أن تقوم إلّا على ما يريده الشعب التونسي ويقطع نهائيا مع التشريعات التي وضعت في الظاهر باسم الشعب ولكنها في حقيقتها ضد إرادة الأغلبية خدمة لمصالح أقلية لا تعيش إلا في مستنقعات الفساد وشبكات العمالة والخيانة.

وفي نفس هذا السياق المتعلق بالتعليم، شدّد رئيس الجمهورية على مزيد تكثيف المجهودات الأمنية في محيط كل المؤسسات التربوية لحماية التلاميذ من كل المخاطر سواء تلك المتعلقة باستهلاك المخدرات أو من العنف الذي يمكن أن يستهدفهم في تنقلهم مشددا على ضرورة وجود حلول عاجلة للمعلمين والأساتذة النواب وللقيمين ومرشدي التطبيق في كنف الشفافية الكاملة وبناء على قواعد العدل والإنصاف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تعاون استراتيجي بين تونس والصين ..ومشاريع كبرى تنتظر البدء في التنفيذ.

تواصل الحكومة متابعة فرص تنفيذ المشاريع التي تم الاتفاق حولها بين الدولة التونسية وجمهورية…