2024-09-15

قانون المالية لسنة 2025: تواصل التعويل على الذات من خلال الاقتراض الداخلي

«تعتزم الحكومة ضمن التوجهات الكبرى لقانون المالية لسنة 2025 مواصلة اتباع سياسة التعويل على الموارد الذاتية عوض المؤسسات المالية العالمية وخاصة صندوق النقد الدولي. وتمكنت إلى غاية الآن من خلال  القسط الثالث من القرض الرقاعي الوطني 2024 من توفير1270،7 مليون دينار لخزينة الدولة متجاوزة المبلغ المستهدف، المقدر بـ700 مليون دينار بتحقيق نسبة استجابة قدرها 182 بالمائة» هذا ما جاء في تصريحات إعلامية لماهر الزواري، المدير العام للشركة التونسية للمقاصة، أول أمس الجمعة.

ومكّن الاكتتاب في القسط الثاني من هذا القرض من تعبئة 1،444 مليار دينار مقابل 0،700 مليار دينار مرسومة اي بمعدل استجابة في حدود 206 بالمائة اما القسط الأول من القرض ذاته فقد وفر هو الاخر 1033،7 مليون دينار متجاوزة المبلغ المحدد مسبقا بـ 750 مليون دينار، أي بنسبة استجابة بـ138 بالمائة.

وبلغة الأرقام وفر هذا القرض إلى حد الآن (3 أقساط) 3748.4 مليون دينار متجاوزا فرضيات قانون المالية لسنة 2024 الذي توقع تعبئة ما قيمته 2،87 مليار دينار بعنوان القرض الرقاعي الوطني من خلال أربعة أقساط. وطيلة الأشهر الفارطة، مثلت جملة هذه الموارد آلية جديدة استغلتها تونس لمقاومة التحديات الاقتصادية التي واجهتها سنة 2024 على غرار ارتفاع الدين العام وصعوبة الاقتراض بنسب فائدة معقولة على غرار ما قامت به سنة 2023 وهو استغلال موارد القرض الرقاعي الوطني 2023 الذي تمكن من تعبئة قيمة اجمالية بـ 3799 مليون دينار مقابل مبلغ مستهدف بقيمة 2800 مليون دينار لتوفير موارد مالية لخزينة الدولة.

وباعتماد تونس آلية القرض الرقاعي الذي يعرفه اهل الاقتصاد على أنه آلية تستخدمها الحكومات لتمويل العجز المالي عبر إصدار سندات دين تطرح للاكتتاب العام بهدف السماح للمواطنين والمستثمرين في المساهمة في تمويل الميزانية، توجهت تونس إلى سياسة التعويل على الذات عوض اللجوء إلى سياسة الاقتراض الخارجي بحكم ان القرض الرقاعي آلية فعالة لتعزيز السيولة المالية للدولة في فترة وجيزة. هذه السياسة الجديدة التي مثلث عنوان كبيرا لميزانية الدولة بعد ما أعرب رئيس الجمهورية قيس سعيّد عن رفضه «إملاءات» صندوق النقد الدولي داعيا إلى «الاعتماد على النفس»، نجحت إلى حد ما في تغطية عجز الميزانية واعتماد هذه الموارد المالية لدعم البنية التحتية (تحسين الطرق ووسائل النقل) ودعم قطاع الصحة والتعليم على حد سواء. الأمر الذي حسن الوضع الاقتصادي وعزز ثقة بعض المؤسسات العالمية في الاقتصاد الوطني.

وعلى ما يبدو فإن تونس تعتزم أيضا في قانون المالية لسنة 2025, مواصلة اتباع هذه السياسة بحكم وان التوجهات الكبرى لهذا القانون يبين أن الحكومة ستعول مرة أخرى على مواردها الذاتية عوض المؤسسات المالية العالمية وخاصة صندوق النقد الدولي. الامر الذي سيجبرها على مواصلة الاقتراض الداخلي. وهذا من شأنه أن يعطل مسار نمو القطاع البنكي ويثنيه عن مهامه الرئيسية المتمثلة اساسا في دعم المؤسسات الاقتصادية وتمويل المشاريع الاستثمارية ذات القيمة المضافة.

وفي ظل حاجة الدولة إلى الموارد المالية الداخلية والتي تتأتى أساسا من الاقتراض الداخلي بحكم محدودية الموارد الأخرى (مثلا الادخار) من جهة وما قد ينجر عن صعوبات تواجه الاقتصاد الوطني من جديد جراء استنزاف البنوك (انكماش اقتصادي وتضخم)، بات من الضروري البحث عن حلول بديلة لمعاضدة جهود القطاع البنكي منها الإصدار المباشر لسندات دين قصيرة أو طويلة الأجل لجذب المستثمرين دون الحاجة للاكتتاب العام أو دفع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتمويل المشاريع الكبرى. كما يتطلب الوضع ضرورة تحسين الموارد الجبائية وترشيد النفقات العمومية مع إعطاء الاولوية لتمويل الاستثمارات وخاصة في القطاع الفلاحي الذي ساهم إلى حد كبير في تغطية عجز الميزانية وتوفير موارد هامة من العملة الصعبة (زيت زيتون والتمور مثلا).  كل هذه الحلول والتي سبق أن طالب الاقتصاديون بالتسريع في تنفيذها يمكن أن تساعد الدولة في تحسين ميزانيتها وتمثل معية آلية القرض الرقاعي الحل الانجع للاعتماد على الموارد الذاتية وتقليص الديون الخارجية التي تثقل كاهل الميزانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

البنك الدولي: ارتفاع الديون التونسية يضع القطاع البنكي في وضعية «صعبة»

«تمثل الديون السيادية لتونس حوالي 80 % من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يمثل نسبة مرتفعة …