نقص طب الاختصاص في الجهات: عزوف يتواصل رغم الجهود من أجل توفير الحدّ الأدنى
يعد قطاع الصحة إحدى الركائز الأساسية التي تعتمد عليها الدولة لضمان رفاهية المواطنين ومع ذلك، مازال يعاني من تفاوت واضح بين المدن الكبرى والمناطق الداخلية إذ يشكل نقص أطباء الاختصاص في الجهات تحديًا كبيرًا أمام تحسين جودة الخدمات الصحية هناك.
و بالرغم من الجهود المبذولة في هذا الخصوص ، يفضل العديد من أطباء الاختصاص العمل في المدن التي توفر لهم بنية تحتية صحية متطورة وإمكانيات مهنية أكبر علاوة على غياب التحفيزات المالية حيث لا توجد محفزات كافية لتشجيع أطباء الاختصاص على العمل في المناطق النائية أو الداخلية، مما يؤدي إلى عزوفهم عن الانتقال إلى تلك المناطق. كما أن العديد من المستشفيات الجهوية تعاني من نقص حاد في التجهيزات والمعدات الطبية، مما يجعل العمل فيها صعبًا لأطباء الاختصاص وأمرا مقلقا للمواطن .
نتيجة لهذا النقص، تتأثر جودة الخدمات الصحية في المناطق الداخلية بشكل مباشر حيث يضطر المرضى في هذه المناطق إلى التنقل إلى المدن الكبرى للحصول على الرعاية الطبية المتخصصة، مما يزيد من تكلفة العلاج ويزيد الضغط على المستشفيات الكبرى.
في المقابل يواجه القطاع الصحي في تونس ظاهرة هجرة الأطباء، سواءً إلى الخارج أو إلى المدن الكبرى . حيث يدفع هذا الوضع ،الأطباء للبحث عن فرص عمل أفضل في المصحات الخاصة أو خارج تونس في بلدان خليجية و أوروبية على وجه الخصوص .
ومن الحلول المقترحة في هذا الجانب يرى بعض خريجي الطب أنه على الحكومة العمل على توفير حوافز مالية ومعنوية لتشجيع أطباء الاختصاص على العمل في الجهات الداخلية إذ يمكن أن تشمل هذه الحوافز تحسين الأجور، وتأمين بيئة عمل أكثر دعمًا من خلال توفير التجهيزات الطبية الأساسية وفرض عملهم في الجهات التي تشهد نقصا في الخدمات الصحية وذلك قبل عملية انتداب كل من يرغب في العمل بالقطاع العمومي للصحة .
كما يحث بعضهم على أهمية تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص لتوفير خدمات صحية أفضل في الجهات الداخلية، والتي تشمل تشجيع فتح عيادات خاصة أو مستشفيات مختصة في المناطق الداخلية، مما يخفف الضغط على المستشفيات العمومية .
من جهة أخرى يمكن الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة مثل الطب عن بعد (telemedecine) حيث يمكن أن يساعد في سد الفجوة بين الجهات والمدن الكبرى من خلال الطب عن بعد، في تقديم استشارات طبية للمرضى في الجهات الداخلية، وبالتالي التقليل من الحاجة إلى التنقل .
يمثل طب الاختصاص في الجهات تحديًا كبيرًا أمام تحسين جودة الرعاية الصحية في تونس وهو مايستدعي تضافر الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتوفير البيئة المناسبة لأطباء الاختصاص للعمل في المناطق الداخلية، وتحسين البنية التحتية الصحية، وتقديم الحوافز الكافية لضمان وصول جميع التونسيين إلى رعاية صحية متساوية.
مشروع الانتقال الطاقي بالمؤسسات العمومية : توجّه لاستدامة الموارد الطاقية وتخفيف الأعباء المالية
تواصل بلادنا تنفيذ مشروع «الانتقال الطاقي في المؤسسات العمومية» الذي سيشمل 22 وزارة، وتهدف…