2024-09-14

القروض البنكية في تونس : بين تكبيل الاستثمار والحدّ من الاستهلاك الحقيقي

تشهد منظومة القروض البنكية في تونس مكبلات كبيرة ضد عملية الاستهلاك والاستثمار في آن واحد وبالرغم من دورها في تحريك العجلة الاقتصادية في تونس  إلا أن  الصعوبات في توجيه السيولة المالية للاستهلاك تتزايد نظرا للشروط المجحفة التي تمليها المؤسسات البنكية إلى جانب نسب الفائدة المرتفعة والضمانات.

تأثيرات الإجحاف في منح القروض الصغيرة لمواجهة الاستهلاك والاستثمار الصغير تعود لأسباب  بنيوية ومؤسساتية أغلبها تم سنه في سنوات ما قبل الثورة ولم تشهد إثرها غير مزيد من التضييق على حرفاء البنوك سيما من الطبقة العاملة والمتوسطة.

فالقروض البنكية تمثل إحدى الأدوات الأساسية لدعم الاقتصاد، سواء من خلال تمويل الاستهلاك أو الاستثمار. إلا أن التوجه المفرط نحو قروض الاستهلاك أحيانا وبشروط تتماشى ومصالح البنوك أصبح محل جدل واسع نظرًا لتأثيراته السلبية المحتملة على النمو الاقتصادي بما أنها مازالت تخضع لشروط لم يتم تعديلها أو تحيينها حسب احتياجات الطبقات المذكورة .

والنظام البنكي في تونس تهيمن عليه قروض الاستهلاك على حساب سياسات الإقراض الاستثمارية الناجعة وهو مايؤثر على نجاعة ومردودية القروض المسداة في سياقها الاجتماعي والاقتصادي وتأثيراتها المباشرة على قدرة الأفراد الشرائية وتزايد الديون الشخصية .

ومن هذا المنطلق فإن تداعيات الاعتماد المفرط على قروض الاستهلاك بمدى استخلاص قصير الأمد (5 سنوات في أغلب الحالات) ،تؤثر بشكل مفرط على النمو الاقتصادي من حيث ضعف الاستثمارات الإنتاجية وزيادة الفجوة بين الطبقات الاجتماعية نتيجة ارتفاع مستوى الديون الشخصية وتباطؤ الابتكار وريادة الأعمال الصغيرة التي يمكن أن توفرها القروض الاستهلاكية بشروط ميسرة وهي غائبة في مجملها .

ولا يمكن خلق الثروة في غياب نظام بنكي يقوم على القروض المجحفة والمكبلة للاستثمار الصغير وهو ما وقفت عليه عديد الشركات الأهلية اليوم رغم محدودية مواردها وإلتزام أصحابها بإنجاح مشاريعهم وهذا مثال مصغر عن منظومة مصرفية لا تفكر بغير الربح الوفير وتكديس الشروط . وهنا يتطلب الأمر إعادة النظر في سياسات الإقراض وتعزيز الإطار التنظيمي لتوجيه التمويلات نحو الاستثمارات الإنتاجية لضمان نمو اقتصادي مستدام تحفظ فيه حقوق جميع الأطراف .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مشروع الانتقال الطاقي بالمؤسسات العمومية : توجّه لاستدامة الموارد الطاقية وتخفيف الأعباء المالية

تواصل بلادنا تنفيذ مشروع «الانتقال الطاقي في المؤسسات العمومية» الذي سيشمل 22 وزارة، وتهدف…