ونحن نتابع حصاد أبناء تونس في الألعاب البارالمبية في مختلف الرياضات ونستمتع بتتويجاتهم التي تثير الفخر والاعتزاز، فخر الانتماء لهذا الوطن الذي رغم الجراح التي اثخنته في اكثر من محطة تاريخية الا انه يقف بكل شموخ وعزة بعد كل كبوة تماما مثل طائر الفينيق الذي ينهض من رماده دوما.

نقول هذا ونحن نتابع تكريم هؤلاء الأبطال من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد ونتعلم درسا مهما من ذوي الهمم الذين يملكون إرادة تفل الحديد جعلتهم يحصدون الذهب والفضة والبرونز ويتفوقون على أبطال عالميين في عديد الرياضات الفردية .

وليس هذا فحسب فهؤلاء يمكن ان يكونوا قدوة لكل الشعب التونسي لنتعلم أولا قوة الإرادة والعزيمة والمثابرة ثم أهمية الانتماء والإستماتة في الدفاع عن راية تونس كل في مجاله.

وهذا يقودنا حتما الى نجاحات في مجالات أخرى وفي مقدمتها العلوم حيث ما فتئنا نتابع تألق علماء تونسيين في مختلف المحافل الدولية وتحقيقهم لمنجزات علمية هي مثار فخر لهم كأفراد ولبلدهم وللمؤسسات والمخابر العلمية التي يشتغلون فيها.

كما في مجال الطب فالمنجزات التي تحدث كل يوم تحت سماء هذا الوطن تستحق التوقف عندها والاشادة  بأصحابها  فهم «نجوم حقيقيون» والحقيقة اننا لا نريد ان نورد أمثلة في هذا الغرض حتى لا نغفل عن ذكر بعض النجاحات التي تستحق ان يتم ايرادها أو نسهى عن ذكر الأسماء التي صنعت هذه الأمجاد العلمية والطبية أو حتى السياقات التي تمت فيها وتفاصيل هذه الإنجازات.

والمبهر حقا ان ما هو بصدد التحقق «صناعة تونسية» خالصة نتاج مجهود الأفراد والأسر التي ينتمون اليها وهم أبناء المنظومة التربوية التونسية «لحما ودما» ومارسوا انشطتهم في منشآتنا  الرياضية بالنسبة الى الابطال المتوجين رغم الظروف الصعبة التي نعلمها جميعا كما يعمل أغلب باحثينا واطبائنا في المخابر البحثية والمؤسسات الاستشفائية التي تعاني من تدهور كبير لم يعد خافيا على أحد.

فماذا لم توفرت ظروف افضل ماديا ولوجستيا؟

هذا الاستفهام الإنكاري جميعنا يعرف اجابته لكن لا ضير من طرحه بإلحاح في كل مرة للتذكير أن الانجاز والتميز ممكن في تونس رغم كل شيء وان بلادنا تمتلك كفاءات نوعية في كل المجالات والاختصاصات قادرة على تحقيق الإقلاع العلمي والثقافي والاقتصادي والحضاري إذا ما توفر الدعم والإيمان بالقدرات الذاتية وهو الرهان الكبير المطروح علينا جميعا اليوم.

إذن هناك تونس أخرى ناجحة ممكنة ولا ينبغي ان يجعلنا الظرف الحالي بكل تفاصيله نيأس أو نشعر بالإحباط بشأن مستقبل بلدنا فقد علّمنا التاريخ ان المحن والأزمات تقوّي عزيمة الشعوب وتجعلها اكثر صلابة وقدرة وليس العكس.

نقول هذا ونحن نتابع بعض الأصوات التي تمتهن نشر اليأس والإحباط في النفوس على مواقع التواصل الاجتماعي وهي بمثابة المعاول التي تحاول ان تقوّض كل ما تحاول الفئة المنجزة تحقيقه. وهؤلاء يقومون بهذا الصنيع إما عن جهل وغباء وهشاشة نفسية  من بعضهم تجعلهم يرون الأمور بنظارات سوداء ولا يتعاملون الا مع النصف الفارغ من الكأس، أو عن خبث ودهاء من قبل البعض الآخر الذي يهدف الى نشر ثقافة الإحباط في النفوس تمهيدا للسيطرة على عقول التونسيين ونفوسهم من اجل توجيههم وفق أهواء وإرادة هذا الطرف أو ذاك.

ومعلوم ان هناك مراكز بحث ومؤسسات إعلامية منتشرة في كل ارجاء المعمورة توكل اليها مثل هذه المهام القذرة. وهناك حروب تدار من هذه الاماكن وهي أخطر أنواع الحروب وأسوؤها على الاطلاق.

ولهذه الاعتبارات نحن مدعوون الى الانتباه لمثل هذه الممارسات والتيقظ لخطورتها وإعلاء ثقافة النجاح والاهتمام بكل أبناء تونس الذين يحققون إنجازات مهمة تستحق تسليط الضوء إعلاميا وجماهيريا والتباهي بها حتى تكون قدوة ومصدر فخر للأجيال الجديدة. وعلى الفاعلين السياسيين الرهان على الذكاء التونسي باعتباره الثروة الحقيقية لهذا البلد ووحده قادر على جعل تونس مشعّة في محيطها كما كانت في اغلب المراحل التاريخية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

التمويل الأجنبي  للجمعيات : أي دور للجنة التحاليل المالية؟

أي دور ستلعبه الجمعيات في السياق الانتخابي الحالي ونحن في خضم الحملة الانتخابية؟ وهل يمكن …