محمد الضيفي الخبير في الحوكمة المحلية لـ «الصحافة اليوم» : طريقة اختيار الولاّة الجدد تعيد للدولة ومؤسساتها هيبتها وتكرّس مبدأ الكفاءة والجدارة
بعد شهر من اقالة رئيس الحكومة السابق أحمد الحشاني وتعيين كمال المدّوري خلفا له، وبعد تحوير حكومي يمكن وصفه بالشامل باعتباره لم يستثن سوى ثلاثة وزراء، اجراه منذ نصف شهر قام رئيس الجمهورية قيس سعيد أول أمس الأحد بحركة شاملة في سلك الولاة، وذلك بأن تولى اقالة 15 واليا وتعيين آخرين خلفا لهم وسد الشغورات في تسع ولايات،وهي تونس وباجة والكاف والقيروان وقابس والمنستير والمهدية وصفاقس.
وبالخطوة الأخيرة يكون الرئيس قيس سعيد في هذا الظرف السياسي الحساس الذي تنتظر فيه بلادنا خلال أيام قليلة تنظيم انتخابات رئاسية، قداستكمل تركيبة الحكومة التي كانت تشهد شغورات و«رمّم» المشهد في بقية مؤسسات الدولة وصولا الى الولاة والمعتمدين، ذلك ان دور الولاة في جهاتهم واقعيا لا يقل أهمية عن دور الوزراء باعتبار ان جميعهم مكلفون بتنفيذ سياسة الدولة.
وفي تصريح لـ «الصحافة اليوم» اكد محمد الضيفي المختص في الحوكمة المحلية انه لأول مرة في تاريخ سلك الولاة يتم اجراء حركة تشمل كافة ولايات الجمهورية التونسية وذلك منذ إحداث هذا السلك سنة 1956. وما يعتبر إيجابيا هو انه بموجب هذه الحركة قد تم تعيين كفاءات متخرجة من المدرسة الوطنية للإدارة وأشخاص من ذوي الكفاءة في مجالات مختلفة ومتنوعة فمنهم مراقب عام للمصاريف العمومية وكاتب عام بلدية واستاذ تعليم عال وقاض وغيرها من الاختصاصات. وهذه الحركة بالاضافة الى انها تقع لأول مرة بحكم انها شملت كافة الولايات فانها ضمت كفاءات مشهود لها بالاقتدار والخبرة في المجال الإداري.
وهذا التعويض الكامل للولاة المقالين بولاة جدد تشير المعطيات المتوفرة حسب محدثنا الى أن اغلبهم تقريبا من أبناء المدرسة الوطنية للادارة وكفاءات الادارة التونسية المباشرين للإدارة. وهو التمشي ذاته الذي تم اعتماده في اختيار اعضاء الحكومة الجدد. وجميعهم كفاءات من الادارة التونسية المباشرين، عينوا لادارة مؤسسات الدولة التي تدرجوا في سلم اداراتها وتمرسوا على العمل الإداري فيها، ناهيك عن معرفتهم بالقوانين والتشريعات الجاري بها العمل وحتى بالكواليس والهوامش والخصوصيات الادارية والمجتمعية التونسية.
وبالتالي في الحركة الأخيرة للولاة وحسب سيرهم الذاتية فقد تم الاختيار حسب محدثنا على أشخاص ذوي كفاءة وخبرة في مجالات مختلفة،ليعبر عن أمله أن يتم استغلالها كما يجب لملاءمتها مع ممارسة خطة الوالي.
ولفت محدثنا الى ان رئيس الجمهورية في هذه التسميات الأخيرة ابتعد عمن هم في علاقة به او بمشروعه السياسي او ممن قادوا حملته الانتخابية مثلما كان الحال في تعيين ولاة سيدي بوزيد وبنزرت وبن عروس وقفصة والذين تم التخلي عنهم دفعة واحدة في الحركة الأخيرة وهو ما يؤكد على ابتعاد الرئيس عن منطق الولاءات وتوجهه نحو تعيين ولاة اعتمادا على مبدإ الكفاءة والخبرة.
وأضاف محدثنا ان ما يلفت الانتباه هو ان حركة الولاة جاءت متزامنة مع التغيير الشامل للحكومة. وهو ما يعتبر دليلا على ان البلاد مقبلة على مرحلة جديدة بكفاءات جديدة وبطاقم جديد لتسيير دواليب الدولة في مستوى الوزارات والولايات وفي منصب المعتمدين الذين تم اختيارهم هم أيضا على أساس الخبرة والمستوى العلمي. وهو ما يعني ان التعيينات في مثل هكذا مناصب تتم اليوم بطريقة مختلفة تماما عما كان عليه الامر سابقا.
ومن خلال هذا التحوير الشامل المعتمد على الكفاءة والخبرة والمستوى العلمي المرموق حسب محدثنا ربما يريد الرئيس قيس سعيد ان يوجه من خلاله رسالة الى الشعب بانه مقتنع بضرورة تغيير القرارات التي يعمل وفقها والتخلي عمن ليست لهم الكفاءة والقدرة على القيام بطريقة مرضية بمهامهم حسب الخطة التي يتولونها في الدولة. وكأن الرئيس في كل ذلك قد اخذ في الاعتبار طريقة الأداء وتقييمها ورأى انه بات من الضروري تغيير من لم يظهروا من الكفاءة والقدر الكافي من الخبرة لتسيير دواليب الدولة.
وأشار محدثنا الى أن الرئيس من خلال ما هو بصدد اجرائه من تحويرات شاملة في الحكومة والولاة وفي الإطارات الجهوية والمحلية قبل الانتخابات الرئاسية التي لم يعد يفصلنا عنها سوى أيام، كأنه مقتنع بان المرحلة القادمة ستكون من مشمولاته ويستعد لعهدة رئاسية ثانية برجال اكثر كفاءة وخبرة لخوض غمار التحديات المقبلة. وبالتالي ما قام به اشبه بعملية استباقية لفترة سياسية جديدة تتطلب إعداد العدة لدخولها.
وخلص الأستاذ محمد الضيفي في تصريحه لـ «الصحافة اليوم» الى انه بغض النظر عن كل شيء، لا بد من التأكيد على اهمية هذه الاختيارات والخيارات. وقد اعتبر ان فيها الكثير من الحكمة لإعادة شيء من هيبة الدولة ومؤسساتها وتكريس مبدإ الكفاءة والجدارة في اختيار من يتولون إدارة شؤون الدولة عوضا عن مبدإ الولاء الذي كان الى حد قريب أساس اختيار المسؤولين في مختلف المناصب في الدولة وفي مؤسساتها.
بعد أن كشفت زيارات الرئيس الميدانية تقصير المسؤولين الجهويين : العمل الميداني أصبح من ركائز عمل الولاّة
كشفت الزيارات الميدانية ذات الطابع الفجئي التي أداها رئيس الجمهورية قيس سعيّد الى مختلف ال…