المجال المغاربي تحت تأثير ظواهر استوائية : هل استعدّت تونس للمخاطر المحتملة؟
يعيش المجال المغاربي هذه الأيام تحت وقع تغييرات مناخية كبرى تمثلت في سيول جارفة أدت إلى أضرار مادية وبشرية حيث راح ضحيتها في المغرب الأقصى 11 شخصا بالإضافة إلى وفاة شخص في الجزائر.
ويفسر الخبراء هذا بوجود منطقة المغرب العربي الكبير والكثير من مناطق البحر الأبيض المتوسط تحت تأثير ظواهر استوائية أصبحت متواترة في السنوات الأخيرة جراء التغيرات المناخية الكبرى التي تعصف بالعالم منذ فترة.
فقد عرفت منطقة المتوسط بالتبعية منطقة المغرب العربي تكوّن سحب استوائية كما يقول الخبراء نتيجة تحول مداري في شمال افريقيا حدث تفاعل بينه وبين نظام جوي بارد قادم من شمال أوروبا مما أدى الى تكوّن سحب ركامية كثيفة أدت بدورها الى تساقط الأمطار بشكل مكثف في زمن قصير فسالت الأودية والمنخفضات وجرفت كل ما يعترضها وهو ما جعل الخسائر كبيرة.
والأكيد ان بلادنا معنية بهذه التقلبات الجوية فقد نزلت كميات طيبة من الامطار التي كانت اغلبها نتيجة زوابع رعدية شملت الجنوب والشمال بأقدار متفاوتة.
وإذ لا نخفي فرحتنا بالغيث النافع لاسيما وان بلادنا عاشت سنوات جفاف طويلة تضررت منها المائدة المائية وتراجعت المنتوجات الزراعية جراءها فإننا أيضا مطالبون بالحذر وبتوخي كل الاحتياطات اللازمة لتفادي أي أخطار محتملة . خاصة وان مصالح الرصد الجوي تؤكد ان التقلبات الجوية ماتزال متواصلة ونحن في مستهل الخريف وهو اعلان بداية موسم المطر الذي نتمناه مبشّرا ولكن لابد من الاستعداد له على جميع الأصعدة.
فمعلوم ان بنيتنا التحتية متردية جراء عدم الصيانة لمدة اكثر من عقد من الزمن وكذلك وضعية السدود والأودية ولا ندري إذا كانت المصالح التابعة لوزارة الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية قد استعدت الاستعداد اللازم لموسم الأمطار وقامت بما يلزم في هذا الخصوص.
والأكيد ان مظاهر الاستعداد والتوقي من المخاطر التي قد تنجر عن موسم الأمطار كثيرة و متعددة من بينها تعهد السدود بالصيانة وجهر الأودية والمنخفضات خاصة تلك القريبة من المناطق السكنية.
هذا بالإضافة الى ضرورة القيام بحملات نظافة واسعة النطاق في كل المدن ورفع الأتربة وبقايا مواد البناء المتراكمة في المدن الكبرى خاصة وذلك حتى لا تجرفها مياه المطر وتمتلئ بها البالوعات التي غالبا ما تفيض وتغرق عند نزول كميات متوسطة من الأمطار.
وبالتالي لابد من صيانة أيضا قنوات التطهير والبالوعات ولا ننسى ان التساقطات الكثيفة تؤدي الى سيول تعزل أحيانا المدن والقرى وبالتالي لابد ان نستعد بصيانة وتجديد اسطول الحماية المدنية و توفير كل الإمكانيات لها لتكون في اعلى درجات الجاهزية.
إذن ونحن نستقبل أولى بشائر الخريف ونحتفي بالغيث النافع مستبشرين بموسم فلاحي واعد ومع استعدادات الفلاحين لانطلاقة موسم فلاحي جديد آملين ان يكون مختلفا عن المواسم السابقة تتطلع الأعين إلى محطات الرصد الجوي المبشرة والمحذرة في الآن ذاته من مخاطر التساقطات الكثيفة اذا لم ترافقها استعدادات جيدة ودقيقة لتفادي مخاطر السيول.
وباعتبار ان بلادنا تقبع كما بات معلوما في دائرة الشح المائي فإن التقلبات الجوية التي نعيش على وقعها هذا الأيام والأمطار التي نزلت وننتظر المزيد منها بفارغ الصبر بالتأكيد سيكون لها الأثر البالغ في ارتفاع منسوب مياه السدود وتحسن المائدة المائية خاصة في الجنوب وستؤثر إيجابا على الفلاحة سواء تعلق الأمر بالأشجار المثمرة أو بانطلاقة موسم الزراعات الكبرى والرهان على تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب كما هو مأمول. بالإضافة إلى تأثير هذا على توفير الغذاء لقطيع المواشي.
التشغيل في تونس : «أم المعارك» التي لا بدّ من خوضها
لا شك ان احد الرهانات المطروحة على تونس اليوم هو التشغيل بكل ما يعنيه هذا الملف من تعقيد …