2024-09-10

التغيير الشامل لكافة ولاّة الجمهورية : الكفاءة أوّلا والولاء للوطن مبدأ..

أجرى رئيس الجمهورية قيس سعيد أمس الأول تغييرا شمل كل ولاّة الجمهورية التونسية والذي يأتي استجابة لمطالب الشعب التونسي في كافة الجهات بعد تواصل تعطّل المشاريع التنموية والإصلاحية الكبرى خاصة في المناطق الداخلية وعدم النهوض بالتنمية والتشغيل واستحثاث المشاريع العمومية التي من شأنها أن تأتي بالنفع على أبناء تونس في مختلف المناطق.

إن هذا التغيير الشامل لكل ولاّة الجمهورية يأتي أيضا بعد إعطاء عديد الفرص للولاة من أجل النهوض بالتنمية في كل مناطق الجمهورية وتحديد الأولويات التنموية والاقتصادية في إطار تنفيذ السياسة العامة للدولة في مختلف القطاعات والمجالات والملفات.

ولعل فشل أغلب ولاة الجمهورية في تحقيق انتظارات الشعب التونسي في كل شبر من ربوع الوطن أدى إلى هذا التغيير الشامل والعميق رغم تفاوت أداء الولاة من ولاية إلى أخرى، لكن في الأغلب كانت الحصيلة سلبية وذلك لفشل بعض الولاة في اتخاذ القرارات الحاسمة في أغلب الملفات الكبرى ودعم التنمية والتشغيل وحلحلة الملفات الرابضة في الرفوف أو لسلبية بعض الولاة الآخرين وتوخيهم سلوك الموظف الإداري المكلف بتسيير شؤون الولاية وليس العمل على إحداث التغيير.

ونرى أن هذا التغيير جاء أيضا استجابة لمطالب الكثيرين من فئات الشعب في مختلف المناطق نتيجة عدم التماسهم تغييرا أو تقدما في مختلف المشاريع المعطلة وغياب نتائج تذكر في علاقة بتحسين الخدمات الإدارية والمرافق العمومية على غرار النقل والصحة العمومية وغيرها وعدم المساهمة في التشجيع على الاستثمار الخاص أو تحفيز أبناء الجهات الداخلية للانتصاب للحساب الخاص والمساهمة في خلق الثروة إما بمشاريع خاصة أو الانخراط في تأسيس الشركات الأهلية.

ويعوّل كثيرون اليوم على هذا التغيير العميق والكلي في سلك الولاة من أجل دفع التنمية والتشغيل وتحسين الخدمات الإدارية والمرافق العمومية في مختلف القطاعات والمجالات واستحثاث المشاريع المعطلة على غرار قطاعات النقل والتعليم و في قطاع الصحة العمومية في علاقة ببناء المستشفيات ومستوصفات جديدة أو استكمال برنامج توسيع للمستشفيات المحلية وتغيير أصنافها الى مستشفيات جهوية لكي تستجيب لانتظارات أهالي تلك المناطق ولكثافتها السكانيّة بما يعود بالنفع على كافة السكان والأهالي ويدعم الدور الاجتماعي للدولة.

ونرى أن هذا التغيير في سلك الولاة والذي شمل الأربعة والعشرين ولاية فرضته أيضا الرهانات الاقتصادية والاجتماعية للمرحلة المقبلة والتي تعد في مقدمة الأولويات سواء لرئاسة الجمهورية أو للحكومة الجديدة برئاسة كمال المدّوري ، وهو الاختبار القادم لقياس مدى نجاعة العمل الحكومي وإحداث النقلة النوعية المنتظرة بعد استكمال المسار السياسي برمّته.

ونعتقد أن نجاح مهام كافة الولاة الجدد رهين الاستماع إلى مشاغل المواطنين الحقيقية ومحاربة الفساد واستحثاث المشاريع المعطّلة وتحسين البنية التحتية وخدمات كافة المرافق العمومية دون استثناء ومتابعة تنفيذ المشاريع والسهر على مطابقتها للمواصفات المعمول بها والمتفق بشأنها إضافة إلى بذل الجهود في إطار دراسة بيئة العمل والاستثمار وتقديم المقترحات الضرورية والعملية التي من شأنها أن تنهض بالتنمية والتشغيل وخلق الثروة والتحفيز على الاستثمار الداخلي والخارجي.

كما أن هذه الحركة الشاملة في سلك الولاة من شأنها إنهاء حالة الفراغ والشغور في بعض ولايات الجمهورية وإضفاء نفس جديد في ولايات أخرى لم ينجح « للأسف» الولاة السابقون في الاستجابة لانتظارات الأهالي وتقديم الإضافة المنتظرة منهم وفق المهام المنوطة بعهدتهم.

ومن شأن منصب الوالي اليوم ووفق المهام المخوّلة له وبالتنسيق مع كافة الأطراف والهياكل المعنية في الدائرة الترابية المعنية أن يساهم في إنجاح المنوال التنموي والاقتصادي للبلاد وينهض بالاستثمار والتشغيل وينهض بمستوى عيش المواطنين ويسهر على حفظ الأمن والاستقرار الاجتماعي و ذلك لما يمثله منصب الوالي من أهمية سواء في علاقة بتنفيذ السياسات العامة للدولة وخاصة في ما يتعلق بالمجال التنموي والجهوي وبوصفه ممثل الحكومة له سلطة على موظفي وأعوان المصالح الجهوية المباشرين بدائرة ولايته ويسهر على تنفيذ القوانين والتراتيب الجاري بها العمل والقرارات الحكومية في ولايته وهو الذي يعمل على تنشيط ومراقبة جل المصالح الجهوية الراجهة له بالنظر للإدارات المدنية التابعة للدولة ويقترح البرامج والحلول التي من شأنها أن تحقق النمو الاقتصادي والاجتماعي وتنهض بالتنمية في دائرة ولايته.

ويعوّل كثيرون على هذا التغيير العميق في سلك الولاة في اتجاه إيجاد حلول عاجلة لمختلف الملفات و الأزمات التي تعاني منها بعض الجهات اعتبارا للدور المحوري للوالي في التنسيق مع الهياكل الحكومية لمعالجة الأزمات، وذلك من خلال إعداد برنامج واستراتيجية واضحة للإدارة والمعالجة تكون مضبوطة ببرنامج زمني مصاحب للتنفيذ .

ويأتي هذا التغيير وفق تقديرنا في التوقيت المناسب لينهي بذلك حالة الجدل التي صاحبت تعيين أسماء بعينها على رأس بعض الولايات عرفت بفشلها وقربها من المسار.. وينهي معها الجدل حول التسميات في المناصب العليا للدولة على أساس الولاءات ويكرّس مبدأ الكفاءة والجدارة والخبرة ونظافة اليد كمعايير واضحة للتسميات ،بما يخدم التوجّه العام لبلادنا خلال المرحلة المقبلة والذي تتمثل عناوينه الكبرى في ما هو اقتصادي واجتماعي وتنموي وأمني أيضا وهو ما يحتّم أن يكون الولاة الجدد ذوات كفاءة عالية ولهم  الخبرة الكافية في الإدارة ومتابعة المشاريع للتمكن من اقتراح البرامج العملية والقابلة للتنفيذ في إطار ضوابط السياسة العامة للدولة لتسهيل انجاز البرامج التنموية والمشاريع  وضبط الاستراتيجيات المحكمة والسياسات الناجعة لضمان الاستقرار الأمني وتمثيل السلطة التنفيذية على أحسن ما يكون والاستجابة لانتظارات التونسيات والتونسيين في كافة ولايات الجمهورية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إثر زيارة رئيس الجمهورية لهنشيري الشعّال والنفيضة : الشعب التونسي في حالة صدمة من هول ما رأى من فساد…

كشفت زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيّد غير المعلنة  الأخيرة الى كل من هنشير الشعّال بولاية صف…