2024-09-07

«الصحافة اليوم» في جولة وسط العاصمة لمواكبة الاستعدادات للعودة المدرسية مع الأولياء : يهجرون المكتبات نحو السوق الموازية بحثا عن أسعار أقل للمستلزمات المدرسية

أصبحت العودة المدرسية مشكلة تواجه العديد من الأسر التونسية فيزداد مؤشر القلق والحيرة خوفا من عدم قدرتها على توفير المستلزمات الدراسية لأبنائها والتي باتت تثقل كاهل معظم العائلات خاصة محدودة الدخل بسبب تدهور المقدرة الشرائية والارتفاع الكبير للأسعار مما يدفع بالكثير منها   الى  التوجه نحو الأسواق الموازية التي يعتبرها الكثير متنفسا خاصة مع توفر المستلزمات المدرسية بأسعار مناسبة وتتماشى مع مقدرتهم الشرائية.ولمزيد تسليط الضوء على هذا الوضع قامت  «الصحافة اليوم» بجولة في العاصمة ورصدت آراء المواطنين وأصحاب المكتبات في الريبورتاج التالي.

السيدة حليمة والتي كانت تمشي بخطوات متثاقلة في أحد شوارع العاصمة التي تعج بـ «نصبات» تعرض الأدوات المدرسية المختلفة …وكانت حليمة تحمل  على ظهرها محفظة وردية يبدو أنها مليئة بالمستلزمات الدراسية وكيسين آخرين، استوقفناها لمهلة حتى نسألها عن تحضيراتها للعودة المدرسية فأجابتنا بصوت متقطع بسبب التعب « لا خيار لدي سوى التبضع من السوق الموازية لأنها أقل سعرا وأنا ربة بيت وأم لأربعة تلاميذ في مستويات مختلفة، لا يمكنني مجابهة الغلاء الموجود في المكتبات». وتابعت السيدة حليمة «أنا على وعي تام بالمخاطر الصحية والجودة المتدنية التي قد ترافق هذه المنتجات، إلا أن الفارق كبير في الأسعار بين المكتبات والأسواق الشعبية وهذا ما يدفعني إلى اتخاذ هذا الخيار الصعب» وفق تقديرها.

أما السيد محمد الميموني -موظف -والذي كان رفقة أبنائه الثلاثة فقد كان بصدد اقتناء المستلزمات المعروضة في ساحة برشلونة ويعتبر أن هناك فرقا واضحا وكبيرا بين ثمن الكراسات في المكتبات وثمنها في السوق الموازية حيث أكد أن ثمن الكراس غير المدعم في المكتبة بـ 4800 مليم بينما اشتراها في السوق الموازية بدينارين أضف إلى ذلك إلى أن الكراس المدعم غير موجود في أغلب المكتبات، وأوضح أنه لا يجد فرقا في نوعية وجودة كل المستلزمات المدرسية عن التي توجد في المكتبات على حد تعبيره مشيرا إلى أن الأسعار ارتفعت بشكل كبير وشملت كل شيء.

معاناة متواصلة

وأكدت السيدة دريري –عاملة- أن الحصول على الكراس المدعم يكون مشروطا باقتناء كل المستلزمات المدرسية من نفس المكتبة أي أصبحنا نعاني بالإضافة إلى غلاء الأسعار من البيع المشروط «حتى في ظل ارتفاع الأسعار وتزايد تكاليف العودة المدرسية لا أستطيع مجابهتها إلا بقرض دراسي في كل عودة مدرسية ورغم ذلك أجد نفسي مضطرة للجوء إلى الأسواق الموازية لاقتناء الأدوات المدرسية والميدعة والمحفظات لابنتي حتى أحقق نوعا من التوازن بين الجودة والتكلفة» وفق تقديرها.

فأمام غلاء أسعار المستلزمات المدرسية في المكتبات، يجد عدد من التونسيين ضالتهم في الأسواق الموازية، حيث تتكدس الأدوات المدرسية مجهولة المصدر على قارعة الطريق وفي الأسواق الأسبوعية بأسعار مناسبة.

وتابعت محدثتنا بأن الأسعار ارتفعت بشكل كبير بالنسبة لمستلزمات العودة المدرسية من ميداعات وحقائب وأدوات مدرسية وهو ما يجبرها على التحول للأسواق الشعبية بحثا عن أسعار أقل مقارنة بالمكتبات لتأمين عودة مدرسية لابنتيها بالرغم من وعيها بتدني جودتها ومضار بعض الأدوات الصحية.

أما السيدة أحلام -عاملة في تنظيف السمك في السوق المركزية بالعاصمة -فقد روت لنا معاناتها في توفير لقمة العيش وأنها عاجزة تماما عن توفير مستلزمات السنة الدراسية لابنتيها اللتين تدرسان في المرحلة الابتدائية مبينة أنه لولا وجود سيدة تقدم لها يد المساعدة لما تمكنت من تدريس ابنتيها، وأضافت أحلام بصوت مختنق « الزوالي لا يستطيع مجاراة نسق ارتفاع الأسعار الكبير».

تجد العائلات التونسية محدودة الدخل نفسها مجبرة على الالتجاء إلى الأسواق الموازية لشراء مستلزمات العودة المدرسية بأسعار منخفضة رغم دعوة وزارتي الصحة والتجارة إلى «ضرورة اقتناء الأدوات المدرسية من المكتبات»، وسط تحذير من شراء مستلزمات تتعارض مع البيانات القانونية والصحية للمنتوج حيث لا تزال غالبية الأسر تحمل عبء العودة المدرسية رغم قرار الحكومة التونسية الترفيع في المساعدة المالية إلا أن ارتفاع الأسعار وزيادة نسب التضخم وارتفاع كلفة التمدرس تجعلها غير قادرة على مجابهة نفقات الدراسة.

وفي وقت سابق أكّد سمير قرابة، رئيس الغرفة النقابية الوطنية لصانعي الكتاب المدرسي، أنه «لا وجود لزيادة في أسعار الكتاب المدرسي والكرّاس المدعّم هذه السنة»، مشدّدًا على أنّ «الأسعار هذه السنة تقدّر بنصف ثمنها في تركيا».كما أبرز سمير قرابة، أنهم شرعوا في طباعة الكتب المدرسية منذ شهر ماي الفارط وقد تمكنوا إلى غاية الآن من طباعة 9 ملايين نسخة من مجموع 13 مليون نسخة  موضحا  أن الكتب المدرسية ستكون جاهزة قبل العودة المدرسية.

تضرر كبير

أما السيدة «أنيسة» مثلما طلبت أن نسميها وهي صاحبة مكتبة وسط العاصمة فأكدت أن المكتبات متضررة بشكل كبير، وأنه لولا تخصصها في بيع المستلزمات الكتبية للشركات لأقفلت منذ سنوات، وتابعت محدثتنا التي التقيناها في مكتبتها الخالية تماما من الزبائن إن ما يحز في نفسها أن أصحاب المكتبات يدفعون الضرائب ويتكبدون الكثير من المصاريف كالكراء والتغطية الاجتماعية للعاملين وغيرها في حين أن أصحاب البضاعة المعروضة على قارعة الطريق وفي الأسواق الموازية لا يدفعون أي شيء حتى أنهم أصبحوا يشكلون خطرا كبيرا على القطاع المنظم الذي يعاني منذ مدة في غياب تام لأي تدخل واضح من السلط المحلية داعية إياها إلى ضرورة التدخل السريع لحلحلة هذا الإشكال الذي أضر بشكل مباشر بقطاع المكتبات.

الأسعار المعروضة في المكتبات والتكلفة الباهظة للعودة المدرسية جعلتا العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل عاجزة عن مواجهة غلاء الأسعار لا سيما وأن العودة المدرسية تأتي بعد موسم تميز بذروة استهلاكية في فصل الصيف وقبله عيد الأضحى وهو ما أرهق القدرة الشرائية للمواطن التونسي الذي سيجد نفسه اليوم يواجه غلاء العودة المدرسية، مع تواصل ارتفاع الأسعار التي لا تتلاءم مع دخل أغلب العائلات التونسية الأمر الذي  قد يحدث اضطرابا حتى لدى الطبقات الوسطى التي لم تعد بدورها قادرة على مجابهة نسق الأسعار الصاروخي والذي شمل تقريبا كل المواد الاستهلاكية والخدماتية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

لمواجهة ارتفاع الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية هل أصبح «الفريب» ملاذ التونسيين في العودة المدرسية..؟

تزامنا مع العودة المدرسية تشهد أسعار الملابس والأدوات المدرسية وكل مستلزمات العودة ارتفاعا…