2024-09-07

الخبير البيئي عادل الهنتاتي لـ«الصحافة اليوم»: تونس بحاجة إلى تفعيل الدراسات العلمية والتقنية لمعالجة الإشكاليات البيئية

تردّي الوضع البيئي وتراجع مؤشرات جودة الحياة في تونس تحول إلى إشكال حقيقي لدى المواطن التونسي …وضع يلاحظه الزائر والمقيم نتيجة تراكم النفايات في بعض المناطق وتراجع الأداء البلدي في العناية بالنظافة وبالبيئة وجمالية مداخل المدن والعناية بالمناطق الخضراء التي تحولت إلى مناطق جرداء نتيجة غياب الري والتعهد المتواصل.

التلوث الصناعي المائي في بعض الولايات مثل صفاقس وقابس وبنزرت مشاكل بيئية عويصة لم يتم التوصل إلى الآن لوضع حلول جذرية لها منذ عقود، كل هذه الإشكاليات وغيرها كانت محل متابعة من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد لدى لقائه أول أمس بقصر قرطاج بحبيب عبيد، وزير البيئة.

فقد تعرّض رئيس الدولة مطوّلا للأسباب التي أدّت إلى تردي الأوضاع البيئية في كل مكان تقريبا ومن بينها وليس أقلها الفساد الذي طال هذا المجال منذ سنوات طويلة. فحتّى الهبات التي كانت تُقدّم من الخارج كانت تُقتطع منها نسبة مائوية لمن كان يُفترض أنه مشرف على حماية البيئة والمحيط. كما أن عديد المنشآت التي تم إحداثها للتطهير ولحماية المحيط لم تحقق في أحسن الأحوال إلا القليل القليل، بل أكثر من ذلك تمّ إهدار المال العام في مشاريع لم تُنجز أو أنها أُنجزت في تجاهل تام للشروط المطلوبة، وتم اغتيال البيئة في عديد المدن كقابس وصفاقس وقفصة وغيرها من المدن الأخرى. هذا فضلا عن الجرائم التي ارتكبتها بعض الجهات التي أرادت أن تُحوّل تونس إلى مصب للنفايات.

وللوقوف على هذه الإشكاليات التي أتى عليها رئيس الجمهورية تحدثت «الصحافة اليوم» إلى الخبير البيئي عادل الهنتاتي الذي أشار إلى أن رئيس الجمهورية تعرض إلى أكبر الإخفاقات التي عرفها قطاع البيئة في تونس في السنوات الأخيرة والناتجة أساسا عن فشل عديد المؤسسات المعنية بنظافة المحيط والتصرف في النفايات ومعالجة التلوث البحري والبري والتربة في معالجة المشاكل البيئية الموكولة لها.

وأكد الهنتاتي على أن الرئيس على دراية بما يعانيه المجال البيئي في تونس من سوء حوكمة ونقص في الإلمام لدى المسؤولين بالتحديات التي تواجهها القطاعات التي يشرفون عليها والتي تعود في بعض الأحيان إلى الافتقاد للكفاءة والاطلاع الكافي على مختلف أبعاد هذه المسائل البيئية التي تتطلب خبرة وحسن دراية لوضع الحلول الضرورية لكل مشكل بيئي.

وفي تعليقه على الاستراتيجية الوطنية لتثمين النفايات وتحويل النفايات الصناعية إلى طاقة فقد أكد أن المسألة ليست مسألة استراتيجيات فحسب بل تشمل أيضا متابعة الأعمال الميدانية وتنفيذ الدراسات الفنية التي قامت بها جهات وطنية في مختلف الإشكاليات البيئية منها تحسين جودة الحياة ورفع الفضلات وحماية الموارد الطبيعية وحماية التربة من التصحر والغابات من الحرائق مشددا على أن الدراسات موجودة ومتوفرة وقد أشرفت عليها كفاءات وطنية بدعم وتمويلات دولية لكنها بقيت على الرفوف ولم تدخل حيز التنفيذ بعد.

كما أضاف الهنتاتي أننا في تونس بحاجة إلى تبويب أولوياتنا في المجال البيئي الذي يحتاج إلى تضافر جهود كل الوزارات وليس فقط وزارة البيئة وإلى تحفيز سلوك مواطني واع مشددا على دور المواطن في تحسين مؤشرات جودة الحياة في كل دولة ودعوته إلى مزيد الانخراط في هذا المجهود مشددا على أهمية إيلاء البحوث العلمية والدراسات أهمية كبرى في هذا الجانب.

كما أوضح الخبير البيئي أن بعض الملفات كالتلوث الصناعي في بعض النقاط البيئية السوداء تحتاج إلى شجاعة في تنفيذ عدد من التوجهات للحد من التلوث في هذه المناطق وتوجيه الملوثات إلى صناعات قادرة على تحويل هذه النفايات والملوثات إلى طاقة كما هو معمول به في عديد الدول التي يمكن لتونس الاستئناس بتجاربها في هذا السياق.

وكان رئيس الجمهورية قد دعا إلى ضرورة معالجة القضايا التي تستوجب التدخل السريع مع وضع استراتيجية وطنية جديدة متكاملة مع كل الأطراف المتدخلة سواء في مجال التهيئة العمرانية أو في مجال الطاقة التي أثبتت التجارب العلمية أنه يمكن استخراجها من النفايات أو في مجال استعمال الفوسفوجيبس في بعض الصناعات فيتحوّل من مادة ملوّثة إلى ثروة يمكن استغلالها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

في لقاء جمع وزير الخارجية بنظيره الكويتي: بحث الاستعدادات لأشغال اللجنة المشتركة التونسية الكويتية

تستعد تونس والكويت إلى تنظيم اللجنة المشتركة التونسية الكويتية والتي من المنتظر أن تنتظم ق…