ميزانية الدولة لسنة 2025 تتوجّه نحو المحافظة على التوازنات المالية الكبرى للبلاد ..والتعويل على الإمكانيات الذاتية صعب وغير مستحيل..!
تنكبّ الحكومة على إعداد ميزانية الدولة لسنة 2025، والتي عادة ما ينطلق مجلس نواب الشعب في النظر فيها بداية من منتصف أكتوبر من كل سنة. ومن المنتظر ان يتم النظر فيها هذه السنة بصفة مشتركة بين البرلمان والمجلس الوطني للجهات والاقاليم. وبالمناسبة كانت ميزانية الدولة والفرضيات والتوجهات الكبرى لمشروع الميزانية القادمة أحد محاور اللقاء الذي جمع أمس الأول رئيس الجمهورية قيس سعيد بوزيرة المالية سهام البوغديري نمصية.
وحسب بلاغ رئاسة الجمهورية حول هذا اللقاء فان الرئيس قيس سعيد نوّه بتمكن بلادنا من الإيفاء بكل تعهداتها المالية وعدم لجوئها إلى قانون مالية تكميلي، وذلك بالرغم من الصعوبات والتقلبات التي يشهدها العالم. لينوه كذلك باختيار تونس التعويل على امكانياتها الذاتية وتشبثها باستقلال قرارها الوطني.كما أكد على ضرورة اعتماد نظام جبائي عادل باعتبار ان الجباية العادلة المنصفة تمثل احدى المقدمات الأساسية لتحقيق العدل الاجتماعي في بلادنا.
وقد كانت رئاسة الحكومة قد أصدرت في شهر مارس 2024 المنشور عدد 11 حول إعداد مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025. وتوجهت به الى الوزراء وكتّاب الدولة ورؤساء الهياكل والولاة ورؤساء البرامج. وتعرضت في هذا المنشور الى ما افرزته سلسلة الازمات المالية العالمية في السنوات الأخيرة من ضغوطات على التوازنات المالية الكبرى للبلاد عامة وميزانية الدولة على وجه الخصوص، وذلك جراء ارتفاع نسبة التضخم في سائر اقتصادات العالم نظرا للنسق التصاعدي غير المسبوق في أسعار الطاقة والمواد الأولية، وما أصاب مسالك التوزيع والإنتاج من اضطرابات والعرض والطلب من اختلال في التوازن جراء تأثير الصدمات على الإنتاج والاستهلاك الذي أضفى مزيدا من الضبابية على الآفاق المستقبلية للنشاط الاقتصادي والتبادل التجاري العالمي.
وقد أكد المنشور على أن مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025 فيه توجّه نحو المحافظة على التوازنات المالية والتخفيض من عجز ميزانية الدولة والتقليص من اللجوء الى التداين العمومي ومزيد التعويل على الذات وذلك بالرغم من تواصل الضغوطات والتحديات والرهانات، وهو ما يتطلب ترتيب الأولويات والتوجهات الكبرى بهدف تعزيز الصلابة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتعجيل وتيرة الإصلاحات الهيكلية الرامية إلى تحقيق نمو شامل ودائم يجذب المستثمرين ويخلق الثروة ويوفر الفرص لمختلف الفئات من طالبي الشغل، بالإضافة إلى المحافظة على استدامة التوازنات المالية للبلاد التي تمثل ركيزة أساسية لتكريس السيادة الوطنية والمحافظة على استقلالية القرار الوطني وتحقيق الأمن الاقتصادي والسلم الاجتماعي.
وفي إطار مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025سيتم حسب ما جاء في المنشور المذكور العمل على مواصلة تكريس التوجهات المستقبلية المضمنة برؤية تونس 2035 واستحثاث الجهود لتجسيم الإصلاحات الاقتصادية المبرمجة والتي تراعي خصوصيات البلاد وبلوغ أهداف المخطط التنموي الرابع عشر للفترة 2023ـ2025.
ولم يخف الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي في تصريح لـ«الصحافة اليوم» كمّ الصعوبات والغموض الذي يرافق إعداد ميزانية الدولة لسنة 2025، نظرا لاستيفاء موارد الاقتراض الداخلي التي بلغت 11.2 مليار دينار من جملة 11.7 مليار دينار ولم يتبق منها سوى500 مليون دينار فقط، هذا الى جانب صعوبة الاقتراض من الخارج وعدم ايفاء الأطراف المقرضة بتعهداتها تجاه بلادنا ما قد يدفع بالدولة للجوء المتواصل الى الاقتراض بالعملة الصعبة من البنوك المحلية. ليشير الى ان ميزانية الدولة لسنة 2024 بنيت على فرضية اقتراض10.5 مليار دينار من جملة فرضية اقتراض بقيمة 16.4 مليار دينار مبرمجة في الميزانية دون تحديد مصادرها وهو ما اعتبره بمثابة المغامرة. وتفاديا للتعقيدات دعا محدثنا الى التأني في إعداد ميزانية السنة المقبلة.
وعلى أهمية إيفاء بلادنا بكل تعهداتها المالية أكد الشكندالي أن ذلك جاء على حساب تزويد السوق بالمواد الأساسية وبالمواد الأولية ونصف المصنعة التي تمكّن المؤسسات من الإنتاج، ونتيجة ذلك ستكون حصول ركود اقتصادي والدخول في دوامة الاقتراض، نظرا لعدم القدرة على تعبئة الموارد الخارجية، كما انه في جزء آخر من الإيفاء بالتعهدات فانه جاء على حساب المداخيل المتأتية من السياحة والتصدير وتحويلات التونسيين بالخارج. وهنا دعا الدولة الى أهمية حسم مسألة الاقتراض من صندوق النقد الدولي من عدمه.
واكد محدثنا على أهمية تعويل بلادنا على امكانياتها الذاتية وتشبثها باستقلال قرارها الوطني غير ان ذلك يستدعي بالإضافة الى الاعتماد على الموارد الجبائية وغير الجبائية حسب تقديره التعويل على قطاع الفسفاط الذي يدرّ على تونس موارد مالية هامة، هذا الى جانب التحرك لإزالة ما يعيق عجلة الاستثمار والإنتاج لدفع النمو وخلق الثروة. وهو ما يتطلب حتما رؤية اقتصادية ووضع برامج واضحة يتم اعتمادها في وضع ميزانية البلاد. واعتبر انه من المهم كذلك تشريك خبراء الاقتصاد والفاعلين الاقتصاديين وفتح حوار اقتصادي لتحديد احتياجات بلادنا في الفترة القادمة حتى تكون الميزانية تنفيذا سنويا لرؤية مشتركة ساهمت فيها كل الأطراف وتنفع البلاد والمواطنين على حد سواء.
ضعف مشاركة الشباب في الانتخابات الرئاسية 2024: نسبة تستحق القراءة والتمحيص من أجل تفادي العزوف عن التصويت
تمثل الانتخابات الرئاسية لسنة 2024 مثالا واضحا لغياب الشباب كناخبين وناخبات. وقد بينت الإح…