2024-09-06

شملت الابحاث فيه 126 رجل أعمال تحصلوا على 7000 مليار ولم يرجعوها.. ملف الفساد في القطاع البنكي مجددا أمام القضاء

نظرت مؤخرا هيئة الدائرة المختصة بالنظر في قضايا العدالة الانتقالية في ملف الفساد في القطاع البنكي والذي شمل 8 متضررين وثلاث شركات وعدد من المنسوب إليهم الانتهاك من بينهم محافظو بنوك سابقين  وبلحسن الطرابلسي وليلى الطرابلسي وصخر الماطري.

وقد قررت الدائرة تأجيل المحاكمة لجلسة نوفمبر المقبل لانتظار اكتمال النصاب القانوني للهيئة.

وللإشارة فإنه ومنذ الحركة القضائية 2023 – 2024 ومنذ انطلاق السنة القضائية الفارطة  شهدت كل الدوائر شغورا في تركيبتها القانونية مما نتج عنه تأخير كل الملفات على حالها إلى موعد لاحق في انتظار استكمال تركيبة الهيئة مما يرجح أن هذه السنة القضائية للدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية لن يتم البت خلالها في أي ملف قضائي.

ووفق ما ورد في ملف القضية فأن  ثلاثة بنوك عمومية مولت شركات مرتبطة بعائلة الرئيس بمبالغ وصلت قيمتها 1750 مليون دينار وما يقارب 30 % من هذه المبالغ قدمت نقدا دون أية ضمانات للسداد ودون احترام للقوانين والمناشير المعمول بها.

وحيث أن سياسة المحسوبية وإهدار المال العام لم تكن تقتصر على الرئيس بن علي وحاشيته بل شملت أيضا مجموعة من رجال الأعمال الذين استفادوا من تسهيلات بنكية كبرى وقروض دون ضمانات بحكم نفوذهم وقربهم من دائرة السلطة فقد تحصل 126 رجل أعمال على حوالي 7000 مليون دينارا من البنوك العمومية طيلة فترة حكم الرئيس بن علي دون إرجاعها إلى اليوم.

كما تبين ان عددا من رجال الأعمال وأصهار الرئيس بن علي وأفراد عائلته وظفوا  الآلية الواردة بالقانون عدد 34 لسنة 1995 المتعلّق بالمؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية للتحيل.

فبعد الحصول على قروض ضخمة البنوك من دون تقديم ضمانات، يتم إهدار جزء هام من هذه التمويلات لسوء التصرّف المالي أو بعد استعمالها في غير وجهتها، ولمّا تصل هذه الشركات إلى حالة العجز عن تسديد ديونها للبنوك المُقرضة يتم اعتماد آلية التسوية الرضائية التي بمقتضاها يتم الحط والشطب إتفاقيا لجزء كبير من الفوائض التعاقدية وفوائض التأخير (بلغت 83.5 % في أحد الملفات) كما يتم الحط من أصل الدين وجدولة الجزء المُتبقي منه.

ثم في مرحلة أخيرة وبعد تمطيط الآجال وربح الوقت يتم اللجوء إلى آليات التسوية القضائية بعد رجوع الحالة إلى ما كانت عليه، ويقع تعيين خبير عدلي شريك ومتعاون مع منظومة الفساد لإعداد برنامج إنقاذ على المقاس، وبتوجيه من مستشار الدائرة الاقتصادية بالقصر المنجي صفرة الذي يقدم غالبا مذكرات للرئيس متضمنة لاقتراحاته، يتم استصدار أحكام قضائية على المقاس لشطب الديون الراجعة لتلك البنوك.

وهكذا تظهر العملية للعموم وكأنها عملية عادية لإنقاذ مؤسسة تمر بصعوبات اقتصادية.

من ناحية أخرى، أقرّت هيئة الحقيقة والكرامة أنّ المنظومة البنكية شكلت إحد أهم أسلحة النظام الفاسد في الاقتصاد حيث استعملت البنوك لمعاقبة من رفض الانصياع للمنظومة والضغط عليهم للتنازل عن حقوقهم، كما شكلت في الاتجاه الآخر آلية لمكافأة أعوان النظام المخلصين.

فالمنظومة البنكية التي ساهمت في استشراء الفساد في هذا الباب تشمل البنك المركزي والبنوك العمومية والتي كانت تمثل أغلبية والبنوك الخاصة بدرجات متفاوتة.

انتهاكات جسيمة.

وفق ما ورد في الابحاث فأن الانتهاكات في هذا المجال كلفت المجموعة الوطنية أموالا طائلة لإعادة رسملة هذه المؤسسات ففي سنة 2015 تكفلت الدولة بإعادة رسملة الشركة التونسية للبنك وبنك الإسكان بمبلغ 867 مليون دينار.

ويجب الإشارة في هذا الخصوص إلى أن محصلة البنوك العمومية من الديون المشكوك في استخلاصها تمثل 47 % من جملة الديون المصنفة للمنظومة البنكية، بقيمة 9,5 مليار دينار.

وتبين وفق ملف القضية انّ أسواق الأوراق المالية لم تبق في منأى عن استغلال الفاسدين حيث قاموا بإدراج شركات لا تستجيب للشروط المنظمة للسوق المالية وبقيمة أكبر من قيمتها الحقيقية، محققين بذلك أرباحا هائلة، إلى جانب استغلال معطيات ومعلومات سرية لتحقيق منافع خاصة.

استنطاق كاتب دولة سابق

وكانت المحكمة استنطقت كاتب دولة سابق والذي تمسك بعدم مسؤوليته عن جميع الأعمال الواردة بلائحة الاتهام نافيا كل الجرائم المنسوبة له من فساد مالي  والاعتداء على المال العام  التابعة للوظائف الذي تقلدها  ككاتب دولة لدى وزير السياحة وكمدير عام بالملكية العقارية بخصوص أرض مارينا قمرت ، وتغيير صيغة العقارات والتفويت في مقاسم عقارية للرئيس السابق زين العابدين بن علي والمقربين منه.

وأما عن  التهم التي وجهت له كمدير عام للوكالة العقارية للسكنى كالتفويت في العقار الكائن بحدائق قرطاج، التي نفاها وقال إن مهمته اقتصرت على تهيئة تلك المقاسم وان التفويت تم بعد عملية التهيئة وانه لم يسند أي من مقاطع قرطاج لأي كان.          

أما في المجال السياحي نفى أن تكون له علاقة  بأية شركة من الشركات المقربين في المجال السياحي

وعلى سبيل الذكر أحيل على التقاعد الوجوبي 59 سنة دون معرفة السبب حسب قوله بعد تقلده عديد المناصب.

 استنطاق المحافظ السابق للبنك المركزي

وكان  توفيق بكار  حضر  في جلسة سابقة بوصفه محافظ البنك المركزي سابقا (2004 – 2011) وهو أحد المنسوب إليهم الانتهاك فيما فارق كل من محمد الباجي حمدة مدير البنك المركزي و الشاذي العياري محافظ البنك المركزي سابقا الحياة وهما من بين المنسوب إليهم الانتهاك،

وتتعلق لائحة الاتهام بالفساد المالي والبنكي وبسماع  توفيق بكار بالتهم الموجهة له على أساسها كجرائم الاختلاس والتصرف في أموال عمومية بدون وجه حق.

وذكر بكار أنه تقلد خطة محافظ البنك المركزي منذ سنة 2004 إلى حدود سنة 2011. وبسؤاله عن تهمة الإخلال بواجب الرقابة على المؤسسات التي تسند القروض كمنح عديد البنوك بدون ضمانات أو بمنح امتيازات بدون ضمانات كأصهار الرئيس والمقربين منه لاحظ أنه منذ 1987 فإن البنك المركزي تخلى عن المراقبة المسبقة وأصبح من مشمولات البنك الذي يتعامل معه الحريف وبخصوص الضمانات فلا وجود لنص قانوني يوجب على البنك المقرض طلب هذه الضمانات وإنما هو عرف بنكي معمول به وبالتالي فإن طلب الضمانات يرجع للبنك ولو كان عموميا، وإن البنك المركزي أصبح دوره رقابيا لاحقا ويتمثل ذلك أساسا في بعدين أولا عدم إعادة تمويل البنوك في المشاريع التي تستخلص القروض السابقة ، ومن جهة أخرى القروض التي لا تستجيب لمناشير البنك المركزي المعمول بها. وأوضح بكار أن الالية الثانية تتمثل في إعادة تصنيف المقترضين الواردين على البنك المركزي من الشركات المقرضة، وبسؤاله هل تم تطبيق الآليتين عن أصهار الرئيس والمقربين منه من المقترضين لاحظ أن عديد الشركات التابعة لأصهار الرئيس تم تطبيق هذه الإجراءات عليهم مؤكدا أنه سيمد المحكمة بما يفيد ذلك وبسؤاله عن عملية الحط من فوائض التأخير أو أصل الدين من قبل الشركات المقرضة هل يكون البنك المركزي على علم بذلك وما هو دوره وهل يسمح لها بذلك لاحظ أن البنك المقرض هو مرجع النظر بعد أخذ رأي ممثل وزارة المالية ولا يرجع النظر فيها للبنك المركزي ولا دخل له في ذلك أما إذا كانت المؤسسة تعاني من صعوبات اقتصادية، وإذا التجأت إلى القانون عدد 34 لسنة 1995 فان عملية الحط لا يمكن إلا بعد موافقة وزير المالية، ملاحظا أن جميع الشركات التي تمت الإشارة إليها بلائحة الاتهام قد تحصلت على تراخيص من قبل وزارة المالية.

توظيف البنك المركزي..

وحول التهم المتعلقة بتوظيف البنك المركزي لفائدة الدائرة الاقتصادية برئاسة الجمهورية صرح توفيق بكار أنه بخصوص المذكرة الموجهة إلى البنك المركزي من قبل الدائرة الاقتصادية برئاسة الجمهورية صاحبها جلال بن عيسى فإن البنك المركزي لم يتصل بأي بنك من شركاء الشركة المذكورة ولم يطلب عدم تتبعهم لاستخلاص ديونهم وهو ملف فتح فيه تحقيقا لدى القطب القضائي المالي وانتهى بالحفظ وجميع معطياته مضافة بالتقرير.

وأما بخصوص ملف مجمع الطاهر العتروس وما ورد بمذكرة موجهة للبنك المركزي في 08 جانفي 2010 من قبل الهيئة الاقتصادية برئاسة الجمهورية (منجي صفره) وبموافقة رئيس الجمهورية أجاب أنه لا يمكن الاستجابة للطلب حيث دعم البنك المركزي البنوك لاسترجاع ديونها ولم ينسب البنوك مع الدائرة الاقتصادية لتخفيض نسبة ديون المجمع وبالتالي ليس له أي سلطة لتقليص نسبة مستحقات أي بنك

وفي خصوص مجمع لطفي عبد الناظر للمعدات الصحية بولاية قفصة لأن المجمع المذكور مر بصعوبات مالية أدى الأمر لتسويات قضائية مع أهم الشركات، نافيا في العموم أن يكون البنك المركزي تدخل في ذلك

مشيرا إلى أنه وفي خصوص الإخلال في الحسابات البنكية (كاسمنت قرطاج) يعاب على لجنة التحاليل المالية على الأموال المساهمة في الشركة كشبهة أموال عماد الطرابلسي وغيره فإن البنك المركزي لم يتلق أي إشعار في خصوص شبهة أموال الشركات الأجنبية المساهمة في شركة اسمنت قرطاج كما أن لجنة التحاليل المالية تتلقى التصاريح حول المعاملات والعمليات المسترابة وتحليلها، وفي خصوص المجمع الكيمياوي التونسي في إطار القضية التحقيقية في خصوص تحويل مبالغ إلى حسابات مجهولة الهوية أوضح أن البنك المركزي لم يتم إشعاره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

قرار قضائي في حق 20 عونا واطار بالسجن المدني بالمرناقية واخرين ….

تولى  قاضي التحقيق الأوّل بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب التمديد في فترة  الإيقاف التحفظي …