بعد شهر من صدوره : منشور «يفعّل» تطبيق القانون الجديد للشيك دون رصيد
أصدرت وزارة العدل يوم 4 سبتمبر الجاري منشورا مطوّلا في 15 صفحة حول تطبيق القانون الجديد للشيك دون رصيد والذي صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسيه تحت عدد 41 لسنة 2024 مؤرخ في 2 أوت 2024 ويتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها وأصبح يعرف بـ«قانون الشيك دون رصيد».
وكما هو معلوم فقد صادق مجلس نواب الشعب يوم 30 جويلية الماضي على مشروع القانون المذكور بـ 127 نعم واثنين احتفاظ ورفض وحيد في مؤشر نيابي يضاف إلى المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية التي كانت جميعها تفيد بوجود رغبة قوية في تنقيح هذا القانون الذي أرهق كثيرا من العائلات التونسية ودمّر مسيرة كثير من رجال الأعمال والتجار والحرفيين فامتلأت السجون بأصحاب الشيكات الذين عجزوا عن تسديد قيمتها المالية والأدهى من ذلك أنهم أصبحوا معزولين ومنقطعين عن العالم بسبب أحكام سجنية طويلة الأمد تعيقهم وتمنعهم من إرجاع الحق لأصحابه أولا مثلما تمنع أصحاب الحق من استرجاع أموالهم ولو بالتقسيط المملّ وفي مقابل ذلك تتمعش البنوك وتضمن حقوقها على حساب المواطنين ظالمين أو مظلومين إن جاز القول.
وجوهر التنقيح كما أصبح معلوما أيضا خلق نوع من التوازن بين الجريمة أو المخالفة عند إصدار شيك بدون رصيد، والعقاب المناسب له والمرونة في الإجراءات التي تسمح في نفس الوقت باستعمال الشيكات كشكل من أشكال التعامل المالي العصري، والحفاظ على مصالح أصحابها والمتعاملين بها.
وقد تم بموجب التنقيح الجديد إلغاء تجريم إصدار الشيك دون رصيد الذي تقل قيمته عن 5000 دينار، كما نص التنقيح على إرساء منصات الكترونية للتعامل بالشيك تسمح للمستفيد من الشيك من التثبت الفوري والمجاني من رصيد صاحب الشيك.
لقد كان هذا التنقيح مطلبا جماهيريا منذ سنوات وقد تم للأسف توظيفه من عديد الأطراف السياسية ومن منظومات الحكم المتعاقبة ومورست ضغوط غير مباشرة على الحكومة وعلى المؤسسة التشريعية كي لا يرى النور وهو ما يفسر استبشار طيف واسع من التونسيين بصدور القانون والحرص على دخوله حيز النفاذ .
والدخول حيز النفاذ هو للأسف من المعضلات الكبرى التي نعاني منها في تونس، فنحن نصدر القوانين وننقحها ونقف عند بدعة قانونية تسمى «تفعيل القانون»، سواء من خلال حرص السلطة التنفيذية على العمل به أو من خلال نشر النصوص الترتيبية والمناشير التي تسطر طريقة التنفيذ.
وحسنا فعلت وزارة العدل هذه المرة بإصدار هذا المنشور في غضون شهر فقط من نشر القانون الجديد بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، والمنشور كما أسلفنا مطوّل أتى في 15 صفحة وهو بمثابة الدليل الذي يمكن لكل أجنحة العدالة، قضاة ومحامين وعدول تنفيذ وعدول إشهاد، وللمواطنين أيضا، أصحاب الشيكات والمتعاملين بها، إتباع تفاصيله لفهم واستيعاب وتنفيذ القانون الجديد والتمتع بامتيازاته.
إن التسريع اليوم بتفعيل تنقيح القانون الجديد للشيك دون رصيد من شأنه أن يوفر مناخا اجتماعيا سليما ويضمد الجراح ويسمح بلمّ شمل عائلات تونسية كثيرة ممزقة، تواجد بعض أفرادها في السجن واضطر البعض الآخر إلى الاختباء أو الفرار والهجرة القسرية خارج حدود الوطن.
إن تفعيل القانون الجديد، سيؤسس دون أدنى شك، ومتى تضافرت الإرادات، مناخا جديدا مغايرا ومحفّزا على الاستثمار وعلى تطوير الاقتصاد إلى تحقيق مصالحات وفتح صفحات جديدة في التعامل بين رجال الأعمال الكبار والصغار كما يقال، وبين هؤلاء والدولة بما ان جزءا من المشكلات المتصلة بالشيك دون رصيد كانت المؤسسات العمومية طرفا فيها بشكل مباشر أو غير مباشر.
وبمقدور البنوك اليوم أن تعيد حساباتها وان تنظر للشيكات على أنها أدوات عمل ضامنة للحقوق، حقوق جميع الأطراف، وفي نفس الوقت وسائل للكسب لجميع الأطراف أيضا وليس لطرف على حساب الآخر والتمعش من مأساته وسجنه.
ولا ننسى أن تنقيح القانون يضعنا أمام امتحان دقيق للرقمنة وما أدراك ما الرقمنة فهل ستكون المنصات الالكترونية جاهزة لإسداء الخدمات بالسرعة المناسبة؟، أسئلة مشروعة ستجيبنا عنها الأيام القليلة القادمة مع تفعيل منشور وزارة العدل.
التشخيص والتوصيف متّفق عليه : كيف سيتمّ إنقاذ المؤسسات العموميّة؟
أشار وزير النقل رشيد عامري مطلع الأسبوع الجاري بأن برنامج مراجعة شاملة لشركة الخطوط التونس…