التعامل مع الإدارة : الرقمنة هي الأساس والوثائق استثناء..!
النوايا وحدها لاتكفي لمواكبة التطورات التكنولوجية وتملكها خاصة وان واقع تعصير الإدارة ورقمنتها يلقى موجة من السخرية ومثّل موضع تندر في الفضاء الأزرق مثال ذلك «تعريف الرقمنة في تونس ترسّم عن بعد وتهزلهم الورقة عن قرب باش يعرفوا انك رسمت عن بعد».
نلاحظ اليوم أن النظام الإداري في العديد من المؤسسات بحاجة أكيدة إلى إعادة نظر، بل بحاجة إلى إعادة بناء من جديد، لمواكبة التطورات، ذلك أن الروتين والبيروقراطية القاتلة التي تسود العديد من المؤسسات، ولم يتم التخلص منها بعدُ، تمثل كابوسا حقيقيا يعاني منه الموظف من ناحية والمواطن من ناحية أخرى…
فعندما تتخلف الإدارة عن مواكبة التطورات التكنولوجية الحاصلة وتكون خارج السرب تكون لذلك تبعات جد سلبية تخلق مناخ عمل صعبا خاصة وان الآليات في هكذا وضع طبعا لن تكون متطورة وستحدث صعوبات وتطرح إشكاليات في العمل… أما من جهة المواطن فان قصور الإدارة وعدم تطويرها سيفرض مما لاشك فيه العديد من الهنات وسيجعل المواطن يدفع الفاتورة باهظة في كل الأحوال…
وتعمل بلادنا على النظر في الركائز الاساسية لرقمنة الخدمات الادارية، وذلك نظرا لاهميّة الدّور المحوري للرّقمنة في الرّقي بالادارة وفي ادخال نقلة نوعيّة على الخدمات المسداة، مما يستدعي ضرورة تضافر جهود كل الوزارات لبلوغ مراحل متقدمة في رقمنة الوثائق الادارية وتحسين جودة خدماتها الموجهة للمواطنين على وجه الخصوص. وتعمل وارة تكنولوجيات الاتصال على تطبيق مضامين الاستراتيجية الوطنية للرّقمنة والركائز الاساسية لرقمنة الخدمات الادارية.
ومعلوم انه تقرر سابقا في حكومة الحشاني تشكيل لجنة فنية مضيقة تتكون من ممثلين عن الوزرات المعنية لتتكفل بمراجعة اهم النصوص القانونية التي لم تعد تواكب عصر الرقمنة وذلك في أقرب الاجال، إلى جانب العمل على تكريس عديد المقترحات على غرار اعتماد معرف وحيد للمواطن، وتعميم منصة الترابط البيني الوطنية، وادراج الخدمات الموجهة للمواطن ببوابة المواطن، واعتماد الأسس المشتركة بجميع الخدمات الادارية الالكترونية.
معلوم انه وإلى حد هذه الساعة ولقضاء حاجته يُدفع المواطن لإتباع مسار مطول والأمثلة متعددة من مارطون التنقل من إدارة إلى إدارة ومن ولاية إلى أخرى وهدر الوقت حتى يصل الوضع في بعض الأحيان إلى انتهاء الأجل المحدد لتسليم الوثائق ،والمواطن لم يستكمل المسار المطلوب منه وهي معضلة ـ البيروقراطية الادارية المقيتة ـ والتي لا تتماشى بتاتا مع عنصر تعصير الإدارة ووجودها يكشف ان تعصير الإدارة ليست إلا وعود لم يقع تنفيذها بعد…. في حين انه في البلدان المتقدمة يمكن للمواطن تسليم وثائقه وقضاء شؤونه وهو جالس وراء شاشة الكمبيوتر فلم تعد المؤسسات تتعامل مع المتعاملين مباشرة وباتت آلية التعامل عبر التكنولوجيات الحديثة هي الأساس وتم الاستغناء عن التعامل بالوثائق.
لعل أهم ما يمكن استخلاصه في تشخيص واقع الإدارة ببلادنا ، ضرورة العلاج ويبقى الأمل قائما بأن يقع تجاوز كل الهنات وأن يقع حل هذه المعضلة بما يسمح لنا أن ننعم بقطاع خدمي يليق بالشعب وحقّه المشروع في العيش في ظل دولة شعارها «الصدق في القول و الإخلاص في العمل» فالمرفق العام أيّا كان حقل اشتغاله وعمله ـ وهو حلقة الوصل التي تشدّ المواطن الإدارة ـ يعاني أزمة مرضية تتمثل في البيروقراطية وحان الوقت لتعصيرها و تطوير الإدارة بالمرفق العمومي لتصبح بذلك الإدارة في خدمة المواطن وتسهل نشاطها وتدعمه في اكتساح الأسواق الخارجية ولقد حان الوقت لاعتماد معايير ومواصفات من شأنها أن تنهض بتجويد و تعصير عمل الإدارة قائمة على عنصري الكفاءة و الاقتدار.
جدير بالذكر ان بلادنا انطلقت منذ سنوات في تطوير الخدمات الإدارية التي تقدم إداريا أو على الخط مثل الخلاص أو الحصول على مواعيد..لكن يبقى الإشكال المطروح يتمثل في مواصلة اعتماد الخدمات الورقية التي تمثل عائقا امام الرقمنة. مما يحيل إلى ضرورة ان تكون هناك إرادة قوية في توفير خدمات الكترونية، خاصّة وان الدولة بدأت تتوجّه نحو الرقمنة، وانطلقت فعلا في ذلك على غرار الخلاص الالكتروني للفواتير والحصول على مواعيد النقل البري أو خدمات الكنام والصناديق الاجتماعية.
الرقمنة تساوي حسابيا المستقبل بمعنى أنّ رقمنة الخدمات يجب أن تكون في قلب أي إصلاح إداري وأنّ الرقمنة يجب أن تكون استراتيجية دولة ككلّ تنهض بالادارة لتصبح الرقمنة هي الأساس والوثائق استثناء.
الدكاترة الباحثون المعطلون عن العمل : المراهنة على البحث العلمي آلية للبناء على أسس صلبة
نظم أمس الأربعاء الدكاترة الباحثون المعطلون عن العمل مسيرة انطلقت من وزارة التعليم العالي…