2024-09-06

لا بد من تشجيعها والتنويه بها : مبادرات إنسانية حقيقية وشجاعة

في بادرة إنسانية تُذكر فتُشكر، قامت مجموعة من شباب ولاية قبلي بتنظيم دورة في كرة القدم أطلقوا عليها اسم “دورة التضامن”، والتي ستُخصص مداخيلها لفائدة التلاميذ من ابناء العائلات المعوزة ومحدودة الدخل عبر اقتناء وتوزيع كمية من الادوات المدرسية والمحافظ والكتب للتلاميذ الذين لا يقدرون على اقتنائها.

وتقوم أهداف هذه الدورة المصغّرة على استغلال المقابلات الرياضية بين الفرق المتنافسة، من أجل جمع تبرعات من أنصار هذه الفرق ومن لاعبيها ومشجعيها وحتى من الناس الذين يريدون التبرّع ولا يجدون الى ذلك سبيلا، وحتى لا يقع أيضا احراج العائلات المعوزة التي تتعفف عن التقديم المباشر والمساعدة الشخصية، ويصبح لهذه الحركة معاني أسمى بكثير من تلك التبرعات التي نراها على شاشات التلفزة وفي التقارير الاخبارية، والتي يغلب عليها الاستعراض المناسباتي على الطابع الانساني الحقيقي.

المسؤولة عن الدورة قالت في تصريحات اعلامية ان هذه الدورة “تهدف الى جمع اكبر قدر من التبرعات سواءا من الفرق المشاركة او من المشجعين الذين سيحضرون المقابلات في كرة القدم المصغرة لتخصص العائدات في نهاية هذه الدورة لشراء ادوات مدرسية وتوزيعها على ابناء العائلات المعوزة ومحدودة الدخل او لسداد بعض الديون المتخلدة لدى هذه العائلات والمتعلقة اساسا بالدراسة”.

وهذه المبادرات هي التي يجب العمل على تجذيرها، وزرعها كثقافة مواطنية انسانية بالدرجة الاولى، تقوم على النواتات الصغيرة داخل المجتمعات المحلية ثم تنتشر حتى الى المستويات الجهوية والوطنية وتتحول الى تقليد اجتماعي تُراعى فيه أواصر الانسانية التي تجمع بين المتساكنين، وتتحقق الفائدة من خلال مساعدة المحتاجين دون المسّ من كرامتهم ودون تلك الجعجعة الفارغة التي عادة ما تذهب سدى دون ان تحقق نتائج، ودون ان تقضي على ظاهرة التفاوت بين المستويات المادية داخل قاعات الدرس.

وهذا الحدث الرياضي “الذي يكرس المد التضامني بين اهالي المنطقة خاصة مع اقتراب موعد العودة المدرسية وما تتحمله العائلات من اعباء لتامين لوازم ابنائها من محافظ ولوازم مدرسية وكراسات وكتب الى جانب اللباس وغيره”، هو دليل آخر على أن أبناء الشعب التونسي قادرون على الابداع واختلاق الحلول للمشاكل التي تعترض ضعاف الحال في المناسبات التي تتطلب مجهودا ماديا اضافيا، خصوصا مع الارتفاع الجنوني للاسعار، الذي عجزت أجهزة الدولة عن مواجهته رغم الحملات المكثفة والمراقبة المستمرة، ما يجعل هؤلاء الفقراء تحت رحمة الذين لا يرحمون، ويحول عودة أبنائهم المدرسية الى كابوس بالنسبة اليهم كل عام. وهذه المبادرات هي الاحق بالدعم، والتنويه، وهي الاقرب الى المواطنين من ضعاف الحال، وهي ايضا المعبّر الحقيقي عن معدن التونسي، وعن التضامن الاصلي التلقائي البعيد عن الاوامر والتعليمات والاستعراضات الفولكلورية التي تفقده معانيه الحقيقية السّمحاء، وتحوله الى حدث يتبارز فيه الراغبون في الظهور حتى على حساب العائلات المعوزة التي لم تجد ما تقتني به ملابس لاطفالها وأدوات مدرسية ترتفع تكلفتها بشكل مرعب كل عام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مهرجان السينما المتوسطية بشنني «الأرض أنا، الفيلم أنا.. إنا باقون على العهد»: تطور كبير وحضور مؤثّر وفاعل للمخرج السوري سموءل سخية

استطاع المدير الفني لمهرجان السينما المتوسطية بشنني في الدورة 19 المخرج السوري سموءل سخية …