رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة التصدي لكل أشكال الاحتكار والمضاربة : و للدولة وحدها الحقّ في تسعير المواد الاستهلاكية..
لدى استقباله، ظهر أول أمس وزير التجارة وتنمية الصادرات سمير عبيد أكد رئيس الجمهورية قيس سعيّد على جملة من المحاور من بينها، على وجه الخصوص، الارتفاع المشط للأسعار.
وذكّر رئيس الجمهورية بأن الدولة من حقها تسعير عديد المواد ومن واجبها ايجاد الحلول السريعة لهذا الوضع غير الطبيعي وتطبيق القانون المتعلق بمكافحة المضاربة و الاحتكار.
وشدد في نفس السياق على تضافر جهود كل أجهزة الدولة لمواجهة المحتكرين والمضاربين وأصحاب ما يُعرف بمسالك التوزيع التي فتحت مسالك أخرى لا بهدف الربح غير المشروع كما قال ولكن لغايات اجرامية مفضوحة وخاصة في هذه الفترة بالذات .
ومن هذا المنظور يعيد الرئيس النظر في ظواهر المضاربة على الأسعار التي هي من أكبر التحديات التي تواجهها الأسواق وتعني المضاربة استغلال الطلب على المنتجات، خصوصًا الأساسية منها، لتحقيق أرباح غير مشروعة من خلال رفع الأسعار بطرق غير مبررة. هذه الظاهرة تؤدي إلى الإضرار بالاقتصاد الوطني، وزيادة العبء على المستهلكين، خصوصًا الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
فبخصوص تسعير المواد التي يتم المضاربة بها ولئن تعتبر قضية معقدة تتطلب التنسيق بين العديد من الجهات الفاعلة، من الحكومة إلى المنتجين والموزعين، غير أنه لا يمكن بالمرة أن تتواصل هذه الظاهرة إذ من حق المنتجين والموزعين تحقيق أرباح، و لكن يجب أن تكون هذه الأرباح ضمن الحدود المعقولة التي تراعي القدرة الشرائية للمستهلكين والظروف الاقتصادية العامة. كما يجب أن يُعتمد على قوانين العرض والطلب في السوق، ولكن دون السماح باستغلال النقص في العرض أو زيادة الطلب لتبرير رفع الأسعار بطريقة غير منطقية.
وتعتبر المنافسة العادلة من العوامل الهامة في ضبط الأسعار من خلال وضع أسقف للأسعار وتحديد هوامش الربح للمنتجات الأساسية التي تهم شريحة كبيرة من المجتمع. هذا التنظيم يكون ضروريًا في حالات التضخم أو الأزمات الاقتصادية التي يمكن أن تشجع المضاربة وكذلك في غير هذه الأزمات ويتطلب الأمر تنظيم مسالك التوزيع التي تعتبر أحد المفاتيح الرئيسية لمكافحة المضاربة بالأسعار. علاوة على ضبط سلاسل الإمداد من حيث التأكد من أنها تعمل بفعالية دون وجود تلاعب أو تعطل مقصود لرفع الأسعار مع فرض رقابة صارمة على جميع مراحل التوزيع، من الإنتاج إلى البيع بالجملة والتفصيل.
وثمة اجماع اليوم من خبراء الاقتصاد بأن الوسطاء غالباً ما يكونون جزءًا من المشكلة عند وقوع المضاربة وبالتالي ضرورة الحد من عددهم في سلسلة التوزيع لأي منتوج لضمان أن يكون الفارق بين سعر الإنتاج وسعر البيع للمستهلك النهائي معقولاً ويراعي المقدرة الشرائية.
ويبقى تطبيق القانون بشكل صارم أحد أهم وسائل مكافحة المضاربة وضبط الأسواق وهو ما يمكن أن تشتغل عليه الجهات الرسمية بأكثر حزم من حيث تعزيز الأطر القانونية وتفعيلها لضمان عدم استغلال الظروف الاقتصادية أو الأزمات لتحقيق أرباح غير مشروعة، على غرار تشديد العقوبات والردع وتفعيل الرقابة الميدانية ولِمَ لا اتباع طرق جديدة في المراقبة والتفتيش الفجئي وأن تكون هناك قنوات اتصال مباشرة وسريعة بين المستهلكين والجهات الحكومية المختصة، لتقديم الشكاوى حول أي تجاوزات في الأسعار أو الممارسات التجارية غير المشروعة و تقديم برامج هادفة يلعب فيها المستهلك دورًا محوريًا في هذه المعادلة من خلال وعيه بحقوقه وقدرته على تقديم الشكاوى، بينما تبقى الحكومة هي الجهة المسؤولة عن تنظيم الأسواق وضبطها بما يضمن التوازن بين مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء.
تقييد قروض الاستهلاك في تونس : بين قرارات البنوك الموجعة وتذمّرات المواطنين
تعيش تونس هذه الأيام على وقع النقاش العام حول ميزانية الدولة لسنة 2025 ، ومن بين الانتظارا…