مشاركة تونس في المنتدى الصيني الإفريقي : نحو بناء شراكة استراتيجية تونسية، صينية شاملة

بعد حوالي ثلاثة أشهر من الزيارة الرسمية التي أداها رئيس الجمهورية قيس سعيد الى الصين، تنقل رئيس الحكومة كمال المدوري صحبة وزير الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج ووزيرة الصناعة والمناجم والطاقة الى بيكين لحضور فعاليات القمة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي الذي انطلقت فعالياته أمس وتتواصل الى يوم غد.

وحسب الموقع الرسمي لوزارة الخارجية فقد كان لرئيس الحكومة عدد من اللقاءات الثنائية التي جمعته مع مسؤولين صينيين رفيعي المستوى، من بينهم نائب رئيس مجلس الدولة الصيني والرئيس المدير العام لصندوق التنمية الصيني ورئيسة شركة هندسة الطاقة الصينية المكلفة بالعمليات الدولية ورئيس الوكالة الصينية للتعاون الإنمائي. وقد كانت هذه اللقاءات مناسبة لتوطيد علاقات التعاون الثنائية بين البلدين وتوسيعها وبناء شراكة استراتيجية في كل المجالات.

وفي إطار هذه اللقاءات عبر رئيس مجلس الدولة الصيني عن رغبة بلاده في إتمام المشاريع المبرمجة على غرار جسر بنزرت ومحطة توليد الطاقة الشمسية والفوطوضوئية وتوسعة مستشفى صفاقس الجامعي وإحداث مستشفى لعلاج الأورام بقابس وإنجاز المدينة الصحية بالقيروان. هذا الى جانب رغبة الصين في توريد المزيد من المنتوجات التونسية المتميزة، وتعزيز التعاون في مجالات التعليم والثقافة والسياحة بما يكرس التعاون والصداقة بين البلدين.

أما المدير العام لصندوق التنمية الصيني فقد عبر عن استعداد مؤسسته لتمويل مشاريع التنمية في تونس، كما تباحث مع رئيس الحكومة كمال المدوري فرص الاستثمار بين هذا الصندوق وتونس في ضوء الحوافز والامتيازات التفاضلية التي يوفرها مناخ الأعمال في بلادنا. وفي نفس الإطار، عبّرت رئيسة شركة هندسة الطاقة الصينية المكلفة بالعمليات الدولية عن ارتياحها لنسق إنجاز المحطة الفوطوضوئية بالقيروان وعن أملها في إنجاز مشاريع كبرى في مجال الطاقات المتجددة خاصة بالجنوب التونسي الذي يتميز بوفرة الطاقة الشمسية والري.

وبالمناسبة نوّه الديبلوماسي ووزير الخارجية الأسبق أحمد ونيّس بمشاركة تونس في القمة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي وبمخرجات اللقاءات الثنائية التي أجراها رئيس الحكومة مع مجموعة من المسؤولين الصينيين.

وصرّح الديبلوماسي أحمد ونيّس لـ«الصحافة اليوم» بأن كل اللقاءات التي أجراها السيد كمال المدوري رئيس الحكومة مع المسؤولين الصينيين تستجيب الى برنامج تعاون ثنائي بين تونس والصين،التي تحرص على تقديم اقتراحات مبنية على دراسة احتياجات الدولة التونسية مثل المياه والطاقة والصحة العمومية والتكوين.

وعلى هذا الأساس حسب الأستاذ ونيّس درس رئيس الحكومة المشاريع التي هي في حاجة الى الدعم واغتنم فرصة حضوره في الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الدولي بين الصين وافريقيا والتقى المسؤولين المختصين في سياسة التعاون الدولي في بيكين لتقديم الحاجيات التونسية التي درسها، وهو ما سيتولد عنه برنامج متوسط وطويل المدى ما بين الصين وتونس ومساعدات متواصلة لدفع النهضة التونسية علميا وتكنولوجيا واجتماعيا.

واكد محدثنا على المراحل المتقدمة التي بلغتها العلاقات الديبلوماسية التونسية الصينية التي انطلقت منذ أوائل الستينات من القرن العشرين، بحيث صارت الصين على دراية عميقة بالمناخ التونسي والافريقي وأهم شيء أن هذا البلد له تصور للعالم وللدور الافريقي في المنظومة العالمية المستقبلية وهو بصدد مساعدة افريقيا بما فيها بلدانها الشمالية للعب هذا الدور المستقبلي كما تم تصوره. ومن هذا المنطلق اوضح السيد أحمد ونيس انه يمكن اعتبار الصين مثالا لقطب عالمي لا يركز على ذاته ولكن يؤمن بمستقبل العالم الثالث ومستقبل الدول الافريقية ويسعى الى انجاحها وتطويرها.

وحول إمكانية استغلال هذه العلاقات الديبلوماسية العريقة مع الصين لمساعدتها على الانضمام لمجموعة «البريكس»، أجاب الأستاذ أحمد ونيس بطرح سؤال حول مدى رغبة الدولة التونسية للانخراط في هذه المجموعة. ذلك انها ان رغبت في ذلك فإنها يجب ان تعبر عنه صراحة، إذا ما رأت انه من مصلحتها الانخراط في هذه المجموعة، ليؤكد بالمناسبة على عدم التزام السلطة الحالية بالانحياز لمجموعة دون أخرى، اذ أنها تسعى الى الحفاظ على علاقاتها المتنوعة مع الجميع. وبالتالي في الظرف الحالي الامر موكول أولا الى السلطة التونسية بأن تتخذ ما تراه مناسبا لمصلحة الدولة التونسية.

وفرضا عبّرت تونس عن رغبتها في الانضمام الى مجموعة البريكس، أشار محدثنا الى ان الصين سوف تتعامل مع تونس حسب الخيارات السياسية التونسية وستساعدها في تجسيد هذه الخيارات، خاصة وان هذه الدولة ما انفكت تساعد تونس بحكم علاقات التعاون القائمة بين البلدين. اما حول مدى استغلال علاقاتنا مع الصين، عبر ونيس عن اعتقاده بعدم وجود سقف للتعاون بأمان مع هذا البلد الذي لم يعبر ابدا عن رغبته في الهيمنة او في استغلال نفوذه وتأثيره لجرّ الدول المتعاونة معه الى خيارات تبعد عن رغبتها وارادتها، ليؤكد على ان الصين وفيّة لشركائها مما يضمن الثقة والتعاون الأمين مع السلطة الصينية.