بدأ العدّ التنازلي للاستحقاق الانتخابي المرتقب والذي يعدّ موعدا مفصليا من أجل إرساء الاستقرار في البلاد والخروج من دوائر الارتباك التي رافقت المسار الانتقالي في تونس على امتداد ما يزيد عن العقد من الزمن.
وبدأت بعض الملامح العامة لهذه المحطة الانتخابية المهمة تتضح رغم الجدل القانوني والدينامية السياسية التي نلاحظها والتي تعدّ أمرا طبيعيا شريطة ان لا تتجاوز الحدود والضوابط المسموح بها في كل الديمقراطيات.
لكن هذا الأمر لا يجعلنا نغفل عن أشياء في غاية الأهمية وهي أن الحراك السياسي لا ينبغي أن يتحول إلى تهديد للسلم الأهلية في البلاد أو إرباك المسار بأكمله وهو أمر تسعى له بعض الأطراف وفق ما تؤكده الأجهزة الرسمية في الفترة الأخيرة.
وفي هذا الإطار يتنزل اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد بكل من وزير الداخلية خالد النوري وكاتب الدولة المكلف بالأمن الوطني سفيان بالصادق. والذي تم التطرق خلاله إلى الوضع الأمني العام في البلاد.
وتمّ التأكيد على ضرورة التحلي بمزيد من اليقظة بهدف التصدي لأي محاولة لإرباك الوضع العام.فالانتباه واستشراف مثل هذه الأمور يبدو أمرا حتميا في هذه الظروف الدقيقة. ومعلوم أن الاستعداد للانتخابات وتوفير السبل لإنجاحها ليس مسألة إجرائية وقانونية وسياسية ولوجستية فالمسألة الأمنية عماد إنجاح هذه المحطة أيضا.
والأكيد أن الدينامية التي يشهدها المشهد السياسي التونسي حاليا استعدادا للاستحقاق الانتخابي المنتظر ظاهرة صحية لكن من المهم الانتباه أن هناك من يعمل على تعكير الأجواء والتشويش على هذا الحدث الكبير وبالتالي من المهم اليقظة والانتباه والاحتياط أكثر من واجب في مثل هذه الظروف بالإضافة إلى القدرة على استشراف ما قد يحدث والاستعداد لكل الاحتمالات الممكنة.
فالمجهود الأمني ضروري من أجل إحباط كل محاولات المساس بأمن الدولة وأمن مواطنيها خاصة مع وجود مؤشرات جدية على أن هناك من يسعى إلى إفساد المحطة الانتخابية القادمة لاسيما مع توفر قرائن وأدلة تؤكد على وجود علاقة ارتباط وثيقة بين أطراف ودوائر داخلية مع جهات أجنبية وهذا أمر بالغ الخطورة كما نعلم جميعا ولا ينبغي التغاضي عنه.
وفي هذا السياق أكد رئيس الجمهورية قيس سعيد أن الانتخابات شأن داخلي خالص وأنه لا دخل لأي طرف أجنبي فيها. وأضاف الرئيس وفق ما جاء في بلاغ رئاسة الجمهورية أن «الذين يتلقون الدعم والأموال كما دأبوا على ذلك من جهات خارجية ويدّعون زورا وبهتانا أنهم دعاة حرية وديمقراطية ، استبطنوا الخيانة والعمالة والافتراء».
وتأتي هذه اللهجة التصعيدية من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد تزامنا مع بعض التحركات التي تقوم بها بعض الأطراف السياسية داخليا وخارجيا بمناسبة الموعد الانتخابي المنتظر. وبهذا يوجه الرئيس رسائل واضحة إلى هذه الأطراف من ناحية والى عموم التونسيين من ناحية أخرى لوضع النقاط على الحروف.
وبدا الرئيس واضحا في رهانه على المواطنين التونسيين والتأكيد على وعيهم لهذه الأوضاع وبفهم طبيعة الصراع السياسي القائم حاليا في البلاد ليس من اجل مصلحتها بقدر ما هو طريق إلى السلطة وفي هذا المقام نستحضر مقولة المهاتما غاندي كثيرون حول السلطة وقليلون حول الوطن.
ولعل ما نخلص اليه هنا هو أن تونس ماضية في طريقها رغم كل الصعوبات والتحديات وان الرهانات اليوم كبيرة ولابد من مجابهتها مهما كلّف الأمر وهذا لا يكون إلا بالتفاف المواطنين حول وطنهم ووعيهم العميق بخفايا الأمور والتزام أجهزة الدولة ويقظتها حماية للوطن والمواطنين.
وتونس تخوض غمار مشروعها الجديد مقتضيات السياق الحالي أو لزوم ما يلزم
هل نجانب الصواب اذا قلنا ان تونس تخوض مشروعها الجديد بمنتهى الثبات والجدية ؟ وهل نختلف حول…