2024-09-04

تنظمه الجمعية التونسية للتربية والثقافة والعلوم : ملتقى تربوي من أجل تحويل المطالعة إلى مادة تعليمية أساسية

تنظم الجمعية التونسية للتربية والثقافة والعلوم  الملتقى التربوي التكويني الذي سينكب  طيلة ثلاثة أيام انطلاقا من 3 إلى غاية 5 سبتمبر 2024 على تقديم مقاربات تعليميّة قد تُيسّر عمل المدرسين في  تحويل المطالعة في اللغتين العربية والفرنسية من مجرّد نشاط فردي حرّ  أو تابع لغيره من التعلّمات إلى مادة أساسية، ويطمح هذا الملتقى وفق ورقة اصدرتها الجمعية في ختام أشغاله أن يتقدّم بمقترحات وتوصيات في هذا المجال لأصحاب القرار التربوي والبيداغوجي.

ويأتي تنظيم هذا الملتقى وفق ما اكدته الجمعية تبعا للقرار الذي أصدرته وزارة التربية بتاريخ 18 أوت 2024 والمتعلق بالترفيع من مكانة المطالعة  ضمن التعلمات لشتى المواد، وإعطائها عددًا جزائيًا ضمن ضوارب اللغات، بداية من السنة الدراسية 2025-2024 وذلك «حرصًا منها على تلافي النقص الفادح في المكتسبات اللغوية للمتعلمين في شتّى المراحل التعليمية»، واكدت الجمعية ان هذا القرار جاء استجابة لمطالب قديمة متجدّدة من أجل إعادة الاعتبار للمطالعة والكتاب في منظومتنا التربوية خاصّة بعد الضعف الملحوظ الذي يعاني منه أغلب المتعلمين في الإنتاج الكتابي، وأمام محدودية النتائج في شتى الاختبارات الدولية المتعلقة بتشخيص المكتسبات اللغوية التي شارك فيها تلاميذنا.

واكدت الجمعية في ورقة توجيهية لها بان المطالعة نشاط ذهني وجداني لغوي تتقاطع عنده مهارات مختلفة، ويقوم هذا النشاط على التلقّي والتفاعل، ويُوظّف فيه المتعلّم قدراته في التفكيك والتحليل والتركيب والفهم ليُحوّل النشاط إلى كفايات لغويّة ومهارات حياتيّة.

منزلة المطالعة في نظامنا التربوي التونسي

وتشير العديد  من الإحصائيات المتوفرة في أكثر من مصدر بحسب ما أكدته الجمعية  إلى أن الطفل التونسي بين 6 و12 سنة لا يطالع إلا 5 كتب بالسنة، أي أنّه يطالع طوال المرحلة الابتدائية نحو 30 كتابا، بينما يصل هذا المعدّل في بلدان متقدمة إلى حوالي 600 كتاب أي بمعدّل 100 كتاب سنويّا. وأنّ نصيب كل طفل تونسي من كتب المطالعة الموجّهة للطفل لا يتجاوز نسبة 0.64 (أي أقل من كتاب لكل طفل)، بينما يبلغ هذا المعدّل 6.3 كتاب/طفل في أمريكا و7.2 كتاب/طفل في روسيا مثلا وتؤكد في الإطار الباحثة التونسية د. نورة يوسفي في كتابها «الاكتساب ودور المطالعة بالوسط المدرسي في تنمية القدرة اللغويّة» أنّ منزلة المطالعة في منظومتنا التربويّة مرّت بطورين يمتد  الطور الأوّل من 1959 إلى حدود 1978 في هذه المرحلة أكّدت المنظومة على أهميّة المطالعة واعتبرتها ركنا أساسيّا لتعليم اللغة العربية كما ضبطت لها أهدافا وخصّتها بحيّز زمنيّ، وأخضعتها للتقييم شأنها شأن بقيّة أنشطة المادّة. بينما يمتد الطور الثاني إلى إصلاحات 2002 حين تمّ تحجيم حضور المطالعة، واُعتبرت مجرّد رافد، وتمّ إسقاطها من الموادّ الأساسية وإلحاقها بتعلميّة القراءة.

وتعود أسباب عزوف الناشئة( والكبار أيضا) عن المطالعة وفق ورقة صادرة عن ندوة اللغة العربية التي انتظمت بمدينة القيروان سنة 2015 تحت عنوان «تدريس الأدب في العربية: الواقع والآفاق»  إلى عوامل كثيرة من مجملها عدم مراهنة البرامج الرسمية في مختلف اللغات وفي مختلف المستويات على المطالعة الى جانب انتشار الوسائط التكنولوجية والبدائل الرقمية والعوالم الافتراضية التي حلّت محلّ الكتاب (رغم أنّ التكنولوجيا الحديثة لم تُلغ الاهتمام بالكتاب ولا منزلة المطالعة في بلدان الغرب) إضافة إلى الزمن المدرسي الخانق ونظام تقييم لا يترك مجالا للتلميذ لأيّ نشاط حرّ وكذلك نُدرة النوادي والأنشطة المرغّبة في المطالعة والكتاب في مدارسنا (يمكن ملاحظة تأثير مسابقة تحدّي القراءة العربي وتحفيزها على بعث نواد للغرض وإحداث حركية ومنافسة بين التلاميذ في مجال المطالعة) وفقر المكتبات المدرسية- إن وُجدت- وغياب فضاءات المراجعة والمطالعة في أغلب المؤسسات التربويّة.

ومن العوامل المنفرة ايضا عن المطالعة ارتفاع ثمن الكتاب وعدم ملاءمته للقدرة الشرائية لأغلب الأسر التونسية ومركزية معارض الكتاب وضعف انتشارها في الداخل خاصة.

من جهتها دعت الوزارة كل المهتمين بهذه المسائل التعليمية المستجدة من مربين ومختصين وأدباء ومثقفين إلى إرسال مقترحاتهم ورقيًا في أجل لا يتعدى بداية سبتمبر، حتى يتسنى للتفقدية العامة لبيداغوجيا التربية والإدارة العامة للبرامج ترجمة هذه المقترحات إلى مناويل عمل، ومقاربات بيداغوجية، وأدوات تعليمية تؤثّث مدوّنة دروس اللغات في الابتدائي والإعدادي والثانوي . ولتعزيز أرصدة المكتبات المدرسية،واعلنت عن فتح المجال أمام المتبرعين لمزيد إثراء كتب المطالعة والمعجم، والقواميس، وأجهزة تعلم الخط العربي.

كما شددت الوزارة على ضرورة إنشاء نشرية تربوية خاصة بالأطفال واليافعين تنشر كتاباتهم وإبداعاتهم دوريًا، وتسهم في تنشيط الحياة المدرسية بالمدارس والمبيتات. مؤكدة ان أياما دراسية وورشات عمل مشتركة بين وزارات التربية والتعليم العالي والبحث العلمي، والثقافة، والمرأة والأسرة والطفولة وكبار السن، ستعقد بداية من مطلع شهر أكتوبر 2024، بغية إرساء مقاربة تعليمية تثقيفية تربوية جامعة ترتقي بمكتسبات المدرسة التونسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

التطورات الجديدة في ملف الأعوان المتعاقدين بوزارة التربية : هل هي بداية الانفراج للقطع النهائي مع آليات التشغيل الهش؟

بعد سنوات طويلة من النضالات المتواصلة من أجل حلحلة ملفهم الذي  ظل يراوح مكانه بسبب عدم تجا…