2024-09-01

حراك داخل عدد من الوزارات: هل استوعب الوزراء الجدد الدرس..؟

لم يكن الأسبوع المنقضي عاديا في ساحة الحكومة بالقصبة حيث تم مباشرة بعد الإعلان عن التحوير الحكومي يوم الأحد الماضي أداء القسم وتنصيب الوزراء الجدد وانتشارهم في مواقعهم والشروع في العمل استئناسا على ما يبدو بتوجيهات رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي قدّم حينها ما يمكن اعتباره «بيان الحكومة»، وسار رئيس الحكومة نفسه في نفس النهج واجتمع في سابقة أولى من نوعها مع الفريق وبسط لهم منهجية العمل وذكّرهم بالانتظارات والالتزامات.

ولعل المسألة المهمّة التي قد يكون استند إليها رئيس الجمهورية في اختيار وزراء حكومته، التجربة السابقة في المكان والمجال ذاته، فعدد من الوزراء الجدد كانوا من الموظفين السامين في نفس الإدارات، وبالتالي فهم على دراية نسبية ليس بالملفات السارية والعالقة فقط وإنما بالأسباب التي جعلت التغيير ضروريا على رأس هذه الإدارات وهو مربط الفرس كما يقال، فرئيس الجمهورية أظهر في كلمته انه لم يكن راضيا على أداء الحكومة في نسخها المتعددة منذ 25 جويلية 2021 وهي بالتالي تتحمل مسؤولية الفشل في تحقيق انتظارات التونسيين وترجمة مشروع الرئيس وتنفيذه في الواقع.

في هذا الاطار بادر وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج بعقد عدد من اللقاءات مع عدد من السفراء المعتمدين لدى تونس من الدول الشقيقة والصديقة من بينهم سفير دولة الكويت وسفير المملكة الأردنية الهاشمية وسفير دولة البحرين وسفير دولة فلسطين وسفير دولة قطر وسفير الجمهورية الايطالية وسفير اليابان وسفير الولايات المتحدة الامريكية. كما أجرى الوزير عدة اتصالات هاتفية مع نظرائه في الدول التي تربطنا بها علاقات دبلوماسية وهذه الخطوة تفتح الباب للتعارف بطبيعة الحال والاستعداد للتنسيق في العمل المشترك في المحافل الاقليمية والدولية في المستقبل القريب ومن أجل تحقيق المصلحة المشتركة.

وطبيعي ان تتم هذه اللقاءات بسرعة وسلاسة باعتبار خلفية الرجل، فالوزير محمد علي النفطي هو من أبناء الوزارة وارتقى فيها الى مرتبة كاتب الدولة وبالتالي ليس ثمّة داع لإهدار الوقت لاكتشاف العمل الدبلوماسي وتملك المقاربة التونسية في سياستها الخارجية في تناغم مع رئيس الجمهورية.

من جانبه اجتمع وزير النقل رشيد عامري مع المديرين العامين  ورؤساء الهياكل المركزية بوزارته ودعاهم الى تسريع الاجراءات لتحسين جاهزية أسطول النقل العمومي لتحسين الخدمات واعادة ثقة المواطن في النقل العمومي.

إن وزارة النقل هي دون مبالغة، ورشة مفتوحة  وهي عصب الحياة في منظومة الحكم وفي سير وتسيير دواليب الدولة، وتعطل شركاتنا للنقل الجوي والبري والبحري والحديدي تنذر بتوقف عجلة التنمية والنهوض الاجتماعي، وقد حان الوقت لاختيار استراتيجيات واضحة جريئة وقابلة للتنفيذ في نفس الوقت.

وزير آخر دخل مباشرة في صلب الموضوع كما يقال، هو وزير الشباب والرياضة الصادق المورالي الذي اجتمع مساء الجمعة برؤساء وممثلي أندية الرابطة المحترفة الأولى لكرة القدم عشية انطلاق الجولة الافتتاحية لبطولة الموسم الرياضي الجديد بحضور رئيس هيئة التسوية المكلفة بتسيير الجامعة التونسية لكرة القدم ورئيس الرابطة التونسية المحترفة لكرة القدم.

ولا تقف نشاطات الوزراء عند هذا الحد صراحة فالصفحات الرسمية في الفايسبوك تبرز حيوية وحراكا في أغلب الوزارات إن لم نقل كلها، يوحي بأن دماء جديدة بدأت تسري في الجسد لكن لا احد في الوقت الحاضر يستطيع ان يجزم بوجاهة خراج العمل وقدرة هذا الفريق الجديد على طيّ صفحة الفشل والتوفيق في الانجاز فحتى أسلافهم كانوا يبدؤون تجربتهم بقوة وكانوا يكثرون من الاجتماعات ومن الصور التذكارية وهو ما يجب ان يتفطن له أعضاء الحكومة الجدد ويتجاوزوه.

هذه إذن عيّنة لانطلاقة عدد من الوزراء في عملهم، عين على التركة الثقيلة الموروثة من الأسلاف وعين أخرى على المستقبل الذي لا يمكن تأمينه الا بفريق عمل متناغم ومنسجم وقادر على استيعاب السياسات العامة للدولة التي يضبطها رئيس الجمهورية كي تساعده الحكومة في تنفيذها في ظرف دقيق على كل الواجهات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تونس تفي بتعهداتها وتتكبّد تكاليفها أكثر من شركائها: المقاربة الشاملة في مقاومة الهجرة غير النظامية متعثّرة

استبشر الجميع قبل سنة ونيف بالتوافق الواسع بين شركاء الجغرافيا في حوض البحر الأبيض المتوسط…