2024-09-01

بعضها ليست له مشاكل تمويل: متى تتجاوز تونس معضلة المشاريع المعطّلة؟

لم يتمكن الاقتصاد التونسي من تجاوز معضلة المشاريع المعطّلة  سواء تلك المجمدة منذ عهد الحكومات السابقة أو تلك التي بدأ إنجازها منذ سنوات وتوقفت بحجج واهية والتي تسبب تعطل إنجازها في خسارة للاقتصاد الوطني بحكم ان قيمة المشاريع المعطلة في تونس منذ سنة 2016 قدرت بأكثر من 17 مليار دينار (5.45 مليار دولار)، جلها في قطاع المياه بطاقة تشغيلية قدرت بـ50 ألف موطن شغل كل سنة الأمر الذي جعل الحكومة تسارع الى عقد سلسلة من الاجتماعات للنظر في سبل حلحلة هذه التعطيلات واتخاذ خطوات جديدة للتسريع في انطلاقها.

آخر هذه الاجتماعات كان لقاء نظمته وزيرة التجهيز والاسكان، سارة الزعفراني الزنزري، نهاية الأسبوع الفارط ، خصص لمتابعة تقدم انجاز المشاريع العمومية في قطاع البنية التحتية وحلحلة الإشكاليات التي تعترضها واستحثاث نسقها واستكمالها في أحسن الظروف وبالمواصفات التعاقدية وبالجودة المطلوبة، وأكدت خلاله على ضرورة احترام آجال تنفيذ المشاريع التي شهدت تعطيلات في الفترة الأخيرة داعية إلى تنبيه كافة المقاولات المكلفة بالإنجاز إلى التسريع في نسق الأشغال مع اتخاذ كل الإجراءات والتدابير اللازمة لإتمامها بالجودة والمواصفات الفنية المطلوبة. وأوصت الوزيرة في ختام الجلسة، بتكثيف الزيارات الميدانية اليومية للمشاريع ومتابعة مدى توفير المقاولات للإمكانيات البشرية واللوجستية والمادية اللازمة والإيفاء بتعهداتها وذلك للتسريع في انجاز الأشغال واستكمال المشاريع وتلافي التأخير الحاصل.

رئيس الجمهورية قيس سعيّد هو الآخر عقد من قبل مع رئيس الحكومة السابق أحمد الحشاني الكثير من الاجتماعات بخصوص هذا الموضوع وتطرق أكثر من مرة الى وجود عراقيل إدارية حالت دون تنفيذ العديد من المشاريع، ما دفع بعض المستثمرين إلى تحويل استثماراتهم نحو بلدان أقل قيودا. وفي كل اجتماع يشير إلى أن تأخير إنجاز المشاريع العمومية «غير بريء »ويقتضي توفير اعتمادات إضافية تتحملها المجموعة الوطنية ويشدد على ضرورة الإسراع في تنفيذ عدد من المشاريع ومحاسبة كل من يعمل على تعطيل إنجازها سواء داخل مؤسسات الدولة أو من جماعات الضغط .

ويكشف اهتمام الحكومة التونسية وعلى رأسها رئيس الجمهورية بموضوع المشاريع المعطلة مدى أهميته باعتباره محركا هاما للتنمية الجهوية و رافدا قويا للاقتصاد الوطني على حد سواء خاصة وأن «عدد المشاريع  المعطّلة التي تشمل بالأساس البنية التحتية والمصانع في تونس تعد بالمئات وقيمتها تفوق الـ 20 مليار دينار» وفق ما صرح به مؤخرا رئيس الجامعة الوطنية لمؤسسات البناء والأشغال العمومية جمال الكسيبي مؤكدا أن «هذا الرّقم يمكن أن يُغيّر حالة البلاد إذا أحسنت الدولة تسييرها».

ومن هذه المشاريع نذكر المستشفى الجامعي بالقيروان الذي يحمل اسم الملك سلمان، والذي رصدت له السعودية منذ 2017 تمويلا لإنجازه ومع ذلك فإن تنفيذه الفعلي لم يبدأ بعد، رغم إعلان السلطات في أكثر من مناسبة عن تواريخ محددة للدخول في مرحلة الإنجاز.

ومستشفى الملك سلمان ليس«الاستثناء» أو المشروع الوحيد المعطل في تونس رغم رصد تمويلات داخلية أو خارجية للإنجاز لانه يوجد عديد المشاريع المعلنة على غرار مشروع ميناء المياه العميقة، في النفيضة بولاية سوسة الذي يمتد على مساحة 3000 هكتار تشمل الميناء والمنطقة اللوجستية والمعلن عنه منذ سنة 2006، على أمل أن يوفر الميناء الذي ستتحمل الدولة 75 بالمئة من تكلفة إنجازه أزيد من 50 ألف موطن شغل.

ويرى أهل الاختصاص أن تعطل انجاز هذه الحزمة من المشاريع التنموية يعود بالأساس الى غياب الاستقرار الحكومي في السنوات الأخيرة وانعدام الاستمرارية في الوزارات فضلا عن التجاذبات السياسية في الإدارات دون أن ننسى استغلال الدولة في عدة مناسبات الأموال المرصودة لإنجاز المشاريع لخلاص ديون بالعملة الأجنبية إضافة الى البيروقراطية الإدارية ومخاوف الموظفين من اتخاذ قرارات تجعلهم محل متابعة قضائية.

كما يتحدث بعض المراقبين عن أزمة حوكمة للمشاريع العمومية ومحاسبة من يشرفون على تلك المشاريع من الناحية التقنية والتنفيذية معتبرين أن الإشكاليات الإجرائية تعد عائقا لتقدم إنجاز المشاريع، وتعود إلى ضعف التنسيق بين الأطراف المتداخلة في إنجاز المشروع من جهة والى بطء اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل المصالح الإدارية المعنية من جهة أخرى.

وسواء كانت الأسباب لوجيستية أو مادية أو تنظيمية, فقد بات من الضروري ان تكلّل كل هذه الاجتماعات بنتائج ايجابية قادرة على حلحلة هذا  الملف الذي طال النظر فيه وسنّ قوانين مشجعة لاستكمال كل الإجراءات الضرورية وبعث هذه المشاريع التي من شأنها أن تساعد المواطن على قضاء مصالحه وتدرّ على الاقتصاد الوطني ربحا ماديا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بهدف التسريع في انجاز المشاريع الكبرى : تونس تتحرك «اقتصاديا» على كل الوجهات

التقى وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ أول أمس الاربعاء المدير الإقليمي الجديد لمنطق…