2024-09-01

كلفة المستلزمات الدراسية باهظة: قائمة الطلبات طويلة.. والإمكانيات قليلة..!

تنطلق قريبا السنة الدراسية الجديدة وقد فتحت أبواب المصاريف على مصراعيها ، قائمات المواد المطلوبة «تتهاطل» على الأولياء والظرف الاجتماعي الصعب لشق كبير من العائلات إن لم نقل للسواد الأعظم منها يجعل أقصى طموحها في الظرف الرّاهن القدرة على شراء المستلزمات الدراسية المطلوبة وتأمين مصاريف الدروس الخصوصية زائد مصاريف رياض الأطفال.. إذ يجد الوليّ نفسه مجبرا على تقديم المزيد من التّضحيات لتوفير كل الطلبات ومعلوم بأن القائمة طويلة والإمكانيات ضئيلة ومحدودة.. تدفع بالبعض للدخول في دوامة التداين والاقتراض والسلفة..

المكتبات والمحلات التجارية والأسواق…تعج بروادها لشراء مايلزم من الأدوات المدرسية المطلوبة واللباس والأحذية وحالة تشنّج واستياء من الغلاء المشطّ للأسعار  ودوامة الحيرة طُبعت على وجوه شق كبير من الأولياء أمام الإحساس بالعجز وعدم القدرة على مجاراة النسق السريع وتأمين ظروف دراسة مريحة لمنظوريهم بادية لايمكن بأي حال من الأحوال اخفاؤها …

تخبط الأولياء في مجابهة شطط الأسعار والإمكانيات قليلة وطبعا نتحدث هنا عن كل ما له علاقة بالتعليم دون اعتبار المصاريف اليومية الاخرى (فواتير الماء والكهرباء والنقل والتغذية ….) يجعلنا نسوق طلبا بسيطا وبكل لطف لبعض المربين لمراعاة الظرف الاقتصادي والاجتماعي للعائلات التونسية مع انطلاق السنة الدراسيّة. خاصة وان بعض المطالب مجحفة وغير معقولة ويمكن الاستغناء عنها والاكتفاء بالحد الأدنى !! وأن يساهم المربي في تخفيف العبء على الولي .

ونحن نستعرض حجم المطالب لابد من أن نعرّج على المعضلة الكبرى التي أثقلت كاهل العائلات وهي شر لابد منه «الدروس الخصوصية» وأسعارها الخيالية والتي لم يقع استئصالها من جذورها إلى حد هذه الساعة وذلك بالبحث في كل خفاياها وأسرارها وما جعلها تنتشر ودراسة الأسباب الكامنة وراء إقبال الأسر عليها… وبالوقوف على الأسباب يمكن علاج هذه الظاهرة أي الدروس الخصوصية التي تدعّم الفوارق بين التلاميذ وهي «السّوس» الذي ينخر الميزانيات والالية التي تكشف الانتهازية والجشع لفئة من المربين مع كل عودة مدرسية.

في هذا السياق أكّد رئيس المنظمة التونسية لارشاد المستهلك، لطفي الرياحي، أنّ أسعار مستلزمات العودة المدرسية سجّلت زيادة تتراوح بين 10 و 12 % مقارنة بالسنة الماضية، على غرار الزي الرياضي، المحفظة، الميدعة والأدوات المدرسية، مع محافظة الكتاب المدرسي والكراس المدعم على السعر نفسه.

وأوضح الرياحي، أنّ كلفة العودة المدرسية باهظة لكن يمكن التقليص من حدتها وذلك بتوحيد القوائم التي يقدمها المربون للأولياء وبالتالي يمكن التخفيض من حدة تكاليف العودة بهدف تخفيف العبء على الولي وتمكينه من توفير الحد الأدنى من الضروريات خاصة بالنسبة للعائلات المعوزة.

وشدّد الرياحي على أنّ توحيد وتقليص القوائم يُساهم في التقليص في كلفة العودة المدرسية للتلميذ الواحد في التعليم الابتدائي أو الثانوي، التي قد تتجاوز الـ 700 دينار.

ويقول محدثنا، أن العودة المدرسية لاتقتصر على الكتاب والكراس فقط، بل تشمل العديد من اللوازم الأخرى من لباس  وأحذية مشيرا في الآن ذاته إلى أنّ ارتفاع الأسعار يشمل كذلك سعر المحفظة الذي يصل إلى حدود 350 دينار والحذاء الرياضي في حدود 150 دينار وكذلك الزي الرياضي زائد الدروس الخصوصية التي تتراوح بين 80 و 120 دينار للمادة الواحدة مؤكّدًا أنّ هذه الأسعار ثقيلة على الولي ومن الضروري العمل على مساندته وتخفيف العبء عبر إيجاد حلول جذرية وعملية لتفادي كل ما من شأنه أن ينغص العودة المدرسية.

في السياق نفسه يقول رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ رضا الزهروني ان غلاء كلفة المستلزمات المدرسية هو موضوع قديم ومتجدد ونجد أنفسنا ننساق بصفة طبيعية الى تناوله بمناسبة انطلاق كل سنة دراسية جديدة ومن الضروري من وجهة نظره التطرق إلى الموضوع من زوايا مختلفة.

 فباستثناء المستلزمات المدعمة والتي ستحافظ على أسعارها هذه السنة حسب ما أكدته الأطراف المسؤولة فإن كلفة جلّ المستلزمات المدرسية ستعرف ارتفاعا يمكن أن يصل إلى 12 بالمائة حسب ما تؤكده المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك وذلك على غرار كل المواد الأخرى المتداولة بالسوق بسبب التضخم المالي. ويتبين أيضا من معطيات هذه المنظمة ان كلفة العودة المدرسية يمكنها ان تتجاوز700 دينار للتلميذ الواحد في المرحلة الثانوية.

ومن جهة أخرى يرى الزهروني ان مصاريف العودة المدرسية ليست منعزلة عن المصاريف اليومية التي تتطلبها حياتنا اليومية والتي هي بدورها ترتفع سنويا ونقف على ذلك عندما نسدد فواتير استهلاك الكهرباء والماء وعندما نقتني حاجياتنا من المواد الأساسية. وبالتالي فان الموارد التي ستخصصها العائلة لتغطية كلفة المستلزمات المدرسية ستتقلص هي بدورها وذلك بسبب تراجع القدرة الشرائية للعائلة التونسية حتى وان لم تسجل هذه المواد ارتفاعا في مستوى أسعارها.

وما يتبادر إلى اذهاننا وفق محدثنا بصفة منطقية وآلية يتمثل في الحرص على تحسيس كل الأطراف المعنية بضرورة الاخذ بعين الاعتبار إمكانيات العائلة التونسية لمجابهة هذه المصاريف بدعوة المربين الى عدم اشتراط مستلزمات بعينها يمكن للتلميذ ان يستغني عنها او تكون أسعارها مشطة ودعوة المكتبات الى التقليص في هوامش الربح ودعوة الاولياء إلى التحكم في المصاريف وإلى عدم الانسياق وراء المستلزمات التي تتجاوز أسعارها قدرتهم الشرائية وخاصة المستوردة فالنجاح المدرسي لا تضمنه مثل هذه المستلزمات. لكن الأمور لا تقف على انطلاق السنة الدراسية فحسب فالعائلة تواصل تغطية المصاريف على امتداد السنة الدراسية من نقل وعيش وخاصة كلفة الدروس الخصوصية المشطة.

وعندما نعلم ان النجاح يتفاعل اليوم ومنذ العديد من السنوات مع إمكانيات العائلة والجهة من النواحي المادية والاقتصادية والثقافية وعندما نعلم أيضا ان ثلث مكونات المجتمع التونسي تعيش اليوم تحت خط الفقر فعلينا جميعا أن نتساءل بجدية عن الفئة التي يمكن ان يكون لها أمل فعلي في النجاح في واقع منظومتنا التربوية الحالي.

فالاكتفاء بتقديم النصائح وتحسيس الأطراف المعنية لا يكفي وفق الزهروني وليست له أي فائدة فهو مجرد ذر رماد في العيون وفيه نسبة من الخطورة حسب رأيه فهي مواقف تريد ان تكون مطمئنة في وضعية حرجة في كل المجالات.

فالعائلة تلتجئ إلى كل الحيل لتغطية مصاريف الدراسة وتضطرها إلى الاستغناء عن العديد من حاجياتها الأساسية وبيع كل يمكن لها التفريط فيه وإلى الاقتراض ان أمكن لها ذلك. والدولة هي بدورها تستثمر أموالا طائلة في التربية والتعليم اعتبارا إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعرفه البلاد لندفع في نهاية المطاف بأبنائنا إلى الشارع. عشرات آلاف المنقطعين عن الدراسة سنويا يجدون أنفسهم في مجابهة كل مخاطر الحياة المحتملة من دون أي سلاح في اياديهم.

 فالحل ولا غيره يتمثل على حد تعبير الزهروني في الانتهاء إلى النجاح في اصلاح المنظومة التربوية التونسية في أسرع الآجال وبالوصول بالمدرسة العمومية لتبلغ مستويات الجودة المطلوبة ولتكون بالفعل مجانية ومصعدا اجتماعيا وضامنة لتكافؤ الفرص لكل أطفال تونس أينما وجدوا ومتى وجدوا وبغض النظر عن وضعيتهم الاجتماعية. فيما عدا ذلك سنواصل جميعنا استعراض عضلاتنا الفكرية حتى وان كانت وجيهة فهي ستبقى من دون أي فائدة فعلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

نحو الانتقال بهيكلة المجامع التنمويّة النسائيّة إلى شركات أهليّة : شروط الـــتــأســـيـــس و مـــراحـــله..

يعرف عدد المجامع التنمويّة النسائيّة  ارتفاعا من سنة إلى أخرى وهو ما يعكس حجم الإقبال لمخت…