2024-08-31

دعوات جدّية لإعلان حالة طوارئ مائية : أي نجــاعــة في ذلــك..؟

دعا المرصد التونسي للمياه، الثلاثاء المنقضي الى اعلان حالة طوارئ مائية خاصة بعد تراجع  مخزون السدود ،يوم 27 أوت 2024، الى 23.2 بالمائة، اي ما يعادل 545.683 مليون متر مكعب مقابل 686.328 مليون م3 في نفس اليوم من سنة 2023 موضحا بأن معدّل المخزون العام للسدود تراجع بحوالي 190.951 مليون متر مكعب مقارنة بالمعدل المسجل في نفس اليوم خلال الثلاث سنوات الفارطة والبالغ 736.634 مليون متر مكعب، وفق بيانات المرصد الوطني للفلاحة.

بدوره دعا الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري اثر انعقاد اول اجتماعات اللجنة الفنية للتخطيط والاستشراف في قطاع المياه إلى فتح حوار مع وزارة الفلاحة في أسرع الآجال من أجل دراسة الحلول العاجلة لإحكام التصرف في المياه المتاحة وتوظيفها بصفة محكمة وعادلة لضمان صمود القطاع الفلاحي أمام تغيرات المناخ وحماية الأمن الغذائي الوطني الذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي واعتبرت،  اللجنة الفنية للتخطيط والاستشراف في قطاع المياه  أن النسبة القياسية لضياع مياه الري والتي تناهز 50 % والتراجع الكبير في القدرات التخزينية للسدود نتيجة الترسبات ونقص الصيانة من العوامل الأساسية في إهدار مواردنا المائية مؤكدة بان الانعكاسات السلبية للوضعية المائية على القطاع الفلاحي بلغت مرحلة حرجة بسبب تواصل سنوات الجفاف وغياب حلول بديلة وناجعة تضمن الحد من تأثيرات المناخ على منظومات الانتاج وتفتح المجال أمام الفلاح للوصول إلى مصادر المياه المتاحة، وفق بلاغ نشره الاتحاد عبر صفحته على فيسبوك.

و ليست هذه المرة الأولى التي تتم فيها الدعوة إلى اعلان حالة الطوارئ المائية حيث سبق وان دعا الخبراء المجتمعون خلال ندوة صحفية نظمتها شبكة تونس الخضراء خلال شهر  ماي2023 تحت عنوان « خبراء وناشطون يدقون ناقوس الخطر بشأن أزمة المياه في تونس » إلى ضرورة  الإعلان الرسمي عن حالة الجفاف التي تعيشها بلادنا حاليا ككارثة طبيعية تستوجب وضع  خطة وطنية عاجلة لإدارة هذه  الأزمة المائية واتخاذ إجراءات استثنائية لكن رغم كل هذه الدعوات والتحذيرات التي يطلقها من وقت إلى آخر الخبراء ما تزال الاشكاليات المتعلقة بالمياه متواصلة ،لتُظهر بالتالي المسألة المائية ،مدى  تقاعس الحكومات المتتالية في وضع خطط استباقية وطموحة لإدارة أزمة المياه التي تعمقت كثيرا وبلغت وضعية وصفها مختلف الخبراء بالحرجة والصعبة نتيجة تراجع منسوب السدود والنقص الحاد في المياه. فالأزمة وفي حقيقة الأمر ليست بالجديدة بل هي نتيجة تراكمات لسنوات من سوء التصرف وغياب الرؤى الاستراتيجية التي كان من شأنها أن تجنب البلاد والعباد الانعكاسات السلبية لمعضلة شح المياه التي باتت تهدد على حد سواء الزراعات والأمن الغذائي الوطني وتحرم المواطن من حقه في الحصول على المياه الصالحة للشراب الذي يكفله له الدستور التونسي.

و قد أكد المتخصّص في التنمية والتصرف في الموارد حسين الرحيلي في تصريحات لـ«الصحافة اليوم» ،بأن السياسات التي اعتمدتها تونس في الماء هي سياسات تستنزف الموارد المائية معتبرا بأن  إشكال  الماء في بلادنا هو هيكلي بالأساس وليس ظرفيا ، مضيفا بأن تونس تعاني من ندرة المياه حيث يتراوح متوسط الأمطار بين 400 و430 ملم ولفت ، إلى أن السياسات العمومية المعتمدة  في مجال الماء هي التي أوصلتنا إلى مرحلة الشحّ المائي  من خلال خيارات وتوجهات فاشلة وفق قوله، مشددا على أن ندرة المياه إن قابلتها سياسة ترشيد  واستغلال محكم في الكميات  كان من الممكن أن نتجنّب هذا الشحّ .

كما شدد الرحيلي في تصريحات له على أنّ المطالبة بالإعلان عن حالة الطوارئ المائية تم الحديث عنها منذ السنوات الماضية كما تمت المطالبة بوضع قوانين استثنائية واتّخاذ قرارات إستراتيجية، وفق تعبيره.  وقال الرحيلي إنّه «تمّ رصد 600 مليون دينار في ميزانية 2024 للاستثمار في الماء» داعيا  إلى ضرورة  «اتخاذ إجراءات جديدة تمكّن من الحدّ من الهدر المائي الكبير الموجود في المنازل وفي المناطق السقوية والسياحية وكذلك في قطاع الصناعة»، مشدّدًا على أنه «لا يمكن إيجاد حلول للمشكل المائي من خلال اتّخاذ قرارات عاجلة بل يجب أن تحلّ بقرارات استراتيجية وحوار مواطني».

ومن المتوقع ان تواجه تونس بحسب دراسة سابقة للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي، انطلاقا من سنة 2030 وبحدة أكبر مشكلة نقص المياه، حيث من المنتظر أن تصل الموارد المائية المتاحة سنويا لكل ساكن الى حوالي 360 متر  مكعب، مقابل 420 متر مكعب في سنة 2006 و1036 متر مكعب سنة 1960 كما ستواجه تونس علاوة على مشكلة شح المياه تحديات أخرى، لاسيما ارتفاع درجات الحرارة (أكثر من 3 درجات في سنة 2050) وتدهور التربة. كما تشير دراسة  أعدها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات حول استراتيجية المياه سنة 2050  بأن الاحتياجات المتوقعة للمياه ستتزايد مما بات يستدعي بلورة منظومة جديدة ترتكز اساسا على تطوير الرؤية المستقبلية و  اتباع نهج شامل  لنظام المياه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

التطورات الجديدة في ملف الأعوان المتعاقدين بوزارة التربية : هل هي بداية الانفراج للقطع النهائي مع آليات التشغيل الهش؟

بعد سنوات طويلة من النضالات المتواصلة من أجل حلحلة ملفهم الذي  ظل يراوح مكانه بسبب عدم تجا…