بعضها دخل بعدُ على الخطّ : هل ينعش السباق إلى قرطاج الحياة الحزبية ؟
دخلت الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها يوم 6 أكتوبر القادم مرحلة متقدمة بعد أن حسمت المحكمة الإدارية نهائيا أمر الطعون في ترشّحات عدد من الراغبين في خوض غمار السباق الى قرطاج على ان ينشر مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات القائمة النهائية للمرشحين الثلاثاء القادم لتنطلق الحملة الانتخابية يوم 14 سبتمبر وتتواصل إلى غاية 5 أكتوبر 2024 وهي كما قال رئيس الهيئة فاروق بوعسكر أهم عملية ستقع مراقبتها لأهميتها في المسار الانتخابي.
ورغم أننا نشهد انتخابات مختلفة في بعض التفاصيل عن انتخابات العامين 2014 و 2019 خصوصا في علاقه بموقع ودور الاحزاب ومرشحيها في هذا الاستحقاق الرئاسي، ورغم ما عرفته الأحزاب في بلادنا من تراجع فظيع خلال السنوات القليلة الماضية، فإن بعض المؤشرات بدأت توحي بإمكانية ضخ دماء جديدة في الحياة الحزبية وعودة بعض الكيانات السياسية للنشاط بعد فترة من العطالة والارتباك لقائمة ضمت أكثر من مائتي حزب لم يبق منها على قيد الحياة العلنية سوى النزر القليل.
ففي مرحلة أولى سبقت بعض الاحزاب الجميع وأعلنت مقاطعتها لهذا السباق الرئاسي استنادا الى قراءة نقدية للأوضاع العامة التي تمر بها البلاد وتحفظها على مرحلة ما بعد 25 جويلية 2021 وطبيعة الهيئة المشرفة على الانتخابات وانتهى الأمر بإعلان المقاطعة التي برزت الى حد الان في البيانات والحضور الإعلامي.
في المقابل، كان لأحزاب أخرى رأي مختلف، حيث بادرت بترشيح قياداتها والدفاع عن حقّها في الترشح الى آخر رمق وهو ما سمح بوجود مرشحين اثنين على الأقل بهويات حزبية معلنة اليوم هما زهير المغزاوي (حركة الشعب) وعبد اللطيف المكي (حزب العمل والانجاز) بعد سقوط أسماء أخرى من غربال الهيئة والمحكمة الادارية على حد سواء مثل عبير موسي (الحزب الدستوري الحر) وناجي جلول (حزب الائتلاف الوطني)..
أما بالنسبة إلى عيّنة كبيرة أخرى صراحة من الأحزاب، فهي رغم انحسار شعبيتها وضعف حضورها في الميدان، لا تزال مصرة على الوجود وتسجيل الحضور بين الفينة والاخرى ولو في الفضاء الافتراضي او في بعض الانشطة المحدودة، وقد بدات في الحسم والإصداح بموقفها من دعم هذا المرشح او ذاك.
ولعل أبرز مرشح حصل بعد على دعم أحزاب متعددة في السباق الرئاسي، رئيس الجمهورية قيس سعيد، فبعد حزب التيار الشعبي وهو اول حزب يعلن في ندوة صحفية على لسان أمينه العام زهير حمدي اصطفافه الى جانب ترشح ساكن قرطاج، جاء دور حركة الى الامام وأعلن الامين العام عبيد البريكي بعد تفكير عميق تبني نفس الخيار، ويوم أمس، أعلن الأمين العام لحزب مسار 25 جويلية محمود بن مبروك في ندوة صحفية كذلك بأنّ “الحزب يُساند المترشّح للإنتخابات الرئاسية قيس سعيّد”.
وليس مستبعدا ان تعبّر أحزاب أخرى ظهر بعضها بعد 25 جويلية 2021 ويحمل بعضها التاريخ نفسه كاسم، عن دعمها لترشح قيس سعيد.
وبالدخول في الحملة الانتخابية ستكون الفرصة مناسبة للاحزاب السياسية بجميع انواعها وبمختلف مواقفها أمام فرصة قوية لتسجيل حضورها واعادة الوهج والحياة في المشهد السياسي الذي عانى فترة من الفراغ نتيجه عوامل خاصة ذاتية تتصل بالاحزاب نفسها وعوامل موضوعية كرّست صورة سلبية عن الاحزاب وهو ما اثر في تقديرنا بشكل سلبي في العملية الديمقراطية التي تنبني حسب تقديرنا على الوسائط التقليدية المتمثلة في الكيانات السياسية والمدنية التي تؤطر المواطنين وتثقفهم وتدربهم على المشاركة وإدارة الشأن العام.
ومن هذا المنطلق فان مسؤولية قادة الاحزاب السياسية في تونس وقواعدها كذلك أمام تحدّ كبير للبرهنة على جدارتهم بالتمتع بالحق في التنظم كحق اساسي من حقوق الانسان ومن تمظهرات الديمقراطية المعاصرة، مع الاخذ بعين الاعتبار ان جماهيرية الاحزاب أمر ضروري ومفيد، لكن الأحزاب النخبوية وفق التصنيف الذي وضعه الآباء المؤسسون للقانون الدستوري والعلوم السياسية بطبيعة الحال، قادرة على الفعل وتقديم الاضافة فهل تنجح أحزابنا المتعثرة في هذا الاختبار ؟ الاجابة ستحملها لنا الايام القادمة دون أدنى شك.
في تفاعل بعض الوزراء مع نواب المجلسين : شيء من الواقعية وشيء من المبالغة أيضا..!
تتواصل تحت قبة البرلمان هذه الأيام الجلسات العامة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الو…