مع بداية موسم الأمطار دعا المرصد التونسي للمياه يوم الثلاثاء الفارط إلى إعلان حالة طوارئ مائية خاصة ان مخزون السدود بتاريخ 27 أوت 2024 تراجع الى حوالي 23 بالمائة، اي ما يعادل 545،683 مليون متر مكعب مقابل 686،328 مليون متر مكعب في نفس اليوم من السنة الفارطة. وأضاف المرصد أنه وفق بيانات المرصد الوطني للفلاحة فإن معدل المخزون العام لنفس اليوم للثلاث سنوات الفارطة كان قد بلغ 736،634 مليون متر مكعب وهو ما يعني ان هذا المعدل تراجع بحوالي 191 مليون متر مكعب.

وبسبب التراجع الكبير في نسبة امتلاء السدود طالب عدد من الخبراء في القطاع المائي من جهتهم بإعلان حالة طوارئ مائية واتخاذ إجراءات استثنائية لمواجهة الوضع المائي الخطير الذي تعيشه بلادنا بسبب التراجع الكبير في نسبة امتلاء السدود. كما دعت اللجنة الفنية للتخطيط والاستشراف في قطاع المياه التابعة للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري في اجتماع لها أمس الأول وزارة الفلاحة إلى فتح حوار مع الاتحاد من أجل وضع خطط متوسطة وبعيدة المدى للمحافظة على الموارد المائية وتنميتها ودراسة الحلول العاجلة لإحكام التصرف في المياه المتاحة وتوظيفها بصفة محكمة وعادلة لضمان صمود فلاحتنا أمام تغيرات المناخ وحماية الامن الغذائي الوطني الذي يعتبر جزءا من الأمن القومي.

وتأتي هذه الدعوة حسب بلاغ لاتحاد الفلاحة على ضوء النقاش حول الوضعية المائية وانعكاساتها السلبية على الفلاحة التونسية التي بلغت مرحلة حرجة ليس فقط بسبب نقص الأمطار وإنما لغياب حلول بديلة وناجعة تضمن الحد من تأثيرات المناخ على منظومات الانتاج وتفتح المجال أمام الفلاح للوصول إلى مصادر المياه المتاحة.

في هذا الإطار اعتبر عبد الله الرابحي الخبير في المياه انه من باب المبالغة المطالبة بإعلان حالة طوارئ مائية. ورغم إقراره بأن الوضع المائي في بلادنا حرج، الا ان المسألة في تقديره لا تتطلب سوى وضع الدولة للإمكانيات اللازمة لمواجهته وكذلك وضع خطة متوسطة وقصيرة المدى مع إجراءات مصاحبة، خاصة وان بلادنا سبق وأن عاشت هذا الوضع في سنتي 2017 و2018 حسب محدثنا.

ولتفادي هذه الصعوبات المائية دعا الرابحي إلى أن يكون الماء مركز الاهتمامات الكبرى لدى جميع الأطراف وان يأخذ أكثر حظا مما عليه اليوم وان يتم اخذ الاجراءات العاجلة لإدارة هذه الفترة الحرجة ودعا الى ضرورة التفاؤل خاصة وان بلادنا دخلت موسم الامطار. واعتبر في المقابل انه من المهم تحسيس المواطنين بالأزمة المائية ودورهم في تجاوزها دون اللجوء الى الخطاب الذي يبعث على القلق الذي من شانه ان يزيد الوضع الاجتماعي تشنجا. واعتبر أيضا انه من المهم ان تعجّل الدولة في انجاز المشاريع التي من شأنها التخفيف من حدة هذه الازمة، مذكرا بمحطات تحلية المياه التي انطلق استغلالها واهمية دورها في حل مشكل تزويد عديد المناطق بالمياه الصالحة للشراب. وعلى المدى المتوسط يرى انه من المهم استكمال المشاريع التي هي بطور الإنجاز واعداد كشف كامل للنقاط السوداء لوضع الحلول الملائمة لها، وفي حالة حدوث ازمة لا بد من وضع خطة عمل خاصة لحلها. 

وأشار محدثنا إلى وجود دراسة كبرى حول وضع الماء 2050 وهي دراسة في تقديره يجب استغلالها واستخلاص الإجراءات المستعجلة والأخرى على المديين المتوسط والبعيد والتي يجب الانطلاق في تطبيقها وذلك في مستوى الحوكمة والمشاريع ذات الأولوية والمشاريع الهيكلية والآفاق الى حدود السنة المذكورة. واكد على انه بالتوازي مع ذلك لا بد من وضع آليات عمل جديدة، اذ لا يمكن التعامل مع ظرف يتسم بشح مائي وظروف مناخية صعبة بمجلة مياه موضوعة منذ سنة 1975 ليشير الى ان هذه المجلة تستوجب التعجيل في تعديلها والمصادقة عليها لتواكب المستجدات الحالية في الوضعيتين المائية والمناخية. هذا الى جانب دعوة الحكومة الى إيجاد آليات تمويل مناسبة من خلال اتفاقيات تعاون وغيرها … لينوّه بتولي مختصين في مجال المياه وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري وكتابة الدولة المكلفة بالموارد المائية، واعتبر ان ذلك في حد ذاته يعتبر مؤشرا لما توليه الدولة لموضوع الماء من اهتمام.

ومن جهته أكد صلاح الفرشيشي رئيس لجنة الفلاحة والامن الغذائي والمائي والصيد البحري بمجلس نواب الشعب ان لجنته في انتظار ان تحال عليها مجلة المياه لمناقشة ما أدخل عليها من تنقيحات والمصادقة عليها. وأضاف ان هذه المجلة كانت محل نظر ونقاش في مجلس وزاري سابق وقد اعيدت إثره الى وزارة الفلاحة لإعادة النظر فيها بعد اخذ رأي بقية الوزارات المتدخلة كالبيئة والسياحة والصناعة والطاقة. وبعد ذلك تمت اعادتها الى رئاسة الحكومة للنظر فيها من جديد من طرف مجلس وزاري خاصة وان رئيس الجمهورية قد أولى أهمية كبرى لموضوع الماء. وتوقع النائب ان تكون مجلة المياه في أكتوبر القادم مودعة في البرلمان لتكون محل نقاش داخل لجنته للمصادقة عليها واحالتها الى الجلسة العامة.

وعلى أهمية هذه المجلة إلا ان النائب أكد على انها تنص بالأساس على طريقة التسيير والتصرف في الموارد المائية من التعبئة الى المحافظة عليها الى العقوبات الممكن تسليطها على من يتعمد الإضرار بالثروة المائية وممتلكاتها ومنشآتها ولكنها ليست الحل لمشكلة المياه في بلادنا اذ ربما ستشدد العقوبات بالنسبة لتبذير الماء والاعتداء على ملك الدولة المائي اما في ما يخص التعاطي اليومي مع هذا القطاع فيرى انه من اختصاصات الحكومة لأخذ الإجراءات اللازمة والمستعجلة لتسيير التصرف اليومي للمياه في هذا الظرف الاستثنائي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

أثبتت جدارتها وقدرتها على العمل في إطار مقاربة تجمع بين الأمن والتنمية : المؤسسة العسكرية عنوان بناء وتشييد..

مثّل اللقاء الذي جمعه أمس الأول بوزير الدفاع خالد السهيلي مناسبة اطلع خلالها رئيس الجمهوري…