2024-08-30

العودة المدرسية على الأبواب ..وانتعاشة كبرى في بورصة الدروس الخصوصية..!

تعمل جل العائلات التونسية على التهيؤ للسّنة الدراسية الجديدة كل بطريقته وتماشيا وامكانياته ولعل من بين مظاهر الاستعداد والتحضير لعودة مريحة لدى شق كبير منها إلحاق التلاميذ بدروس الدعم والتدارك لتجديد الطّاقة والعودة إلى النّشاط بأكثر دافعيّة وقدرة على الفعل والإنجاز.

وتعرف سوق الدروس الخصوصية انتعاشة كبيرة بسبب إقبال العديد من العائلات على دروس الدعم والتدارك خلال هذه الفترة التي تسبق العودة الدراسية بأسابيع لعدة أسباب تختلف من عائلة إلى أخرى ولكنها تلتقي في هدف موحّد  وهو تكثيف المعارف وتحسين المكتسبات العلمية للمتعلم إما بحثا عن التميز أو تدارك الضعف الذي يعاني منه التلميذ في بعض المواد والتحضير والاستعداد للسنة الدراسية على أحسن وجه.

مع بداية كل سنة دراسية وحتى قبل انطلاقها، ينشط قطاع الدروس الخصوصية وتوُشَّح جدران المتاجر والمدارس ومحطات النقل بملصقات دعائية يعلن من خلالها هذا المدرّس أو ذاك  استعداده لتقديم دروس خصوصية للتلاميذ من شتّى المراحل والأقسام.

وينطلق ماراطون التفكير في السنة الدراسية الجديدة فإلى جانب التفكير في توفير مستلزمات العودة فان العائلات التونسية لا تسقط من حساباتها التفكير في ضمان ظروف دراسية مريحة لمنظوريها بعد القيام بتقييم جاد لمردودهم خلال السنة المنقضية وبعد تقييم أداء المؤسسة التربوية التي ينتمون إليها على جميع الأصعدة ووفق التقييمات والقراءات المقدمة تبنى الاختيارات ولا يسقط من حساباتها عنصر التهيؤ للسنة الدراسية على جميع الأوجه على غرار حصص التدارك والدعم (الدروس الخصوصية) في المقابل تفتح العديد من الفضاءات ابوابها على غرار رياض الأطفال والمؤسسات الخاصة تقريبا منذ شهر أوت استقبالا لمن يرغب في تلقي دروس الدعم والتدارك وتختلف الأسعار من فضاء الى اخر ولكن لايمكن القول باي شكل من الأشكال سوى انها مرتفعة ومجحفة في حق العديد من العائلات…

ولعل نسبة الإقبال تعرف نسقا تصاعديا كلما اقترب موعد العودة المدرسية خاصة خلال النصف الاخير من شهر أوت والنصف الأول من شهر سبتمبر وهي فترة تعمل فيها العائلات على تحيين المكتسبات العلمية لمنظوريها وتوفير المصاريف الخاصة بدروس الدعم والتدارك كلف ذلك ماكلف …رغم الظرف الاقتصادي والاجتماعي الصعب فان الولي يحمل هاجس كلفة تمدرس أبنائه ويفكر فيها مليا ويعمل على تذليل الصعوبات التي قد تعترضه مع بداية السنة الدراسية ويسعى جاهدا إلى التهيؤ لها مسبقا ، خاصّة بعد تزايد المتطلّبات والارتفاع المشطّ في أسعارها، ويفكّر أيضا في ضمان التّعليم الجيّد لمنظوريه حتّى يكون للتّضحيات المادّيّة الكبيرة التي يقدّمها مردود ومعنى وهي تضحيات «بالجملة والتفصيل» زائد عنصر لايمكن اسقاطه من حسابات العائلات التونسية فالى جانب الدروس الخصوصية فانها ممزّقة بين التعليم العمومي والتعليم الخاص فهي في رحلة بحث دائمة عن مؤسسة تربوية تحقق أهدافها …رحلة بحث تكون نتيجتها اختيار المؤسسة المعنية أو الاضطرار إلى التوجه نحو التعليم الخاص…تبحث عن المؤسّسة التربويّة ذات السّمعة الجيّدة، وعن القسم الذي يؤمّن دروسه مربّون مشهود لهم بالكفاءة والتّميّز داخل هذه المؤسّسة، وهو ما يكشف مقدار التّفاوت في الفرص بين المتعلّمين رغم انتمائهم إلى منظومة التّعليم العمومي ذاتها، ويقدّم لنا الدّليل على ما أصاب هذه المنظومة من ترهّل…

بل يعمل الولي في هذه الظروف على حسن اختبار المؤسسة التعليمية العمومية لان المعضلة تتمثل في تفاوت نوعية الخدمات المقدمة من مؤسسة إلى أخرى بل في المؤسسة الواحدة تختلف الخدمات من قسم إلى آخر ومن مرب إلى آخر فتجد الولي يلهث لنقلة ابنه من مؤسسة إلى أخرى ثم بعد ذلك تتواصل معاناته ليجد نفسه أمام حتمية نقل ابنه من قسم إلى آخر وكل هذه الإشكاليات تطرح بسبب نتيجة واحدة وهي انخرام منظومة التعليم العمومي أو يختار البعض، بعد تجربة يرونها غير مرضية، الهجرة نحو قطاع التعليم الخاص –قسرا- باعتبار أن قطاع التعليم العمومي لم يعرف إلى حد هذه الساعة أي تغيير نحو الايجابي …والمؤسف أن عديد العائلات ليس في جرابها ما يكفي لتكون لها الخيارات نفسها التي أتيحت لعائلات أخرى و لا مفر لها من التعليم العمومي.

وبالتوازي مع كل ماتم ذكره فان مارطون الالتحاق بركب دروس الدعم والتدارك يعرف تزايدا يوما بعد يوم وهي من الطقوس المعمول بها لدى شق كبير من العائلات التونسية لتهيئة منظوريها لسنة دراسية جديدة بأريحية ولابد في هذا السّياق أن نعرج على أن الاهتمام بعنصر الدعم والتدارك يمثّل فرصة لبعض الانتهازيين لفرض شروطهم واستغلال الحاجة الملحة لمثل هذه الخدمات بوضع أسعار خيالية في عديد الأحيان ..

فالدروس الخصوصية أصبحت ظاهرة مجتمعية وهي كذلك خاضعة لقاعدة العرض والطلب، هذه الظاهرة التي أثقلت كاهل العائلات والتي ورغم اكتوائها بمصاريفها وتكاليفها لكنها في نظرها تُعدّ الوسيلة الوحيدة للتدارك ، حيث يتهافت اغلبها على تسجيل أبنائها فيها طمعا منها في نجاح منظوريها وتحقيق اهدافهم المنشودة في الدعم والتدارك…ومهما يكن من أمر من الضروري الإقرار أن تهرؤ المنظومة التربوية على جميع الأصعدة والاوجه يجعل من الدروس الخصوصية شرا لابد منه…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

الدكاترة الباحثون المعطلون عن العمل : المراهنة على البحث العلمي آلية للبناء على أسس صلبة

نظم  أمس الأربعاء الدكاترة الباحثون المعطلون عن العمل مسيرة انطلقت من وزارة التعليم العالي…