بين تونس والعراق : شروط قوية لتطوير الشراكة
حلّ رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني هذه الايام ببلادنا في إطار زيارة رسمية مرفوقا بوفد رفيع المستوى وأجرى لقاءات مع الجهات السياسية الرسمية والتقى كذلك ثلة من المسؤولين بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ومن أصحاب المؤسسات والمستثمرين التونسيين.
وعلى غرار ما تم الاتفاق بشأنه على المستوى الرسمي، كانت مخرجات اللقاء مع ممثلي القطاع الخاص واعدة وأعادت الى الأذهان ذكريات شراكة متقدمة في جميع المجالات كانت قائمة بين الشعبين والبلدين في العقود السابقة وحتّمت أوضاع داخلية وإقليمية ودولية للأسف تعطيل هذه الشراكة وارجاعها في بعض اللحظات الى نقطة الصفر كما يقال.
وحسب ما رشح من معلومات عقب اللقاءات مع رئيس الجمهورية قيس سعيد ومع رئيس الحكومة كمال المدوري وأعضاء في الحكومة ومع رجال الأعمال يتقدمهم سمير ماجول رئيس منظمة الأعراف، فقد حصل الاتفاق على توسيع مجالات الاتفاقيات بين البلدين وما تمخض عن اللجنة المشتركة التونسية العراقية المنعقدة في شهر ماي الفارط وتوسيعها الى المجال التجاري والثقافي والرياضي.
ليس ذلك فحسب، برز تقارب كبير في وجهات النظر بشأن القضايا الاقليمية والدولية وخصوصا تجاه الحرب المتواصلة على الفلسطينيين في قطاع غزة وتأكيد فشل المجتمع الدولي في القيام بواجبه القانوني والأخلاقي لوضع حد لتمادي الكيان الصهيوني في عربدته والتحذير كذلك من التطورات الأخيرة التي تهدّد الشرق الاوسط والعالم بحرب شاملة.
وتجدر الاشارة هنا الى ان مواقف العراق الرسمية والشعبية هي على غرار الموقف التونسي الرسمي والشعبي أيضا متقدمة ومناصرة لحق الشعب الفلسطيني.
وبالعودة الى العلاقات الثنائية بين البلدين، فإن التصريحات المتفائلة بشأن الشراكة والمستقبل تجد مشروعيتها في الواقع نظرا لاعتبارات ذاتية وموضوعية، فالطرفان بحاجة ملحّة لهذه الشراكة.
في تونس، لا أحد ينكر أن بلادنا تزخر بالكفاءات وهي ترسل على مدار الأعوام خيرة نخبها من خرّيجي الجامعة ومن أصحاب التجارب المهنية الكبيرة في شتى المجالات الى الدول الشقيقة والصديقة، إضافة إلى أن بعض الصناعات التحويلية ذات الجودة العالية تحتاجها أسواق الدول التي تشبهنا ومثلما كانت العراق قبلة التونسيين للدراسة والعمل وحتى عندما كنا ندرس في تونس فقد كانت الكتب المدرسية هدية من الشعب العراقي، فان بمقدورنا اليوم ان نعود للعراق للمساهمة في إعادة بنائه وإعماره بعدما حلّ به من خراب.
في العراق إذن، ومثلما قال ضيف تونس ثمّة نهضة إقتصادية تتحقق اثر تعافي البلاد وعودتها تدريجيا كأحد أهم الفاعلين الاقتصاديين في المنطقة وتحولها إلى بيئة استثمارية جاذبة.
وكما هو معلوم، يزخر العراق بالثروات التي وقع اهدار الكثير منها خلال العشريات الماضية وبعودة الوجود القوي للدولة اليوم ومؤسساتها، فإن الفائدة كبيرة والآفاق رحبة للاستفادة من النفط ومن مجالات الصناعة والتجارة والعلاقات المالية والمصرفية وكذلك الانشطة الثقافية والرياضية و العلمية.
وبالفعل، فقد أكد رئيس مجلس الوزراء العراقي في هذا الإطار وجود فرص هامة في بلاده سواء في مستوى ما توفره الدولة والجهات الرسمية أو كذلك استعداد رجال الأعمال العراقيين للاستثمار بدورهم في تونس في مختلف المجالات.
إن ما يعزز التفاؤل رغم قتامة الأوضاع الراهنة في المنطقة، أن قرارات مهمة تم اتخاذها في الفترة الماضية من جانب الدولتين، و من بينها رفع التأشيرة الأمر الذي يفترض أن يساهم في تسهيل الحركة وتجاوز العقبات أمام الشراكة الواعدة.
في تفاعل بعض الوزراء مع نواب المجلسين : شيء من الواقعية وشيء من المبالغة أيضا..!
تتواصل تحت قبة البرلمان هذه الأيام الجلسات العامة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الو…