ارتفاع نفقات دعم القطاع الطاقي : التسريع في التحول الطاقي نحو الطاقات المتجددة ضرورة للاقتصاد والبيئة
يطرح ارتفاع نفقة الدعم الموجهة لمحروقات تحديا متواصلا يعكس عمق الأزمة الطاقية في تونس والتي هي في الواقع جزء من أزمة عالمية فقد سجل الميزان التجاري الطاقي خلال 5 أشهر الأولى من سنة 2024 ارتفاعا بنسبة 22 بالمائة مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2023 و هو ما ساهم في الرفع بشكل غير مسبوق في نسبة عجز الميزان التجاري الذي أصبح 97 بالمائة منه ناجما عن العجز الطاقي الأمر الذي أدى بدوره الى ارتفاع نفقات الدعم الموجهة لقطاع المحروقات.فقد كشفت وثيقة نشرتها وزارة المالية مؤخرا تحت عنوان «النتائج الوقتية لتنفيذ ميزانية الدولة الى موفي جوان 2024» ان تونس وجهت قرابة 73 بالمائة من نفقات الدعم، المخصّصة ضمن ميزانية الدولة لسنة 2024، إلى قطاع المحروقات من بينها 12 بالمائة منها تمتع بها قطاع النقل و15 بالمائة من هذه النفقات وجهت الى دعم المواد الأساسية و هو ما يعكس بشكل جلي عمق الأزمة الطاقية خاصة مع تراجع الإنتاج الوطني من البترول إلى 13 بالمائة إلى جانب ارتفاع أسعار البترول في العالم والتي تأثرت بشكل كبير بالحرب الأوكرانية الروسية والحرب على غزة .
وتؤكد مجمل هذه المؤشرات التي يمكن وصفها بالمقلقة ضرورة التسريع بإيجاد الحلول عبر المرور بشكل سريع إلى إدماج الطاقة البديلة أو ما يسمى بالطاقة النظيفة ضمن المنظومة الإستهلاكية خاصة بعد التداعيات الخطيرة والملموسة للتغييرات المناخية على تونس والعالم ما جعل من التخفيض من الطاقة الملوثة خيارا لا مناص منه و ضرورة يستوجبها الوضع المالي و هو أمر ليس بالهين فهو يحتاج إلى اعتمادات مالية كبرى اعتبارا إلى ضرورة إرساء بنية تحتية ولوجستية متكاملة تقوم على إعتماد هذا النوع من الطاقة وهو ما شرعت الدولة التونسية في الاشتغال عليه منذ اكثر من 10 سنوات .
والجدير بالذكر أنّ تونس أطلقت، العام الماضي ، مشروع «تكثيف اعتماد التنقل الكهربائي في تونس» المموّل من قبل صندوق البيئة العالمي مع إشراف وزارة البيئة والوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، بهدف توسيع نطاق اعتماد التنقلات الكهربائية في تونس وبالتالي تخفيف العبء على الميزانية في ما يخص نفقات دعم المحروقات. وتبلغ كلفة المشروع الذي يرتكز على الابتكار ونقل التكنولوجيا، حوالي 13 مليون دولار وسيتم تنفيذه خلال الفترة الممتدة من 01 ماي 2022 إلى غاية 30 أفريل 2027.
يذكر ان تونس تبنت استراتيجية جديدة للانتقال الطاقي تعتمد بشكل خاص على تسريع إجراءات كفاءة الطاقة والتطوير واسع النطاق للطاقات المتجددة عقب الحوار الوطني حول الطاقة في سنة 2013 وتُرجمت هذه التوجهات في شكل إصلاحات قانونية وتحفيزية منها بالأساس إصدار القانون الجديد المتعلق بإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة (القانون عدد 12 لسنة 2015) وإحداث صندوق الانتقال الطاقي (القانون عدد 54 لسنة 2014، الفصل 68)، بالإضافة إلى تحديد أهداف جديدة طموحة في إطار تحيين المخطط الشمسي التونسي في سنة 2015، وذلك بهدف الحد من استهلاك الطاقة بنسبة 30٪ في سنة 2030 مقارنة بالسنة المرجعية 2010، واستبدال 30٪ من الكهرباء المنتجة في نفس الأفق بمصادر الطاقات المتجددة.
كما تم في سنة 2017، نشر الأمر التطبيقي لصندوق الانتقال الطاقي ووضع تدخلات جديدة ، علاوة على التدخلات التقليدية (في شكل منح متمثلة في تمويل العمليات والبرامج الوطنية للتحكم في الطاقة) بالإضافة إلى دعم مشاريع التحكم في الطاقة في شكل اعتماد واجب إرجاعه أو مساهمة في رأس المال.
وتشير دراسة أنجزتها وزارة البيئة إلى أنّ جولان 50 ألف سيّارة كهربائية في أفق سنة 2025 و130 ألف سيّارة في أفق سنة 2030 من شأنه أن يتيح التخفيض في استهلاك البترول بما يعادل 5،9 مليون برميل في أفق سنة 2030 أي بتراجع يعادل 660 مليون دولار في واردات المحروقات الأحفورية للفترة 2020 /2030. كما سيساهم ذلك في تفادي انبعاث 2,2 مليون طن مكافئ نفط من ثاني أوكسيد الكربون من الغازات الدفيئة في تونس.
المكلفة بالعلاقات العامة بجمعية «عسلامة» بألمانيا نرجس السويسي لـ «الصحافة اليوم» : منتدى الاستثمار شتوتغارت 2024 فرصة للتحفيز على الاستثمار
في إطار التحفيز والتشجيع الاستثمار الخارجي بتونس خاصة من قبل الجالية التونسية, تحتضن مدينة…