2024-08-29

آرام بالحاج أستاذ الاقتصاد لـ«الصحافة اليوم» : ارتفاع حجم الديون الداخلية يربك الاستثمار ويزيد الضغط على البنوك

قال آرام بالحاج أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية لـ«الصحافة اليوم» بخصوص مدى صحة الأرقام المتعلقة بخلاص الدين الخارجي لتونس أن تونس سددت خلال الأشهر الستة الاولى من سنة 2024 أصل دين بقيمة 5488,4 مليون دينار اي ما يقارب 5500 مليون دينار وهو ما أكدته الأرقام الرسمية الأخيرة التي أصدرتها وزارة المالية للسداسي الأول من العام الجاري في وثيقة تنفيذ الميزانية. ونفى بذلك بالحاج ما يتم تداوله من أن البلاد سددت 9989,9 مليون دينار مشيرا  الى أن هذا المبلغ الوارد بموقع البنك المركزي بتاريخ 20 أوت 2024 لا يخص خدمة الدين العمومي وانما يعود لخدمة الدين الخارجي المتراكمة لكل الفاعلين الاقتصاديين والتي تشمل دين الدولة وتشمل أيضا دين البنك المركزي ودين مؤسسات الإيداع ودين القطاعات. وشدد الخبير على أنه وفق قانون المالية لسنة 2024 من المبرمج خلاص 9744 مليون دينار كأصل دين خارجي جملي.وهو ما يشير في نظره إلى أنه لم يتبق الكثير من الديون الخارجية لبقية العام الجاري لعل أكبرها خلاص قسط بـ3 الاف مليون دينار خلال شهر أكتوبر القادم.

واعتبر أستاذ الاقتصاد أن تمكن تونس من خلاص هذه الديون والايفاء بتعهداتها الخارجية أمر ايجابي دوما وليس بجديد، فتونس لم تتأخر سابقا عن خلاص ديونها ولكن التوجه الحالي نحو التداين من البنوك المحلية- حيث تغيرت تركيبة الدين وارتفعت الديون الداخلية أكثر مما كان سابقا- هو أمر سلبي في واقع الأمر سيما عندما يرتفع الضغط على البنوك المحلية وتذهب السيولة البنكية لتمويل ميزانية الدولة على حساب الإستثمار. واوضح أنه في غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويلات خارجية أصبح التعويل اكثر الآن على البنوك المحلية حيث يظهر تنفيذ ميزانية 2024 انه تم الحصول تقريبا على اكثر من 80 % من الموارد الداخلية المبرمجة لسنة 2024 من البنوك الداخلية، مما يوضح ان الضغط يتزايد أكثر فأكثر على البنوك لتمويل الميزانية عوض الاستثمار، وهذا له تداعيات سيئة سواء على الاستثمار او حتى على ترقيم البنوك في حد ذاتها.

وشدد على أنه تمت تعبئة ميزانية الدولة لسنة 2024 من الموارد الداخلية بصفة أكثر مما كان متوقعا وبنسق ارفع بكثير. اما بالنسبة لموارد الاقتراض الخارجي والمبرمجة في حدود 16,4 الف مليار فلم يتم الحصول وفق تعبيره إلا على قرابة الف مليار فقط من الموارد الخارجية في السداسية الاولى من العام الجاري وهذا متوقع في نظره باعتبار عدم توقيع اتفاقية مع صندوق النقد والشركاء الذين يربطون تقديم التمويلات لتونس بالامضاء مع الصندوق، مضيفا أن أول انعكاس لهذا الأمر هو اللجوء أكثر فأكثر نحو التداين الداخلي بصفة كبيرة.

وحول ان تونس ومن اجل خلاص ديونها وقروضها الخارجية التي يحل أجلها الى نهاية العام عليها تعبئة قروض جديدة وهي القروض المبرمجة في ميزانية الدولة قال بالحاج ان خلاص الديون الخارجية ليس بالضرورة مرتبطا بتعبئة الموارد الخارجية فالدولة لها دائما الإمكانية لتعبئة موارد داخلية والذهاب إلى الاحتياطي لخلاص ديونها الخارجية ،كما حدث ذلك في فيفري الماضي عندما حل أجل خلاص قرض بـ3 الاف مليار بداية العام الحاري،وتم اللجوء الى تغيير قانون البنك المركزي والحصول على تسهيلات بـ7 الاف مليار، فالعملية اذن ليست اتوماتيكية وفق تعبيره.

وللاشارة فان الموجودات الصافية من العملة الاجنبية الى حدود يوم 28 اوت 2024 بلغ 25379 مليون دينار أي ما يغطي 115يوم توريد.

الجدير بالذكر ان وزيرة المالية أكدت مرارا أن تونس تعمل من أجل احتواء الضغوطات المسلطة على المالية العمومية تدريجيا وتحسين الوضعية الاقتصادية، وتنفيذ عديد الإصلاحات النابعة من التوجهات والأولويات الوطنية ومقاومة الفساد وإرساء نظام جبائي عادل من خلال توسيع قاعدة الأداء وإدماج الإقتصاد الموازي لاستعادة الإستقرار الإقتصادي والمالي. كما بينت في عديد المناسبات أنّ سياسة التعويل على الذّات هي خيار وطني تسعى تونس من خلاله إلى تكريس السيادة الوطنية والحدّ من عجز الميزانيّة والتقليص في حجم التداين العمومي الخارجي وإلى استعادة قدرتها على تحقيق انتعاشة اقتصاديّة مرتقبة واستعادة القطاعات الإنتاجية لحيويتها في الفترة القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

من أجل تحقيق الأمن الغذائي..

 لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها  وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …