أثارت تجربة الشركات الأهلية في تونس منذ صدور المرسوم الرئاسي الخاص بها في مارس 2022 الكثير من الجدل وتساؤلات حول مدى قابليتها للتجسيد في الواقع الاقتصادي والاجتماعي اليوم الذي يشكو صعوبات كثيرة ومعقدة وككل تجربة جديدة ومختلفة عما هو معمول به في النظام الاقتصادي , تحتاج لوقت وأرضية ملائمة  ليتأكد نجاحها من عدمه.

و قد بلغ عدد الشركات الاهلية 62 شركة الى حدود ماي 2024  من بينها 14 شركة جهوية و48 شركة محلية حيث تم في اطار تيسير بعث هذه النوعية من الشركات اعداد عقد  أهداف لتفعيل المنحة التضامنية المقدرة بـ20 ألف دينار ومراجعة الأمر المتعلق ببرامج التشغيل والترفيع في سقف التمويل من 300 ألف د إلى 1 مليون دينار وامضاء اتفاقية التمويل مع البنك التونسي للتضامن، إضافة الى ضبط قائمة المؤسسات البنكية الراغبة في تمويل الشركات الأهلية بالتنسيق مع المجلس البنكي والمالي.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل أن هذه الإجراءات كافية لإنجاح تجربة الشركات الأهلية وتحقيق الهدف الذي بعثت من أجله ؟ وأي شروط يجب أن تتوفر لها حتى تكون لها مساهمة فاعلة في الاقتصاد الوطني ؟

في هذا الإطار يجمع الخبراء على أن إنجاح  الشركات الأهلية في تونس، يستوجب توفر بيئة قانونية ملائمة  باعتبار أن هذا النوع من الشركات مختلف عن بقية الشركات المتعارف عليها في تونس لذلك يجب أن تتوفر  عدة عوامل  مع إحداث تغييرات على عدة مستويات لبلوغ هذا الهدف زائد إطار قانوني متين وداعم يحدد بوضوح حقوقها وواجباتها، ويسهل عمليات التأسيس والإدارة، ويوفر حماية قانونية لأصحاب الشركات والعاملين فيها مع وجوب توفير آليات تمويلية مرنة ومتنوعة تدعم الشركات الأهلية، مثل القروض الميسرة، والصناديق الاستثمارية، والتمويل الجماعي بالإضافة الى ضرورة  تسهيل الوصول إلى الدعم المالي والتقني من المؤسسات الحكومية والخاصة.

مع التأكيد على ضرورة  تقديم برامج تدريبية وتوعوية لرواد الأعمال وأعضاء الشركات الأهلية لتطوير مهاراتهم الإدارية والتسويقية والمالية، مما يساهم في تعزيز قدرة هذه الشركات على المنافسة والاستدامة  إلى جانب تحسين البيئة التجارية ومناخ الأعمال بشكل عام عبر تبسيط الإجراءات الإدارية، وتقليل البيروقراطية، ومحاربة الفساد، وتوفير بيئة مشجعة للاستثمار  بما يعزز نمو الشركات الأهلية.

على أن يتم الربط بين التعليم وسوق العمل لانجاح الشركات الاهلية الى جانب تعزيز التعاون بين المؤسسات التعليمية والشركات الأهلية لضمان توافق المهارات والمعرفة التي يكتسبها الشباب مع احتياجات سوق العمل المحلي. وعلى الحكومة توفير حوافز ضريبية وتشريعات مشجعة للشركات الأهلية، بالإضافة إلى برامج دعم ومساندة لتسويق منتجاتها وخدماتها، سواء داخل تونس أو في الأسواق الخارجية الى جانب تشجيع الشركات الأهلية على استخدام التكنولوجيا الحديثة والابتكار في منتجاتها وخدماتها وهو ما  يمكن أن يزيد من قدرتها على المنافسة ويعزز فرص نجاحها في السوق الداخلية والخارجية بما يجعلها جزءًا حيويًا من الاقتصاد الوطني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تونس الخامسة افريقيا كأفضل الوجهات السياحية..

 كشف تقرير مؤسسة بلوم للاستشارات  عن احتلال  تونس المرتبة الخامسة ضمن تصنيف الدول الإفريقي…