الخبير الاقتصادي محسن حسن : السيطرة على التضخم تبدأ من وضع سياسات تهدف للتحكم في أسعار المواد الفلاحية
سجلت أسعار المواد الغذائية ارتفاعا بنسبة 9,4 % باحتساب الانزلاق السنوي خلال شهر جويلية 2024 ويعود ذلك بالأساس وفق المعطيات الاخيرة الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء إلى ارتفاع أسعار لحم الضأن بنسبة 24 % وأسعار الزيوت الغذائية بنسبة 8,21% وأسعار لحم البقر بنسبة 3,16% وأسعار التوابل بنسبة 16% وأسعار الأسماك الطازجة بنسبة 12,5% وأسعار الخضر الطازجة بنسبة 9 %.علما وان نسبة التضخم سجلت تراجعا إلى مستوى 7 % في شهر جويلية 2024 بعد ان كانت في حدود 7,3 % خلال الشهر السابق. وأمام هذا الارتفاع يرى عدد من المختصين ضرورة مزيد العمل على خفض التضخم والتحكم أكثر في ارتفاع الأسعار باعتبار أن ذلك أثر على كلفة المعيشة وعلى القدرة الشرائية عموما خاصة لذوي الدخل المحدود.مما يجعل تأمين الحاجيات الأساسية من المواد الغذائية أمرا صعبا.
ومن جهة ثانية يتطلب التحكم في تداعيات ارتفاع الأسعار والمحافظة على ديمومة الانتاج إجراءات متكاملة من خلال وضع برامج واستراتيجية استباقية تأخذ بعين الاعتبار نتائج البحث العلمي والدراسات المنجزة في هذا الصدد. وفي الاطار ذاته يرى محسن حسن وزير التجارة السابق في تدوينة له ان تواصل ارتفاع أسعار المواد الفلاحية والغذائية عموما أصبح مصدر قلق بالنسبة للسلطات الرسمية ومؤرقا للمواطن التونسي وذلك بالرغم من المجهودات المبذولة للتحكم في نسب التضخم، واكد ان معالجة هذه الاشكاليات يجب أن تكون هيكلية بالأساس من خلال انتهاج استراتيجية وطنية واضحة المعالم متبوعة بسياسات واقعية للتحكم في أسعار المواد الفلاحية وتعديل العرض والطلب.
وابرز محسن حسن ان هذه الاستراتيجية ترتكز أولا وأساسا على إعادة الاعتبار للقطاع الفلاحي لتوفير العرض وتنويعه، فلا يمكن الحديث عن تحكم ناجع في أسعار المواد الفلاحية ما لم يتم الاعتماد على رؤية وسياسات متطورة لدعم الإنتاج الفلاحي وتحسين مستوى عيش العاملين في القطاع، مضيفا ان الفلاحة التونسية تلعب دورا مهما اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا حيث تشكل مصدر دخل لأكثر من نصف مليون تونسي وتثبّت أكثر من 3.5 مليون تونسي في المناطق الفلاحية الريفية.بالإضافة إلى دورها في تقليص العجز التجاري والمحافظة على سلامة التوازنات المالية العمومية. وقال ان إصلاح هذا القطاع يقتضي في تقديره وضع خطة سريعة للتأهيل تقوم على تطوير المنظومات الفلاحية كالحبوب والخضروات و اللحوم البيضاء والحمراء والحليب وتطوير الإنتاج والإنتاجية ومضاعفة طاقة التخزين ومراجعة الأسعار عند الإنتاج الى جانب إعادة النظر في سياسات الدعم وتوجيه الدعم للمنتج لتقليص الكلفة. وبالتالي التحكم في الأسعار وعلى سبيل الذكر دعم الأعلاف الموردة خاصة والبذور والمحروقات والتخزين كما شدد على مزيد تشجيع الاستثمار في القطاع الفلاحي وخاصة في مجالات الميكنة والري والتخزين واقتناء الاراضي الفلاحية وتجميع المستغلات الفلاحية، والتسريع في آجال صرف الامتيازات المالية المسندة وتبسيط الإجراءات الإدارية. كما تعرض حسن الى أهمية تأهيل قطاع الصيد البحري وتهيئة الموانئ وتشجيع تجديد الأسطول وإحداث الشركات التعاونية والتعاضديات وتمتيعها بالامتيازات الضرورية للتدخل في كل مراحل الإنتاج و تجميعه وتوزيعه. كما اكد محسن حسن على اهمية التسريع من حل الإشكاليات العقارية والحد من تشتت المستغلات الفلاحية لافتا الى عديد الإجراءات الأخرى التي بالإمكان تفعيلها من أجل النهوض بالقطاع الفلاحي وتطوير الانتاجية في هذا القطاع الاستراتيجي.والاكيد أن القطاع الفلاحي يبقى دوما عنوانا للامن الغذائي لتونس ولا مناص من تعزيز ديمومته وإصلاحه حتى يتمكن من الصمود في وجع المتغيرات المناخية التي بدأت تظهر تداعياتها على القطاع.ولعل أشدها الشح المائي الحالي الذي يمثل التحدي الأبرز لقطاع الفلاحة وللبلاد عامة.
من أجل تحقيق الأمن الغذائي..
لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …