2024-08-27

عن الزيارات الرئاسية الميدانية: دعم للدولة الراعية وتحميل للمسؤوليات

في كل زيارة من الزيارات الميدانية التي يؤديها رئيس الجمهورية الى الجهات تتجدد شكوى المواطنين وتذمّرهم من المعاناة التي تسم معيشهم اليومي والتي وان كانت نتاج تراكمات كثيرة وتركة ثقيلة فإنها  تعكس في الحقيقة تقصير عديد المسؤولين الجهويين في مهماتهم وعدم قدرتهم على إدارة الملفات الاجتماعية المهمة في المناطق الراجعة لهم بالنظر.

وفي هذا الإطار يمكن النظر الى زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد الى ولاية سليانة ومعتمدية السرس من ولاية الكاف وكالعادة استمع الى مشاغل مواطنين وتذمّرهم من الصعوبات التي يعيشونها. وبالتأكيد ستكون هذه الزيارة وما سبقها مناسبة لكي يقع سد الشغور على مستوى الولاة والمعتمدين بعد ان تم التحوير الوزاري الأخير وستكون أيضا منطلقا لإقالة كل مسؤول قصّر في أداء مهمته وفشل في تحقيق ما هو مطلوب منه.

والواضح ان رئيس الجمهورية يمضي قدما في اتجاه التأكيد على فكرة مركزية وهي إرساء الدولة الاجتماعية الراعية للمواطنين وهو الأمر الذي ما فتئ  يتأكد بشكل واضح ومباشر في الزيارات الميدانية التي يؤديها رئيس الجمهورية بشكل متواتر الى الجهات وكذلك الى المؤسسات والمنشآت العمومية حيث يتم التشديد في كل مرة على ضرورة ان تحمي الدولة مكاسب المواطنين وان توفر لهم سبل العيش الكريم في ظل توحش المنطق الرأسمالي الذي يحكم العالم بأسره والذي انخرطت فيه تونس بشكل واضح وجليّ منذ بدايات الألفية الجديدة مع مسار الخوصصة الذي تم خلاله التفويت في الكثير من المؤسسات المهمة التابعة للدولة لفائدة القطاع الخاص. كما تم اهمال الفلاحة والصناعة باعتبارهما المرتكزات المهمة لأي اقتصاد في العالم لصالح الخدمات.

وكانت جائحة الكوفيد ثم حرب روسيا واوكرانيا الدرس القاسي الذي تم تلقينه للجميع من اجل العودة الى المراهنة على الدولة القوية الراعية التي تحافظ على سيادتها وتؤمّن أمنها الغذائي في المقام الأول.

إذن ونحن بعيد أمتار قليلة من انتخابات مفصلية تبدو رهانات رئيس الجمهورية واضحة لا غبار عليها وهي الإنصات الى مشاغل عموم التونسيين واشباع انتظاراتهم بالإمكانيات المتاحة والعمل على تحريك عجلة التنمية في كل ربوع الجمهورية.

وهذا ما تجلّى في حديثه مع المواطنين في الزيارة الأخيرة حيث أكد ان عديد الاختيارات الفاشلة التي تمت منذ أكثر من ثلاثة عقود  هي التي أدت الى الأوضاع الحالية وأن الحل يكمن في استرجاع الدولة لدورها الاجتماعي مع مواصلة الحرب على الفساد.

هنا تبدو البوصلة واضحة فأم المعارك حاليا هي بالتأكيد الحرب على الفساد وتقويض أسس لوبيات المفسدين هذا بالإضافة الى ضرورة استعادة أهم أدوار الدولة وهو الدور الاجتماعي الذي تأسست عليه دولة الاستقلال واستفاد منه التونسيون بكل فئاتهم وجهاتهم  وذلك عبر خلق تنمية شاملة وعادلة والنهوض بالقطاعات الحيوية من بينها الصحة والتعليم والنقل والفلاحة والصناعة ضمانا لحياة كريمة للمواطنين وحفاظا على الأمن القومي والسيادة الوطنية للبلاد.

غير أن هذه المعركة ينبغي ان تخاض بشكل جماعي فهي معركة كل التونسيين وهو ما أكده رئيس الجمهورية قيس سعيد لدى  حديثه الى المواطنين واستماعه الى مشاغلهم ومطالبهم. فقد وضّح الرئيس ان الحلول لا يمكن ان تكون إلا جماعية في سائر القطاعات وفي كل جهات الجمهورية. وأكد أيضا ان الإرادة ثابتة  والعزيمة قوية لرفع كل التحديات وان العمل مستمر حتى تتحقق العدالة المنشودة وإعادة بناء المرافق العمومية التي يحتاجها كل مواطن.

والأكيد ان بلادنا قد أضاعت كثيرا من الوقت بسبب تقصير وتراخي المسؤولين الذين تداولوا على حكمها وتم التفريط في الكثير من المكاسب التي تحققت في العقود الأولى لدولة الاستقلال. ويقتضي الأمر الآن تدارك كل ما فات من أجل انقاذ ما يمكن إنقاذه والتأسيس للجديد على أسس قوية تجتمع فيها الإٍرادة السياسية مع العزيمة المواطنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

وتونس تخوض غمار مشروعها الجديد مقتضيات السياق الحالي أو لزوم ما يلزم

هل نجانب الصواب اذا قلنا ان تونس تخوض مشروعها الجديد بمنتهى الثبات والجدية ؟ وهل نختلف حول…