2024-08-27

تدهور البنية التحتية ونقص مياه الشرب بالمدارس : نقائص تعكّر صفو العودة المدرسية سنويا …

يعد تقادم التجهيزات وعدم توفر المياه وانعدام المجموعات الصحية بعدد من المدارس من  اكبر الاشكاليات التي تعيق التعليم حاليا فمع  بداية كل موسم دراسي تطرح من جديد معضلة تدهور البنية التحتية للمدارس و نقص المياه الصالحة للشرب بها وانعدام ربطها بشبكة التطهير وخصوصاً في المناطق الداخلية والمناطق الريفية والجبلية الصعبة مما يدفع بالكثير من المربين والاولياء وبعض هياكل  المجتمع المدني الى  القيام بمبادرات خاصة من خلال مد يد العون و المساهمة في ترميم بعض تلك المدارس وإصلاحها حتى لا يضيع حق التلاميذ في التعلم.

لكن و على الرغم  من ذلك، فإنّ تلك المبادرات لم تعد  تفي بالغرض لان  مئات المدارس التونسية ما زالت تشكو الى اليوم نفس  النقص في التهيئة والترميم الذي طالما كانت تعاني  منه  ورغم ان الحق في الماء يعتبر حقا أساسيا نصّ عليه الدستور في فصله 48 وصادقت عليه تونس في العديد من المواثيق والمعاهدات الدولية، وهو شرط مسبق لإعمال الحقوق الأخرى مثل التعليم والصحة كما أن توفره بكمية كافية وجودة مضمونة هو مؤشر على احترام كرامة الفرد وصون إنسانيته ما يزال أكثر  من650 الف فرد في تونس محرومين من المياه في بيوتهم، حسب تقرير زيارة المقرر الأممي الخاص بالحق في الماء والصرف لتونس سنة 2022 .

ومازالت التجمعات السكنية في المناطق الريفية المعزولة تفتقر الى هذا المورد الحياتي حيث يعتمد السكان على المياه المتأتية من المستنقعات والأودية والبرك للإيفاء باحتياجاتهم من الماء مما تنجر عنه مخاطر عديدة تهدد صحتهم ومع تزايد حدة التغيرات المناخية تتتالى سنوات الجفاف وتتراجع إيرادات الأمطار الذي يؤكد دخول بلادنا فعليا  في مرحلة الشح المائي  مايزال أيضا  إلى حد اللحظة أطفال المدارس العمومية بالمناطق الريفية يعانون ويلات العطش حيث أشار تقرير أعده قسم العدالة البيئة والمناخية وصدر سنة 2024 تحت عنوان «تداعيات غياب العدالة البيئية وآثار التغيرات المناخية على باقي الحقوق » إلى عدم المساواة في الخدمات العمومية بالمدارس بين مختلف الفئات وغياب المرافق الأساسية، خاصة في مناطق الوسط الغربي، إذ تعاني أغلب المدارس من غياب المياه والصرف الصحي، مما يؤثر على نجاح الطفل دراسياً، وصحته النفسية والجسدية، وحقه في حياة كريمة مبينا أن  الماء يغيب  بشكل كلي عن 12بالمائة من مجموع المؤسسات التربوية بينما تتزود 834 مدرسة عبر الجمعيات المائية التي تعاني هي بدورها من إشكاليات مادية وهيكلية تتسبب في انقطاعات متكررة. كما تفتقر ما يقارب 128 مدرسة ابتدائية إلى الوحدات الصحية، يتركز 74 منها في ولايات الوسط الغربي (القصرين، سيدي بوزيد، القيروان).

وقد أدى غياب الماء إلى بروز تداعيات وخيمة على صحة التلاميذ مع انتشار مرض التهاب الكبد الفيروسي كما أثر سلبا على تحصيلهم العلمي وفاقم من ظاهرة الانقطاع المدرسي وشدد المنتدى على ضرورة تزويد جميع المدارس «دون استثناء» بممرات صحية واتخاذ إجراءات إضافية كإنشاء مستوصفات خاصة في المدارس التي تنتشر فيها الأمراض بسبب نقص المياه  كما دعا أيضا المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الدولة إلى الإسراع في تأهيل البنية التحتية المدرسية مع التركيز على استمرارية التزويد بالماء الصالح للشرب.كما دعا المنتدى إلى ضرورة تطبيق القوانين المتعلقة بالطفل بشكل مناسب، واعتماد مقاربة دستورية للحقوق، لافتا إلى أن ذلك من شأنه خلق بيئة تشريعية آمنة للتلاميذ، تحترم حقوقهم بشكل كامل، وتتصدى بشكل واضح وجدي لانتهاكات هذه الحقوق الناجمة عن العنف علاوة على ذلك، حث المنتدى هياكل الدولة على الانخراط الفاعل في إحداث مساحات خضراء في ساحات المدارس العمومية، مع الحفاظ عليها خالية من الهدر بالتعاون مع التلاميذ والأطر التربوية. وينبغي إعطاء الأولوية لهذه المبادرة بشكل خاص في المناطق الحضرية الفقيرة والمهمشة وكذلك المناطق الريفية.

جدير بالذكر أن مدارس عدة في تونس تفتقر إلى بنية تحتية سليمة ذلك أن العديد منها شيد خلال الاستعمار الفرنسي في خمسينيات القرن الماضي دون أن يطالها تعهد أو صيانة إلى اليوم كما توجد مدارس أخرى نائية في أماكن معزولة يصعب معها تزويدها بالماء أو ربطها بشبكة التطهير ومدارس بدون أسوار أو  حراسة وأيضا بدون مسالك معبدة مما يجعل الوصول إليها خاصة خلال موسم الأمطار من أصعب ما يكون و كل هذه العوامل نفرت جميعها حب التمدرس في نفوس نسبة كبيرة من التلاميذ مما زاد من نسب الانقطاع المدرسي الذي باتت أرقامه في تزايد مستمر وفي الوقت الذي تشكو فيه المدارس من زيادة الاكتظاظ وتقادم التجهيزات و نقص التزويد بالماء الصالح للشراب، فان تقديرات وزارة التربية تشير الى زيادة بمعدل 50 الف تلميذ سنويا خلال العشر سنوات المقبلة وهو ما يتطلب تأهيل البنية التحتية بالمدارس والمعاهد التربوية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بات يعصف بثوابت القيم والأخلاق : أيّ حدود.. وأيّ حلول.. لظاهرة التنمّر؟

كغيره من الظواهر الهدامة التي باتت تنخر المجتمع أصبح التنمر يتفاقم بشكل ملفت للنظر وينتشر …