تنفيذ ميزانية الدولة للنصف الأول من :2024الدين الخارجي يتراجع الى أدنى مستوى منذ سنة 2010
كشفت مذكرة تنفيذ ميزانية الدولة للنصف الأول من عام 2024، التي نشرتها وزارة المالية أن دين الدولة التونسية يمثل ما يعادل 78.1 % من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالتاريخ ذاته من العام الماضي حيث كانت في حدود 79.3 % منخفضا للمرة الأولى منذ عام 2010، في المقابل ارتفع الدين الداخلي منذ بداية السنة بمعدل سنوي يناهز 24.9% مقابل 20.5 % خلال نفس الفترة من العام الماضي.
وقد تزامن هذا التطور مع تسجيل انخفاض لافت في حصة الدين الخارجي للدولة من اجمالي الدين العمومي، ففي نهاية جوان 2024 ولأول مرة منذ عام 2010، بلغت أقل من نصف إجمالي ديون الدولة التونسية وذلك بنسبة 48.9 % بعد ذروة بلغت 70.7 % في نهاية جوان 2019 .
و تعكس هذه الأرقام التوجه الذي انتهجته الدولة التونسية الذي أعطى الأولوية لاستخلاص الدين الخارجي لتخفيف عبء المديونية الخارجية التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة منذ 2011 إذ ارتفعت من أكثر من 43 بالمائة سنة 2012 إلى أكثر من 81 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2021. ولئن شهد الدين العمومي بداية تراجع و هو أمر إيجابي إلا أن النسبة ما تزال مرتفعة خاصة أن الدين الداخلي آخذ في الارتفاع بعد أن قررت الدولة الاقتراض من البنك المركزي التونسي والبنوك المحلية واللجوء إلى الاكتتاب الوطني الذي تستأثر البنوك التونسية بقسط كبير منه وهو ما يمثل شكلا آخر من التداين الداخلي الذي له تداعيات سلبية الأمر الذي يؤثر على حجم السيولة المالية لدى البنوك وهو ما سيقلص من نسبة إقراض المستثمرين وبالتالي تعطيل المشاريع الاستثمارية التي تمثل احد أبرز مصادر خلق الثروة إلى جانب أن المبالغ التي تقترضها الدولة من البنوك المحلية يوجه أغلبها للنفقات العمومية وليس للمشاريع التنموية والاستثمار العمومي وهو ما يبقي على الأزمة الاقتصادية ولا يدفع نحو تعافي الاقتصاد إلى جانب التداعيات الأخرى على غرار ارتفاع نسبة التضخم وتراجع المقدرة الشرائية للمواطن .
ورغم ذلك يبقى استخلاص جزء هام من الدين الخارجي مؤشرا إيجابيا في انتظار التعافي التدريجي للاقتصاد والتخفيف من عبء المديونية الخارجية وكذلك الدين الداخلي من أجل توفير موارد مالية ذاتية توجه للتنمية والاستثمار .
تجدر الإشارة إلى ان مذكرة وزارة المالية كشفت أن قائم الدين العمومي سجل زيادة بنسبة 6.5 % ليصل الى 127.4 مليار دينار على مدار عام واحد، وهو أدنى معدل زيادة منذ أزمة كوفيد. ويعود هذا التباطؤ بشكل اساسي إلى تراجع الدين الخارجي للدولة التونسية، الذي تقلص نهاية جوان 2024، بنسبة 9.1- % مقارنة بذات الفترة من العام السابق.
كما تسعى السلط إلى تنويع مصادر تمويل الميزانية العامة للدولة وهو ما مكّن من التحكم في مستوى العجز فيها بعد ان بلغ في الأعوام الفارطة مستويات غير مسبوقة.
هذا ويعد الحد من النمو المستمر لمستويات المديونية عاملا حاسما في تطوير القدرات الإنتاجية للدولة ودفع فعالية النظام الضريبي الأمر الذي يمكن من خلاله السيطرة على عجز الميزانية علما أن ضمان استدامة الدين على المدى البعيد يشترط تطوير آليات الاستثمار لا سيما من خلال تحسين مناخ الأعمال لإنعاش الاستثمار الخاص ومواصلة حماية الشركات والأسر في هذا المجال علاوة على القضاء على الاقتصاد الموازي، وهيكلة الاقتصاد الوطني، من خلال استهداف القطاعات ذات القيمة المضافة العالية والمحتوى المعرفي العالي وتعزيز التحول الرقمي والبيئي.
الدورة 38 لأيام المؤسسة من 5 إلى 7 ديسمبر المقبل : طرح للمستجدات الاقتصادية و كيفية التأقلم معها محليا و عالميا
تحت شعار «المؤسسة والتحولات الكبرى: التأقلم والفرص المتاحة» ستحتضن جوهرة الساحل سوسة فعالي…