2024-08-25

رغم الاستبشار بكميات الامطار الأخيرة: هل بإمكاننا القضاء على معضلة الشح المائي في تونس؟

استبشر التونسيون بعد نزول الغيث النافع خلال اليومين الأخيرين, وعلقوا آمالا كبيرة على الامطار الأخيرة التي ستساهم في امتلاء السدود. لكن هل يمكن ان نقول اننا قادرون على حل أزمة العطش لمجرد نزول الأمطار؟ وبطريقة أخرى كيف يمكننا القضاء على معضلة الشح المائي والجفاف الذي يضرب تونس حاليا؟

وقد كشف المعهد الوطني للرصد الجوي عن كميات الأمطار المسجلة خلال يوم الاربعاء الماضي حيث سجلت اعلى الكميات في منطقة المساحلة (40 مليمترا) والشوارمية (35 مليمترا) من ولاية سليانة. والكاف، 27 مليمترا، وطبرقة من ولاية جندوبة، 24 مليمترا. هذه الامطار التي تعتبر هامة كان بالإمكان  الاستفادة منها لو وقع الاستعداد لها وتهيئة سدود صغيرة لتجميعها.

الفقر المائي في تونس

تؤكد التقارير الرسمية  التونسية ان ما بين 200 و350 الف مواطن لا يتمتعون الان بمياه الشرب كما تدل التقارير على أن تونس توجد تحت عتبة الفقر المائي, حيث يقدر نصيب الفرد الواحد من مياه الشرب في السنة بـ 450 متر مكعب في حين أنه من الضروري أن يكون نصيب الفرد الواحد من الماء في حدود 1000 متر مكعب في السنة حسب توصيات الأمم المتحدة ويعتبر سلوك أغلب التونسيين تجاه التصرف في الماء, سلوكا غير سليم وغير مسؤول.

وتعتبر تونس في حالة اجهاد مائي, حيث تم تحديد أقل من نصف خط الفقر المائي عند 1000 متر مكعب للفرد في السنة, ويعهد بإدارة وتوزيع مياه الشرب إلى «الصوناد» التي تضمن إمدادات المياه لحوالي 85 بالمائة من السكان بما في ذلك 100 بالمائة من سكان الحضر و 51 بالمائة من سكان الريف. ويتمتع 6.3 مليون نسمة بخدمات الصرف الصحي, لكن أكثر من 41 بالمائة من السكان مازالوا دون التمتع بهذه الخدمة. ويقع استعمال 80 بالمائة من الموارد المائية في الفلاحة السقوية.

أرقام ودلالات

– 450 متر مكعب هو نصيب التونسي الواحد في السنة من الماء

– 1000 متر مكعب هو عتبة الفقر المائي للفرد الواحد في السنة من الماء

– 80 بالمائة من الموارد المائية في تونس يقع استعمالها في الفلاحة المروية.

– 41 بالمائة من السكان لا يتمتعون بخدمات الصرف الصحي

– حوالي 3 ملايين تونسي سيعانون من الاضطراب في التزود بالماء خلال الفترة الحالية

العودة الى تجارب القدامى في التصرف في المياه ضروري

يشير الدكتور عبد الرزاق بوشهدة خبير مستشار دولي في الصحة والتنمية المستدامة إلى أن الهدف الأسمى للتنمية المستدامة هو أن لا يبقى أحد عطشانا وهي من التوصيات العامة للمنظمة العالمية للمياه. كما أن الأهداف الـ 17 من التنمية المستدامة تنص على أن تكون النظرة للمياه والتصرف وحوكمة استغلالها  شمولية لتحقيق الأمن المائي والأمن الغذائي والأمن الصحي حيث تعتبر المنظمة العالمية للصحة أن التمتع بصحة جيدة لا يقاس بالخلو من المرض بل يقاس بعدد الحنفيات في كل منزل ووجود قنوات الصرف الصحي.

ويتصف الأمن المائي في تونس بغياب حسن استغلال المياه المتأتية من الأمطار والمجمعة في السدود والمياه الجوفية. ويمثل تهاطل الأمطار بغزارة وعدم الاستعداد وحسن التدبير خطرا على التونسيين اذ يتسبب في الفيضانات. وكحلول مقترحة لتجاوز مشكلة العطش في تونس لا بد من وجود نظرة تشاركية بين المواطنين والبلديات واستغلال المياه الغزيرة المتأتية من الأمطار خلال فصل الشتاء بمزيد تشييد السدود القادرة على استيعاب الكميات الهامة من الأمطار وبالتالي يقع استغلالها في ما بعد لتجاوز أزمة العطش خلال فصل الصيف بصفة خاصة وباقي فصول السنة بصفة عامة.

من جهة أخرى علينا الاقتداء بحسن تدبير أجدادنا في التصرف في المياه عبر جمع المياه في الخزانات والفسقيات والمواجل خلال الأيام الماطرة وتخزينها لأيام العطش. كما أن عددا من علماء تونس القدامى كابن شباط اصيل ولاية توزر وماغون عالم قرطاجني قدموا بحوثا وطرقا واساليب للتصرف في المياه بطريقة مستدامة وأصبحوا في ما بعد مرجعيات عالمية في مسألة  التصرف في المياه. وبذلك علينا ان نستلهم من هذه الانجازات وتشييد فسقيات مماثلة في كل ولاية ومدينة وانجاز البحيرات الجبلية لترميم التوازنات الايكولوجية.

ومن الحلول الممكنة أيضا نذكر أن التوجه نحو فلاحة ذات مردودية عالية ومحافظة على الموارد المائية يعتبر من الضروريات ويمكن تحقيق ذلك باختيار زراعات أقل استهلاكا للماء واستخدام تقنيات مناسبة للري وذات جدوى. كما ندعو إلى ضرورة تعهد الشبكات المائية في المناطق السقوية بصفة جزئية عن طريق مهنيين مؤهلين. ومراقبة انشاء الآبار العميقة واحترام القوانين حتى يتسنى للجميع الحصول على الماء بطريقة عادلة ومستدامة. وأخيرا يجب ترسيخ ممارسة الحفاظ على الماء عند الأطفال منذ الصغر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

والعودة المدرسية على الأبواب:  نصائح بالجملة والتفصيل لإنجاح العام الدراسي الجديد

تشكل الدراسة محور حياة التونسيين رغم تراجع جودة التعليم وارتفاع نسب البطالة في صفوف خريجي …