2024-08-25

تنفيذ‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬للنصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬:2024الدين‭ ‬الخارجي‭ ‬يتراجع‭ ‬الى‭ ‬أدنى‭ ‬مستوى‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬2010

كشفت‭ ‬مذكرة‭ ‬تنفيذ‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬للنصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬التي‭ ‬نشرتها‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭ ‬أن‭ ‬دين‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية‭ ‬يمثل‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬78.1‭ % ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬مقارنة‭  ‬بالتاريخ‭ ‬ذاته‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬79.3‭ % ‬منخفضا‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2010،‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬ارتفع‭ ‬الدين‭ ‬الداخلي‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬السنة‭ ‬بمعدل‭ ‬سنوي‭ ‬يناهز‭ ‬24.9%‭ ‬مقابل‭  ‬20.5‭ % ‬خلال‭ ‬نفس‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭.‬

وقد‭ ‬تزامن‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬مع‭ ‬تسجيل‭ ‬انخفاض‭ ‬لافت‭ ‬في‭ ‬حصة‭ ‬الدين‭ ‬الخارجي‭ ‬للدولة‭ ‬من‭ ‬اجمالي‭ ‬الدين‭ ‬العمومي،‭ ‬ففي‭ ‬نهاية‭ ‬جوان‭ ‬2024‭ ‬ولأول‭ ‬مرة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2010،‭ ‬بلغت‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬إجمالي‭ ‬ديون‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية‭ ‬وذلك‭ ‬بنسبة‭ ‬48.9‭ % ‬بعد‭ ‬ذروة‭ ‬بلغت‭ ‬70.7‭ % ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬جوان‭ ‬2019‭ .‬

و‭ ‬تعكس‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭  ‬التوجه‭ ‬الذي‭ ‬انتهجته‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية‭  ‬الذي‭ ‬أعطى‭ ‬الأولوية‭ ‬لاستخلاص‭ ‬الدين‭ ‬الخارجي‭ ‬لتخفيف‭ ‬عبء‭ ‬المديونية‭ ‬الخارجية‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭  ‬منذ‭ ‬2011‭ ‬إذ‭ ‬ارتفعت‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬43‭ ‬بالمائة‭ ‬سنة‭ ‬2012‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬81‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬سنة‭ ‬2021‭. ‬ولئن‭ ‬شهد‭ ‬الدين‭ ‬العمومي‭ ‬بداية‭ ‬تراجع‭ ‬و‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬إيجابي‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬النسبة‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬مرتفعة‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الدين‭ ‬الداخلي‭ ‬آخذ‭ ‬في‭ ‬الارتفاع‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قررت‭ ‬الدولة‭ ‬الاقتراض‭ ‬من‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬التونسي‭ ‬والبنوك‭ ‬المحلية‭ ‬واللجوء‭ ‬إلى‭ ‬الاكتتاب‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬تستأثر‭ ‬البنوك‭ ‬التونسية‭ ‬بقسط‭ ‬كبير‭ ‬منه‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬شكلا‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬التداين‭ ‬الداخلي‭ ‬الذي‭ ‬له‭ ‬تداعيات‭ ‬سلبية‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭  ‬حجم‭  ‬السيولة‭ ‬المالية‭ ‬لدى‭ ‬البنوك‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيقلص‭ ‬من‭ ‬نسبة‭  ‬إقراض‭ ‬المستثمرين‭ ‬وبالتالي‭ ‬تعطيل‭ ‬المشاريع‭ ‬الاستثمارية‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬احد‭ ‬أبرز‭ ‬مصادر‭ ‬خلق‭ ‬الثروة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أن‭ ‬المبالغ‭ ‬التي‭ ‬تقترضها‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬البنوك‭ ‬المحلية‭ ‬يوجه‭ ‬أغلبها‭ ‬للنفقات‭ ‬العمومية‭ ‬وليس‭ ‬للمشاريع‭ ‬التنموية‭ ‬والاستثمار‭ ‬العمومي‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يبقي‭ ‬على‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ولا‭ ‬يدفع‭ ‬نحو‭ ‬تعافي‭ ‬الاقتصاد‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التداعيات‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬التضخم‭ ‬وتراجع‭ ‬المقدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطن‭ .‬

ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬يبقى‭ ‬استخلاص‭ ‬جزء‭ ‬هام‭ ‬من‭ ‬الدين‭ ‬الخارجي‭ ‬مؤشرا‭ ‬إيجابيا‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬التعافي‭ ‬التدريجي‭ ‬للاقتصاد‭ ‬والتخفيف‭ ‬من‭ ‬عبء‭ ‬المديونية‭ ‬الخارجية‭ ‬وكذلك‭ ‬الدين‭ ‬الداخلي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توفير‭ ‬موارد‭ ‬مالية‭ ‬ذاتية‭ ‬توجه‭ ‬للتنمية‭ ‬والاستثمار‭ .‬

تجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬مذكرة‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭ ‬كشفت‭ ‬أن‭ ‬قائم‭ ‬الدين‭ ‬العمومي‭ ‬سجل‭ ‬زيادة‭ ‬بنسبة‭ ‬6.5‭ % ‬ليصل‭ ‬الى‭ ‬127.4‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬عام‭ ‬واحد،‭ ‬وهو‭ ‬أدنى‭ ‬معدل‭ ‬زيادة‭ ‬منذ‭ ‬أزمة‭ ‬كوفيد‭. ‬ويعود‭ ‬هذا‭ ‬التباطؤ‭ ‬بشكل‭ ‬اساسي‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬الدين‭ ‬الخارجي‭ ‬للدولة‭ ‬التونسية،‭ ‬الذي‭ ‬تقلص‭ ‬نهاية‭ ‬جوان‭ ‬2024،‭ ‬بنسبة‭ ‬9.1-‭ % ‬مقارنة‭ ‬بذات‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬السابق‭.‬

كما‭ ‬تسعى‭ ‬السلط‭ ‬إلى‭ ‬تنويع‭ ‬مصادر‭ ‬تمويل‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬للدولة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬مكّن‭ ‬من‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬العجز‭ ‬فيها‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬بلغ‭ ‬في‭ ‬الأعوام‭ ‬الفارطة‭ ‬مستويات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭.‬

هذا‭ ‬ويعد‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬النمو‭ ‬المستمر‭ ‬لمستويات‭ ‬المديونية‭ ‬عاملا‭ ‬حاسما‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬القدرات‭ ‬الإنتاجية‭ ‬للدولة‭ ‬ودفع‭ ‬فعالية‭ ‬النظام‭ ‬الضريبي‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬عجز‭ ‬الميزانية‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬ضمان‭ ‬استدامة‭ ‬الدين‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد‭ ‬يشترط‭ ‬تطوير‭ ‬آليات‭ ‬الاستثمار‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحسين‭ ‬مناخ‭ ‬الأعمال‭ ‬لإنعاش‭ ‬الاستثمار‭ ‬الخاص‭ ‬ومواصلة‭ ‬حماية‭ ‬الشركات‭ ‬والأسر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الموازي،‭ ‬وهيكلة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استهداف‭ ‬القطاعات‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬العالية‭ ‬والمحتوى‭ ‬المعرفي‭ ‬العالي‭ ‬وتعزيز‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬والبيئي‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

الدورة 38 لأيام المؤسسة من 5 إلى 7 ديسمبر المقبل : طرح للمستجدات الاقتصادية و كيفية التأقلم معها محليا و عالميا

تحت شعار «المؤسسة والتحولات الكبرى: التأقلم والفرص المتاحة» ستحتضن جوهرة الساحل سوسة فعالي…