الفرصة الجديدة والمدرسة الثانية: آليات مبتكرة لمعالجة الانقطاع المدرسي لكن إلى أي حدّ؟
في ظل ما تعيشه المنظومة التربوية في تونس من تدهور ملحوظ وتراجع مستمر يعكسهما ضعف مؤهلات ومكتسبات التلاميذ في مختلف المراحل التعليمية، تبقى معضلة الانقطاع المبكر عن الدراسة من أهم الهواجس التي تشغل اهتمام أهل الاختصاص والمشرفين على قطاع التربية .
اذ تشير الأرقام المعلنة ورغم اختلافها من تصريح رسمي الى اخر ان معدل هذه الظاهرة يقدر بما يقارب الـ 100 الف منقطع سنويا وهومعدل ضخم بالنظر الى المجهودات المبذولة وتأثيره يتعدّى الفرد الذي هوفي واقع الأمر طفل مايزال يشق طريقه في مستهل الحياة..ليشمل في ما بعد الاسرة والمجتمع والاقتصاد من خلال انتشار الأمية والبطالة والجريمة وتأجيج هاجس الهجرة غير المنظمة داخل العقول اليافعة …إلى غير ذلك من التداعيات النفسية والاجتماعية الخطيرة التي نلاحظها اليوم في المجتمع.
الفرصة الجديدة
وبهدف تأهيل وتكوين شريحة هامّة من الشّباب المنقطعين عن الدّراسة وتسهيل إدماجهم الاجتماعي والاقتصادي، تم مؤخرا، افتتاح مقر «منظومة الفرصة الجديدة» بسوسة التي تندرج في إطار برنامج التعاون المنجز من قبل المعهد الأوروبي للتعاون والتنمية والممول من قبل الوكالة الفرنسية للتنمية ويطمح هذا البرنامج الذي يستهدف ألف شاب ، إلى إحداث آليات جديدة ومتجدّدة لفائدة الشبان المنقطعين عن الدراسة الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة ، من خلال الاستجابةلاحتياجاتهم الخصوصية ورسم مشاريعهم المهنية وتيسير إدماجهم في الحياة النشيطة .
ووفق ما صرح به رئيس ديوان وزير التشغيل والتكوين المهني عبد القادر الجمالي خلال الافتتاح فإن الوزارة انطلقت في العمل على هذا المشروع منذ سنة 2022 للحدّ من ظاهرة العزوف المبكر للشبان عن الدراسة مبينا أنه وقع الاختيار على ولاية القيروان لأنها تضمّ نسبة عالية من المنقطعين عن الدراسة وولاية سوسة لما تزخر به من نسيج اقتصادي من شأنه أن يساعد فيما بعد على استقطاب الباحثين عن شغل وتم على هامش تدشين مقر منظومة الفرصة الجديدة بسوسة ، إمضاء عدد من اتفاقيات التعاون لتنفيذ المشروع بين المعهد الأوروبي للتعاون والتنمية وجملة من الجمعيات والمؤسسات المهنية و الاقتصادية.
وعلى غرار الفرصة الجديدة وبهدف الاستثمار في الطاقات الشبابية وتيسير إعادة اندماجهم الاجتماعي والاقتصادي من خلال توفير التوجيه والإحاطة المشخصة لفائدة شريحة اليافعين المنقطعين عن الدراسة البالغ سنهم من 14 إلى 18 سنة وتمكينهم من فرصة ثانية لاستئناف الدراسة بالمؤسسات التربوية او التوجه نحوالتكوين المهني أو إعدادهم للاندماج في سوق الشغل عبر مختلف البرامج النشيطة للتشغيل وآليات المبادرة الخاصة ومساعدتهم على بناء مشروعهم المهني والاجتماعي تم في اطار التعاون التّونسي البريطاني وبالشراكة مع المنظمة الأممية للطفولة بتونس «اليونيسيف» وتحت إشراف وزارة التشغيل والتكوين المهني، افتتاح مؤسسة مدرسة الفرصة الثانية بالقيروان يوم الاثنين 15 جانفي 2024 وهي مؤسسة فرعية ترجع بالنظر للوكالة التونسية للتكوين المهني وهي الاولى من نوعها صلب المنظومة الوطنية للتكوين المهني العمومية موجهة لفائدة شريحة المنقطعين عن الدراسة بالقيروان ،التي تبلغ فيها نسبة الإنقطاع المدرسي حوالي 8 % من عدد المسجلين أي حوالي 3200 تلميذ منقطعا عن الدراسة سنويا، لذا يهدف إحداث مدرسة الفرصة الثانية بهذه الولاية خاصة إلى الاستثمار في الطاقات الشبابية وتيسير اندماجهم الاجتماعي والاقتصادي وذلك من خلال استدراك خروج الشريحة العمرية بين 12و18 سنة من المدرسة،واستئناف التكوين والتأهيل واكتساب المعارف العامة وتنمية كفاءات الحياة لديهم.
يذكر انه وقع تدشين لأول مرة في تونس مدرسة الفرصة الثانية بتاريخ 6 أفريل 2021 بمنطقة باب الخضراء بتونس العاصمة بهدف إعادة تكوين التلاميذ المنقطعين عن التعليم وإعادة إدماجهم في مسارات تكوينية وتربوية أو إدماجهم في سوق الشغل أو مساعدتهم على بناء مشروعهم المهني والاجتماعي و تشير الارقام المعلنة آنذاك انه تم تسجيل تراجع في نسبة الانقطاع المدرسي حيث بلغ عدد المنقطعين وفق اخر الإحصائيات ما بين 63 و64 الف تلميذ بعد أن كان الرقم في حدود 100 ألف خلال السنوات الماضية وذلك بفضل إحداث مدرسة الفرصة الثانية والمدارس الإعدادية التقنية التي تضم فئة من التلاميذ أغلبهم فقدوا حق البقاء بالمؤسسات التربوية لذلك نتساءل إلى أي حد ستتمكن هذه المشاريع والإحداثات من القضاء على معضلة الانقطاع المبكر عن الدراسة الذي وجد طريقا خصبا في ظل ما تشهده تكاليف الدراسة من شطط وغلاء…؟
مكافحة فيروس فقدان المناعة المكتسبة : مجهودات توعوية متواصلة من أجل القضاء عليه
قريبا ستحتفل بلادنا كغيرها من الدول باليوم العالمي للسيدا الموافق لغرة ديسمبر من كل سنة و…