المد التضامني المدرسي : هل يكفي لمجابهة تكاليف العودة المشطة؟
بدأ العد التنازلي للعودة المدرسية وبدأت معه حيرة وقلق الأولياء حول كيفية تأمين مستلزمات الدراسة في وقت تسجل فيه تكلفة هذه العودة ارتفاعا مشطا من موسم إلى آخر.
حيث يجمع الكثير من الملاحظين والمهتمين بالمسألة التعليمية وخاصة أولياء التلاميذ ان تكاليف العودة المدرسية اصبحت باهظة جدًا وباتت تشكل عبءا ثقيلًا على المواطن الذي أصبح عاجزًا عن مجابهتها لاسيما في ظل ما تشهده المقدرة الشرائية من تراجع واستنادًا إلى المؤشرات الصادرة عن المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك، يتبيّن أن كلفة العودة المدرسية لتلميذ المرحلة الابتدائية يمكن أن تصل خلال السنة الدراسية 2024 / 2025 إلى نحو700 دينار، فيما تقدّر كلفة العودة لتلميذ المرحلة الثانوية بـ815 دينار وذلك في مقابل كلفة ناهزت العام الفارط 600 دينار بالنسبة لتلميذ في المرحلة الأساسية ، فيما قدّرت كلفة العودة لتلميذ المرحلة الثانوية بـ 700 دينار.
ولمجابهة هذه التكلفة المشطة وتحقيق الاستدامة جميع مكونات برنامج «الأمان الاجتماعي» ودعما للأسر الفقيرة ومحدودة الدخل ولمساعدتها على مجابهة المصاريف الإضافية بمناسبة العودة المدرسية والجامعية ،دعت وزارة الشؤون الاجتماعية العائلات المسجلة ببرنامج الامان الاجتماعي الى الاسراع في تسجيل ابنائها بالمؤسسات التربوية بما يضمن لهم الاستفادة من المساعدات المدرسية والجامعية مبينة ان هاته المنحة سوف تصرف مرة واحدة في بداية السنة الدراسية 2025/2024 ودعت الوزارة، في هذا الإطار، العائلات المسجلة في برنامج الأمان الاجتماعي إلى الإسراع بترسيم أبنائها التلاميذ بالمؤسسات التربوية بالنسبة للسنة الدراسية الجديدة 2025-2024 «بما يضمن لهم الاستفادة من المساعدات المدرسية والجامعية، التي تصرفها الوزارة لفائدتهم، في أفضل الآجال» وفقها وتتمثل هذه المساعدات في صرف تحويل مالي قدره 100 دينار لكل طفل يدرس في المستوى الأساسي أو الإعدادي أوالثانوي وأيضًا بالتكوين المهني والتدريب، و120 دينار لكل طالب من مختلف المستويات الجامعية مع الاشارة أن برنامج المساعدات الاجتماعية لفائدة التلاميذ والطلبة من أبناء العائلات المفقّرة ومحدودة الدخل المسجلة بمنظومة الأمان الاجتماعي قد استهدف خلال العودة المدرسية والجامعية 2024/2023 نحو500 ألف تلميذ و30 ألف طالب و18 ألف تلميذ مسجلين في السنة التحضيرية.
بدوره اعلن الإتحاد التونسي للتضامن الإجتماعي عن اعتزامه توفير مساعدات عينية تتمثل في الأدوات المدرسية من كراسات وكتب ومعدات هندسية وأقلام ألوان ومحافظ وملابس وأحذية موجهة لتلاميذ مراحل التعليم الأساسي والإعدادي والثانوي من المنتمين لعائلات مسجلة في برنامج الأمان الإجتماعي ومحددة ضمن قائمات تتولى وزارة الشؤون الاجتماعية اعدادها.
ولرفع تحدي العودة المدرسية تتكثف مع اقتراب كل موسم دراسي ايضا مجهودات المنظمات والجمعيات الخيرية في مختلف ربوع البلاد لجمع وتوزيع المساعدات على أبناء الأسر المعوزة كما تتكثف الدعوات والنداءات على منصات التواصل الاجتماعي، من قبل نشطاء المجتمع المدني للانخراط في حملات توفير المستلزمات المدرسية لآلاف التلاميذ القاطنين في مناطق فقيرة والذين تواجه عائلاتهم صعوبات في التكفل بعودتهم إلى المدارس ،لكن يبقى السؤال المطروح اليوم هل أن هذه المساعدات والمد التضامني قادرة بالفعل على مساعدة أولياء التلاميذ على مجابهة غول الغلاء ومعضلة الدروس الخصوصية التي مازالت تستنزف المقدرة الشرائية للمواطن التونسي هذا إلى جانب تكاليف النقل والسكن للتلاميذ والطلبة الذين يضطرون للتنقل من أجل التحصيل العلمي وقد أظهرت في الإطار دراسة بعنوان « انفاق المجتمع على التعليم: بين وهم المجانية والارهاق المادي للعائلات »، أعدها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في مدينة المنستير كعينة ميدانية أن كلفة العودة المدرسية زادت بنسبة 48 بالمائة من 2021 الى 2023 بسبب ارتفاع أسعار المواد المدرسية حيث بلغ معدل الزيادة في أسعار الكراس المدرسي 75 بالمائة وتطورت كلفة مستلزمات العودة المدرسية بـ 39 بالمائة، حسب ما صرح به المختص في المجال التربوي عضو المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية منير حسين، في ندوة صحفية نظمها المنتدى سابقا بالعاصمة لتقديم نتائج هذه الدراسة.
وأكدت الدراسة أن 67 بالمائة من العائلات تختار الدروس الخصوصية لإضفاء السند المعرفي للتلميذ وأن ثمن الساعة الواحدة من الدروس الخصوصية يتراوح بين 15 و20 دينارا ويتراوح ثمن الحصة الواحدة (مجموعة ساعات) بين 30 و40 دينارا للتلاميذ ويتضاعف هذا المعدل في فترات الامتحانات وخلصت الى أن مجموع الكلفة الشهرية للدروس الخصوصية في كامل الجمهورية يتجاوز 146 ألف دينار.
78 بالمائة منهم يريدون العودة : هل ستنجح تونس في استعادة كوادرها الطبية؟
كشفت نتائج دراسة أصدرها معهد الدراسات الاستراتيجية في مارس 2024،حول هجرة مهنيّي الصحّة ان …