من المنتظر أن تشارك تونس في منتدى التعاون الصيني الإفريقي الذي سينعقد بالعاصمة بيكين من 04 إلى 06 سبتمبر القادم، تحت عنوان «التكاتف لدفع التحديث وبناء مجتمع صيني-إفريقي رفيع المستوى ذي مستقبل مشترك» وينتظر ايضا أن تشهد هذه التظاهرة الضخمة مشاركة رؤساء دول وحكومات إفريقية نظرا لأهميتها في تعزيز علاقات هذه الدول الافريقية بالصين في مستوى استقطاب استثمارات كبيرة وتعزيز العلاقات الاقتصادية عموما معها، خاصة وان الاستثمارات الصينية والشراكة الصينية الإفريقية لعبت دورا مهما في تحسين البنية الأساسية في افريقيا كما ساعدت إسهامات الصين بفعالية في دعم الاقتصادات الإفريقية في السنوات الأخيرة.
وبالنسبة لتونس مثّلت المشاركة في هذا المنتدى محور لقاء رئيس الحكومة السيد كمال المدّوري،الثلاثاء 20 أوت 2024 بسفير جمهورية الصين الشعبية بتونس السيد «وان لي» Wan Li. حيث ثمّن رئيس الحكومة العلاقات المتميزة بين البلدين وحرص بلادنا على مزيد تطويرها والاستفادة من فرص التعاون خاصة في المجال الاقتصادي بما يخدم مصلحة البلدين.من جهته نوّه السفير بمستوى التعاون القائم بين تونس والصين،مؤكّدا استعداد بلاده لمواصلة العمل المشترك والارتقاء بمستوى التعاون بين البلدين ودعم آفاقه المستقبلية.
وهذا الاستعداد من الطرف الصيني على تطوير التعاون بين البلدين يعدّ مؤشرا ايجابيا يدعو بلادنا الى ضرورة إيلائه الاهمية المطلوبة نظرا لما يمكن ان يفتحه من فرص وما يتيحه من استثمارات تساعد على إنجاز مشاريع كبرى في مجال البنية التحتية و الطاقة.. وما يطرحه من امكانات تساهم في تحقيق بعض التوازن في المبادلات الاقتصادية بين البلدين. وهو ما دعا له أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي نظرا لأهمية هذه المشاركة التي يرى انها لا بد ان تكون في اطار رؤية واضحة المعالم للحكومة وان نجاحها رهين تمكّن الوفد المشارك في هذا الملتقى الاقتصادي من هذه الرؤية ومدى وضوحها لديه مضيفا أن تونس يجب أن تبحث عن تموقعها في إطار مشاركتها في هذا المنتدى من خلال محادثاتها مع الصين لتدعيم البنية التحتية بين تونس وليبيا وتونس والجزائر في إطار مبادرة الحزام والطريق الصينية وعبر إعتماد هذا التقارب الثلاثي كخطوة للمرور إلى الأسواق الافريقية. مشيرا إلى أن الاستثمارات الصينية هي استثمارات كبرى في انجاز مشاريع البنية التحتية.اما استثمارات الشركات الصينية الخاصة فهذه تستوجب مجهودا كبيرا من طرف الحكومة التونسية في اتجاه تحسين مناخ الاعمال وتهيئته لجلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة من بينها الاستثمارات الصينية. وبالتالي ما يمكن أن تجنيه تونس مبدئيا من الصين وفق الشكندالي هو تأهيل المعابر والبوابات والبنية التحتية عموما بين تونس وليبيا وتونس والجزائر التي تتيح تطوير التجارة الخارجية مع البلدان الإفريقية عبر الاستفادة من عضوية تونس وليبيا في منظمة شرق وجنوب أفريقيا، الكوميسا.
كما أفاد الشكندالي ان الدول الافريقية التي استقطبت الاستثمارات الصينية هي دول أنجزت إصلاحات اقتصادية كبيرة وعملت على تحسين مناخ أعمالها،وبالتالي فإن تونس اذا ما أرادت استقبال استثمارات صينية ضخمة أو اجنبية أخرى لا بد لها من تحسين مناخ الاعمال بما يتطلبه ذلك من تقليص للبيروقراطية وللإجراءات الإدارية المعقدة وتخفيض نسبة الجباية العالية علاوة على تقديم خطاب اقتصادي مطمئن للمستثمرين. من جهة ثانية شدد الشكندالي على أن العجز التجاري لتونس مع الصين مردّه أن الاتفاقات مع الصين هي اتفاقات جزئية تشمل فقط المبادلات التجارية ولا تشمل الاستثمارات، وذلك على عكس الدول الأخرى التي لها مع تونس فائض تجاري مثل فرنسا وايطاليا فهي دول لنا معها اتفاقات شاملة لا تضم فقط المبادلات التجارية والتخفيض في الاداءات الجمركية ولكن تضم أيضا مستوى الاستثمارات.وهو ما يجعل الصادرات ترتفع وتسجل فائضا مع هذه الدول.ومن ثم ومن أجل تسجيل فائض تجاري مع الصين عوض العجز التجاري الحالي من الضروري أن تكون الاتفاقات شاملة للاستثمارات ولا تضم فقط المبادلات التجارية. وهذا يتطلب في نظره مجهودا من طرف الحكومة التونسية في إطار تحسين مناخ الاعمال فضلا عن وجود رؤية واضحة للحكومة تشمل المشاريع المبرمجة للبنية التحتية في إطار ميزانية الدولة لسنة 2024 وفي اطار المخطط للسنوات القادمة الى حدود سنة2030 عبر الدخول في إطار الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص من الجانب الصيني لتنفيذ المشاريع الكبرى التي تعطي نوعا من الأريحية في مستوى ميزانية الدولة وتقلص اللجوء الى الاقتراض الخارجي.
وتجدر الإشارة إلى أن عجز الميزان التجاري للسلع المسجل على المستوى الجملي للمبادلات خلال الأشهر السبعة الأولى من سنة 2024 فاق 9633 مليون دينار وهو يعود بالأساس إلى العجز المسجل مع بعض البلدان كالصين بقيمة -4712 مليون دينار تقريبا وروسيا -3295 مليون دينار والجزائر -2214 مليون دينار وتركيا-1610 مليون دينار مع العلم أن العجز التجاري التونسي سجل تراجعا إلى 9633مليون دينار تقريبا بعد أن كان في حدود 10226 مليون دينار خلال نفس الفترة من سنة 2023.
من أجل تحقيق الأمن الغذائي..
لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …