معبر رأس الجدير في شلل تام من جديد: المحنة الليبية تلقي بظلالها على المشهد التونسي
توقفت الحركة في معبر رأس جدير من جديد ليدخل في حالة شلل تام جراء إشكاليات متصلة بالجانب الليبي وهو ما جعل الضغط المروري يتكثف على معبر ذهيبة وازن ويخلق أجواء من التوتر في هذا المعبر.
والحقيقة ان تداعيات الوضع الداخلي الليبي على تونس أصبحت مقلقة. ورغم اننا نردّد في كل مرة أن أمن تونس من أمن ليبيا وأننا رغم كل شيء لا نريد ان نتدخل في شؤون الاشقاء إلا ان الأزمة الليبية ألقت بظلالها على أوضاعنا الداخلية.
وعلينا الإقرار بأن غياب الحل للأزمة في هذا البلد الشقيق قد ساهم بشكل مباشر في تعقيد بعض الأوضاع الأمنية والاقتصادية لبلادنا.
ولعل العنوان الدال على ما نقول هو قطعا الارتباك الحاصل على مستوى معبر رأس الجدير الذي يخضع بشكل مباشر للتوترات القائمة في الداخل الليبي بل إن فتحه وغلقه أصبح «رهين» «المزاج العام» للفرقاء السياسيين في هذا البلد الذي تأجلت فيه الانتخابات وإرساء المؤسسات الدستورية بفعل الصراع على السلطة بين الفاعلين السياسيين الليبيين وبسبب تعارض وتناقض مصالح عديد الدول التي لها موطأ قدم على الأرض الليبية والتي دخلتها بإيعاز من أبناء البلد انفسهم وهم مع الأسف آثروا ان يكون للآخر نفوذ في وطنهم.
ورغم أن تونس بسلطتها السياسية وشعبها لا تقحم نفسها في الشأن الليبي الداخلي ولا تريد تقديم الدروس لهذا البلد الشقيق وغيره إلا ان العلاقات المتينة بين البلدين الجارين ووشائج القربى المتعلقة بوحدة التاريخ ووحدة المصير تحتم علينا ان يكون لنا دور بشكل من الأشكال في حلحلة الأزمة القائمة وإيجاد حلول لها في المدى المنظور حتى تستقر الأوضاع في ليبيا التي تعيش محنة الحرب والصراع على السلطة وتشظي هذا الكيان منذ ما يزيد عن عقد من الزمن فقد تفتّتت الدولة المركزية التي والحق يقال كانت هشة وضعيفة منذ زمن حكم العقيد القذافي وكان من الطبيعي ان لا تصمد كثيرا أمام أحداث فيفري 2011 التي عصفت بالأخضر واليابس في هذا البلد.
وفي هذا الخضم ومع إعادة اغلاق معبر رأس الجدير بإيعاز من الجانب الليبي فإن الديبلوماسية التونسية مدعوة الى التحرك بسرعة ونجاعة من أجل تخفيف التداعيات الأمنية والاقتصادية على بلادنا والتفاوض مع الجانب الليبي من أجل ضمان ديمومة عمل هذا المعبر.
كما أنه جدير بالذكر أن تونس احتضنت قمة تشاورية ثلاثية حضرها الرئيس قيس سعيد والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد يونس المنفي وذلك في أواخر أفريل الماضي. وكان من أبرز مخرجات هذا الاجتماع التأكيد على «أهمية الإدراك المشترك بضرورة توحيد المواقف وتكثيف التشاور والتنسيق لتدعيم مقومات الأمن والاستقرار والنماء بالمنطقة كلها وتعزيز مناعتها لاسيما مع بروز متغيرات ومستجدات إقليمية متلاحقة وفارقة ، لم يعد بإمكان أي دولة مواجهة تداعياتها بمفردها».
كما شدد القادة المجتمعون في تونس وقتها على «أن هناك حاجة ملحّة لأن يكون للدول الثلاث صوت مسموع وموحّد وحضور مؤثر وفاعل في مختلف فضاءات الانتماء الإقليمية والدولية».
إذن وبناء على مخرجات هذه القمة الثلاثية يمكن القول أن بلادنا مدعوة الآن الى الدعوة الى اجتماع عاجل من أجل التباحث بشأن تعقيدات الوضع الليبي الداخلي والسعي الى توحيد صف الفرقاء في هذا البلد عبر وساطة البلدين الجارين تونس والجزائر من اجل تخفيف حدة التداعيات عليهما من ناحية وأيضا من أجل تحقيق الهدوء والاستقرار لليبيا الشقيقة.
التشغيل في تونس : «أم المعارك» التي لا بدّ من خوضها
لا شك ان احد الرهانات المطروحة على تونس اليوم هو التشغيل بكل ما يعنيه هذا الملف من تعقيد …